خيارات صعبة كانت بانتظار الأفغاني "حسين" وهو يشاهد آخر طائرة إجلاء تغادر مطار كابول دون أن يستطيع اللحاق بها.

وبينما كان آخر الجنود الأمريكيين يستعدون للرحيل عن أفغانستان، ظل حسين الذي يحمل جواز سفر أمريكيا ويعمل لحساب الجيش الأمريكي ينطلق مع بناته الست عبر حواجز طالبان الأمنية إلى بوابات مطار كابول على مدى عدة أيام على أمل اللحاق برحلة تنقله إلى بر الأمان.

ظل حسين يتصل بالسفارة الأمريكية ويراسلها بالبريد الإلكتروني لأيام دون أن يأتيه رد. ثم اتصل به جندي أمريكي لإبلاغه بأن فرصته الوحيدة لركوب طائرة أن يكون بمفرده دون بناته اللاتي لا يحملن الجنسية الأمريكية.

كانت زوجة حسين قد توفيت في يوليو/تموز جراء إصابتها بكوفيد-19 وكان سفره وحده معناه التخلي عن بناته.

ومساء الإثنين، وقف أفراد الأسرة وسط الحشود خارج مطار كابول وسمعوا أزيز آخر طائرة أمريكية من طراز سي-17 عند إقلاعها منهية التدخل العسكري الأمريكي الذي استمر عقدين في أفغانستان.

حسين قال لرويترز إنه أصبح الآن واحدا من عدد غير معروف من الناس في أفغانستان يفكرون في القيام برحلة برية تنطوي على مخاطر كبيرة.

وأضاف حسين، الذي طلب إخفاء بقية اسمه لأسباب أمنية: "أسمع من الأخبار والأقارب أن الآلاف ينتظرون عند حدود أفغانستان مع باكستان ويحاولون الدخول".

وتساءل "لا أعرف هل يجب أن أتوجه إلى طاجيكستان؟"، مبديا قلقه بشأن قدرته على رعاية بناته على الطريق إذا ما قرر الذهاب.

وبرحيل القوات الأمريكية وتوقف رحلات الإجلاء والرحلات التجارية من مطار كابول الذي لا يوجد به طاقم للمراقبة الجوية، تركزت الجهود الخاصة لإنقاذ آلاف الأفغان الذين لم تبث تأكيدات طالبان الأمنية الطمأنينة في نفوسهم على ترتيب عبور آمن لحدود أفغانستان البرية حيث إنها لا تطل على بحار.

وربما تمر أيام أو أسابيع قبل استكمال المفاوضات بين طالبان وقطر وتركيا حول كيفية إدارة المطار.

ويقول مشاركون في جهود إجلاء خاصة طلبوا إخفاء هويتهم لأسباب أمنية إن كثيرين بدأوا الرحلة إلى باكستان في اتجاه الشرق والجنوب بينما يحاول آخرون الوصول إلى حدود أفغانستان مع دول آسيا الوسطى.

ويمر المسافرون بحواجز طالبان الأمنية على امتداد مئات الكيلومترات من الطرق الوعرة متنقلين بسيارات خاصة وحافلات عامة وحافلات صغيرة. وهذه الرحلات محفوفة بالخطر خاصة بالنسبة لضباط الجيش والأمن والمسؤولين الحكوميين السابقين.

وقال مسؤول أمريكي سابق ينتمي لشبكات غير رسمية ساعدت المواطنين الأمريكيين وحملة البطاقات الخضراء والأفغان المعرضين للخطر في تحاشي الفوضى حول مطار حامد كرزاي الدولي واللحاق بطائرات الإجلاء "توجد حواجز في مختلف أنحاء البلاد الآن".

وذكرت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أن ما يصل إلى نصف مليون أفغاني قد يفرون من وطنهم بنهاية العام الجاري.

الخيار الوحيد

تم إجلاء أكثر من 122 ألف شخص بينهم حوالي 6000 أمريكي جوا من كابول منذ 14 أغسطس/ آب اليوم السابق لاجتياح حركة طالبان للعاصمة.

وقد تعهد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الإثنين، بمواصلة "الجهد بلا كلل" لمساعدة ما يقرب من 200 أمريكي مازالوا في البلاد والأفغان المعرضين للخطر في الرحيل.

ولا يزال في البلاد عشرات الآلاف من الأفغان الذين عملوا لحساب الحكومة الأمريكية وتقدموا بطلبات للحصول على تأشيرات هجرة خاصة وكثيرون غيرهم عرضة للخطر.

ونشرت وزارة الخارجية إعلانا من جانب حوالي 100 دولة تبدي فيه التزامها بمساعدة الأفغان على الوصول إلى وجهات خارج أفغانستان. لكن لم تشارك أي من الدول المجاورة لأفغانستان في توقيع هذا البيان.

وتعهدت طاجيكستان بقبول 100 ألف لاجئ أفغاني بينما التزمت أوزبكستان بالسماح بالمرور عبر أراضيها للأمريكيين وربما غيرهم. لكن لم يتضح حتى الآن عدد من سمح البلدان لهم بالدخول.

وقال مصدر دبلوماسي مشترطا إخفاء هويته إن باكستان، التي يعيش فيها أكثر من 1.4 مليون لاجيء أفغاني، سمحت بدخول حوالي 2000 أفغاني يعملون لدى بعثات أجنبية ومؤسسات دولية ومنظمات أهلية بتأشيرات مؤقتة لمدة شهر.

غير أن مسؤولا أمريكيا سابقا قال إن طالبان أقامت حواجز أمنية على الطريق الرئيسي المؤدي شمالا إلى أوزبكستان وطاجيكستان منذ انتهاء عمليات الإجلاء الأمريكية من مطار كابول. ويمنع مسلحو الحركة سفر النساء دون مرافق من أسرهن.

وقالت بعض الجماعات الخاصة التي تساعد الأفغان على الهرب إنها تنصح الناس بعدم محاولة الوصول إلى حدود البلاد إلا لمن يعلم أن طالبان تتبع أثره