أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" أن قمة الأمم المتحدة للمناخ في مدينة جلاسكو الاسكتلندية كان يُفترض أن تكون مناسبة مهمة بالنسبة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشيرة إلى افتنانه بالظهور إلى جانب قادة آخرين.
واستدركت، أن أردوغان يمقت الشعور بالاستخفاف، وألغى فجأة مشاركته في القمة، بعدما علِم أن التدابير الأمنية الضخمة التي يتخذها، لن تكون مُتاحة في جلاسكو، عكس نظيره الأميركي جو بايدن.
وأضافت الصحيفة أن الأمن بات هاجساً بالنسبة إلى أردوغان، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في عام 2016. واعتبرت أن غيابه عن قمة جلاسكو قد يُشكّل "هزيمة ذاتية"، نظراً إلى تبنّيه سياسات مؤيّدة للحفاظ على البيئة، مستدركة أنه حاول حشد قاعدته الشعبية في بلاده وإبراز قراره بوصفه مسألة شرف.
وقال الرئيس التركي لدى عودته من أوروبا: "لا نسمح أبداً بالإضرار بسمعة بلادنا أو شرفها في أي مكان. أظهرنا مرة أخرى أنه لا يمكننا إقامة عالم عادل إلا من خلال نهج أكثر إنصافاً".
"ضعيف سياسياً"
واعتبرت الصحيفة أن أردوغان يحكم تركيا منذ 18 سنة، نتيجة اتخاذه قرارات صائبة، مستدركة أنه "ضعيف سياسياً" الآن، وربما أكثر من أي وقت في مسيرته السياسية.
وتتهاوى شعبية الرئيس في استطلاعات الرأي، مع تعثر الاقتصاد، كما سجّلت الليرة التركية الشهر الماضي تراجعاً قياسياً أمام الدولار، فيما ترتفع البطالة لدى أنصاره، وقارب التضخم نسبة 20%.
السياسة الخارجية أداة داخلية
ويواجه أردوغان على نحو متزايد تهديداً من معارضة موحّدة وحيوية، علماً أنه يعتزم أن يصبح الحاكم الأكثر بقاءً في المنصب في الجمهورية التركية التي أعلنها مصطفى كمال أتاتورك، من خلال فوزه في انتخابات 2023. لكنه يُظهر مؤشرات على إحباط متزايد، لأن تكتيكاته المعتادة لم تعُد تنجح، وبات الناخبون قلقين، لا سيّما الشبان المتلهفين إلى التغيير.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن سونر كاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركي في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، قوله في إشارة إلى أردوغان: "أعتقد بأنه قلق وخائف من خسارته السلطة، ويبدو أن هذا أمر معقول، حتى بالنسبة إليه، للمرة الأولى منذ سنوات. إنه يشغل منصبه لفترة طويلة جداً، منذ نحو عقدين، ويعاني من إرهاق مؤسّساتي، ومتعب جداً بحيث يعجز عن تقديم أفضل أداء ممكن ومواجهة المعارضة طوال الوقت".
وينبّه محللون إلى أن التكهّن بسلوك الرئيس التركي قد يصبح أكثر صعوبة، مع اقتراب موعد الانتخابات. وقال سنان أولجن، رئيس "مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية" في إسطنبول، إن أردوغان استخدم السياسة الخارجية بوصفها أداة لتلميع صورته في الداخل، خصوصاً خلال العقد الماضي.
"منع التوتر لينتعش الاقتصاد"
الصحيفة الأميركية أشارت إلى أن أردوغان أهان قادة أجانب، وقدّم نفسه بوصفه زعيماً عالمياً للمغتربين الأتراك، والمسلمين، وأمر باستخدام القوة العسكرية لتركيا في الخارج، بما في ذلك في سوريا وليبيا وأذربيجان، كما أثار توتراً مع اليونان في شرق البحر الأبيض المتوسط، من خلال إرسال سفن حفر للتنقيب عن الغاز.
