كيف لإرهابي خطير أن يجتاز مطار قرطاج الدولي بتونس دون جواز سفر أو اتخاذ الإجراءات الإدارية والأمنية المعمول بها؟استفهام متفجر في تونس يفتح ملف اختراق أجهزة الدولة من قبل الإخوان، حتى باتت المؤسسات "مفخخة" مكلفة بمهمة تيسير تنفيذ أجندة الفرع الإرهابي بالبلاد.قد لا يحتاج السؤال للكثير من الفطنة لمعرفة أن بلدا يحكم الإخوان قبضته على مفاصله، يمكن أن يشهد حادثة مماثلة، وهو الذي يعيش منذ عقد من الزمن على وقع سلسلة من الاختراقات التي بدأت مبكرا منذ عام 2011.آخر الاختراقات الحاصلة تسهيل عناصر من أمن مطار تونس قرطاج مرور إرهابي رحلته تركيا دون إحالته إلى الوحدات الخاصة لمكافحة الإرهاب، رغم أنه كان يقضي عقوبة السجن لمدة 6 سنوات، على خلفية انتمائه لتنظيم داعش وارتكابه جرائم ضد الإنسانية.وعلى إثر هذه العملية التي كشفتها نقابات أمنية، قررت الحكومة - تحت ضغط الرأي العام - إقالة قيادات أمنية بارزة بالمطار، في محاولة لذر الرماد بعيون تترصد بعجب فصول الإخوان.وفي تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، قالت مصادر أمنية مفضلة عدم الكشف عن هويتها كونها غير مخولة بالتصريح للإعلام، إن السلطات التونسية أقالت، الثلاثاء، 5 مسؤولين أمنيين بوزارة الداخلية.وأوضحت أن الإعفاءات جاءت على خلفية السماح بدخول إرهابي مصنف خطيرا دون جواز سفر إلى الأراضي التونسية عبر مطار تونس قرطاج قادما من تركيا، وعدم اتخاذ الإجراءات الإدارية والأمنية المعمول بها في مثل هذه الحالات.ويتعلق الأمر بإعفاء كل من رئيس محافظة مطار تونس قرطاج، ورئيس مصلحة الاستعلامات، إضافة إلى كل من رئيس مصلحة الإرهاب، ورئيس مصلحة الإرشاد ورئيس مصلحة الإجراءات الحدودية.وبحسب المصادر نفسها، فإن الإرهابي يدعى جمال الريحاني وقد تم ترحيله من تركيا حيث كان يقضي عقوبة السجن لمدة 6 سنوات، على خلفية انتمائه لتنظيم داعش وارتكابه جرائم ضد الإنسانية.ولفتت إلى أن دخول الإرهابي إلى الأراضي التونسية جرى الجمعة الماضي، وقد اجتاز المطار دون جواز سفر أو الخضوع للإجراءات المعمول به، أي خارج الصيغ القانونية.وتتجه أصابع الاتهام في هذا الملف إلى قيادات إخوانية بوزارة الداخلية، خصوصا أن بعض التقارير تحدثت عن أن السلطات التونسية كانت تعلم مسبقا بترحيل الإرهابي الذي عاد على متن الخطوط التركية ومن خلال رخصة مرور صادرة عن سفارة تونس بإسطنبول.وليست هذه الأولى التي تتورط فيها أيادي الإخوان في التغطية على عناصر إرهابية ،فقد كشفت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي (هيئة تضم قرابة 100محامي) تورط زعيم التنظيم راشد الغنوشي في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر .وكان عضو الهيئة أنور القوصري، قد أكد في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، استماع الإدارة الخاصة بمكافحة الإرهاب لراشد الغنوشي العام 2019، حول قضية اغتيال بلعيد والبراهمي ومساهمته في تسفير 3 آلاف شاب للقتال في سوريا والعراق بشكل خاص.وتوجه الهيئة منذ ثلاثة سنوات الاتهام لحركة النهضة وزعيمها بالوقوف وراء كل العمليات الإرهابية التي هزت تونس في أكثر من مناسبة واستهدفت عناصر من الشرطة والجيش وحتى المدنيين .في عام 2011، وحين وضع الإخوان أياديهم على تونس، بادروا بـ"تلغيم" الجيش والشرطة والجمارك، من منطلق إدراكهم أن اختراق الأمن يؤمن تنفيذ جزء كبير من مخططاتهم.وبالفعل، قام التنظيم بانتدابات في أجهزة الأمن، منحت فيها الأولوية لأبناء أعضائه وأنصاره والمتعاطفين معه والمستقطبين من الشباب، فكانت النتيجة أمنا ملغوما بعشرات الآلاف من الإخوان، في وقت يشترط فيه الدستور التونسي أن تكون أجهوة هذا القطاع الحساس "جمهورية" لا تخضع إلا لعقيدة الدولة وحماية سيادتها.وبمرور السنوات، توسع "نفوذ" الإخوان داخل المؤسسات الأمنية، وباتت مظاهر "الأدلجة" تظهر في بعض سلوك الأمنيين، علاوة على ما يحدث في الكواليس من تجارة بالسلاح والبشر، يرجح أن الغنوشي يقودها، فيما يؤمنها أذرعه بالمؤسسات الأمنية المعنية.ومن المواقع التي استهدفتها أيضا آلة التمكين الإخواني؛ الإدارة التونسية، حيث مكنت الآلاف من أنصارها من تقلد مناصب هامة بدوائر القرار، ما منحها لاحقا شبكة واسعة لإدارة مصالحها وأجندتها بشكل سلس لا تعوقه مصلحة الدولة.الوزير السابق حسين الديماسي، كشف في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، أن حركة النهضة كلفت الدولة انتدابات في الإدارة التونسية بلغت 500 مليون دولار ،ضمت أنصارها والعناصر المقربة منها .وشدد الوزير على أن الانتدابات في الإدارة التونسية لم تكن ذات جدوى، ووقعت جلها في عهد حكومة حمادي الجبالي في 2012 (إخوان) حيث تم إغراق الخزينة العامة للدولة بانتدابات عشوائية .فيما يؤكد شهود عيان، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الحركة الإخوانية زرعت أنصارها في الإدارات التونسية لرفع تقارير يومية لمكتبها السياسي، أي أنها تجند موظفي الدولة جواسيس لخدمة مصالح حزبية تضرب الدولة نفسها.وتعتمد الحركة المعطيات الشخصية للتونسيين في عمليات الابتزاز السياسي وشراء الأصوات واستغلال الوضعيات الاجتماعية الهشة للتعبئة الجماهيرية، في أساليب تتكرر في جميع الاستحقاقات المصيرية التي تشهدها البلاد.