واعتبر أولجن أن تدهور الاقتصاد التركي دفع أردوغان إلى التخفيف من حدة مواقفه دولياً، وتلطيف خطابه السياسي، منذ نوفمبر الماضي، عندما أقال صهره بيرات ألبيرق من منصب وزير المال. وقال: "القضية الرئيسة الآن تتمثل في منع التوتر، أو استباقه، كي ينتعش الاقتصاد".
لكن أردوغان عاد إلى تكتيكاته القديمة في الأسبوعين الماضيين، متجاهلاً أقرب مستشاريه ومهدّداً بنشوب أزمة دبلوماسية، إذ هدّد بطرد 10 سفراء غربيين، إثر مطالبتهم بالإفراج عن رجل الأعمال التركي المسجون عثمان كافالا، متهماً إياهم بالتدخل في الشؤون الداخلية لتركيا، قبل أن يتراجع فجأة. واعتبر كاجابتاي أن أردوغان اتخذ موقفاً "يتعارض مع مصالحه الخاصة ونصيحة أكثر مستشاريه موثوقية، وهذا ما يجعلني أعتقد بأنه لم يعُد يجيد لعبته" السياسية.
تركيا والحياد الكربوني
وبعد تفادي أزمة طرد السفراء، أثار أردوغان صخباً بشأن البروتوكول الأمني في جلاسكو، في مظهر آخر للتهوّر، الذي بات سمة مميزة لعلاقاته مع العالم، مجازفاً بإثارة اضطرابات كبرى مع شركاء دوليين لتركيا، في محاولة يائسة أحياناً لرفع مكانته داخلياً، بحسب "نيويورك تايمز".
وأعاد أردوغان تسمية وزارة البيئة، فباتت "وزارة البيئة والتمدين وتغيّر المناخ"، وقدم لبايدن نسخة من كتاب عن الثورة الخضراء، صاغ مقدمته. وصادق البرلمان التركي على اتفاق باريس للمناخ، في 6 أكتوبر الماضي، وكان أردوغان يستعد للإعلان، خلال قمة جلاسكو، أن تركيا تستهدف تحقيق الحياد الكربوني، بحلول عام 2053، علماً أنه قال قبل القمة: "تغيّر المناخ واقع يهدّد مستقبل البشرية، لذلك ستؤدي تركيا بطبيعة الحال دوراً رائداً في هذه المسألة الحيوية".
وشهدت تركيا كوارث طبيعية الصيف الماضي، بما في ذلك حرائق غابات وفيضانات، منحت زخماً جديداً لمواجهة الاحتباس الحراري. وقال بهادير كاليجاسي، رئيس "معهد البوسفور"، وهو جمعية فرنسية تشجّع العلاقات التركية مع فرنسا وأوروبا: "تُظهر كل استطلاعات الرأي العام أن على الأحزاب السياسية في تركيا في الانتخابات المقبلة، أن تعالج هذه المسألة بجدية بالغة".
"ضعيفة وعدوانية"
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن أردوغان رأى فائدة أكبر في إثارة صخب دبلوماسي بشأن البروتوكول الأمني، أكثر من مخاطبة قمة جلاسكو، أو أنه كان يحتاج إلى الراحة، بعد انتشار إشاعات عن وضعه الصحي.
ونقلت عن محللين أن الرئيس التركي نال مبتغاه، إذ التقى بايدن لساعة على هامش قمة مجموعة العشرين في روما. وقال أيدين سيزر، وهو محلل سياسي ومسؤول تجاري تركي سابق، إن عقد لقاء مع الرئيس الأميركي هذا الشهر كان "القضية الأولى في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة".
واعتبرت أصلي أيضن طاش باش، وهي باحثة تركية في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، أن كون التكهّن بسلوك أردوغان غير ممكن، يدفع واشنطن إلى استئناف علاقات شخصية وثيقة، وإن كانت عاصفة، أقامها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع الرئيس التركي.
وأضافت: "أنقرة ضعيفة وعدوانية في الوقت ذاته. ثمة رغبة في إبقاء (العلاقات) عند مستوى مستقر، على الأقل لسنة أخرى، لكن الأمر قد لا يكون سهلاً، إذ إنها سنة انتخابات".
واستدركت، أن أردوغان يمقت الشعور بالاستخفاف، وألغى فجأة مشاركته في القمة، بعدما علِم أن التدابير الأمنية الضخمة التي يتخذها، لن تكون مُتاحة في جلاسكو، عكس نظيره الأميركي جو بايدن.
وأضافت الصحيفة أن الأمن بات هاجساً بالنسبة إلى أردوغان، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في عام 2016. واعتبرت أن غيابه عن قمة جلاسكو قد يُشكّل "هزيمة ذاتية"، نظراً إلى تبنّيه سياسات مؤيّدة للحفاظ على البيئة، مستدركة أنه حاول حشد قاعدته الشعبية في بلاده وإبراز قراره بوصفه مسألة شرف.
وقال الرئيس التركي لدى عودته من أوروبا: "لا نسمح أبداً بالإضرار بسمعة بلادنا أو شرفها في أي مكان. أظهرنا مرة أخرى أنه لا يمكننا إقامة عالم عادل إلا من خلال نهج أكثر إنصافاً".
"ضعيف سياسياً"
واعتبرت الصحيفة أن أردوغان يحكم تركيا منذ 18 سنة، نتيجة اتخاذه قرارات صائبة، مستدركة أنه "ضعيف سياسياً" الآن، وربما أكثر من أي وقت في مسيرته السياسية.
وتتهاوى شعبية الرئيس في استطلاعات الرأي، مع تعثر الاقتصاد، كما سجّلت الليرة التركية الشهر الماضي تراجعاً قياسياً أمام الدولار، فيما ترتفع البطالة لدى أنصاره، وقارب التضخم نسبة 20%.
السياسة الخارجية أداة داخلية
ويواجه أردوغان على نحو متزايد تهديداً من معارضة موحّدة وحيوية، علماً أنه يعتزم أن يصبح الحاكم الأكثر بقاءً في المنصب في الجمهورية التركية التي أعلنها مصطفى كمال أتاتورك، من خلال فوزه في انتخابات 2023. لكنه يُظهر مؤشرات على إحباط متزايد، لأن تكتيكاته المعتادة لم تعُد تنجح، وبات الناخبون قلقين، لا سيّما الشبان المتلهفين إلى التغيير.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن سونر كاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركي في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، قوله في إشارة إلى أردوغان: "أعتقد بأنه قلق وخائف من خسارته السلطة، ويبدو أن هذا أمر معقول، حتى بالنسبة إليه، للمرة الأولى منذ سنوات. إنه يشغل منصبه لفترة طويلة جداً، منذ نحو عقدين، ويعاني من إرهاق مؤسّساتي، ومتعب جداً بحيث يعجز عن تقديم أفضل أداء ممكن ومواجهة المعارضة طوال الوقت".
وينبّه محللون إلى أن التكهّن بسلوك الرئيس التركي قد يصبح أكثر صعوبة، مع اقتراب موعد الانتخابات. وقال سنان أولجن، رئيس "مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية" في إسطنبول، إن أردوغان استخدم السياسة الخارجية بوصفها أداة لتلميع صورته في الداخل، خصوصاً خلال العقد الماضي.
"منع التوتر لينتعش الاقتصاد"
الصحيفة الأميركية أشارت إلى أن أردوغان أهان قادة أجانب، وقدّم نفسه بوصفه زعيماً عالمياً للمغتربين الأتراك، والمسلمين، وأمر باستخدام القوة العسكرية لتركيا في الخارج، بما في ذلك في سوريا وليبيا وأذربيجان، كما أثار توتراً مع اليونان في شرق البحر الأبيض المتوسط، من خلال إرسال سفن حفر للتنقيب عن الغاز.
واعتبر أولجن أن تدهور الاقتصاد التركي دفع أردوغان إلى التخفيف من حدة مواقفه دولياً، وتلطيف خطابه السياسي، منذ نوفمبر الماضي، عندما أقال صهره بيرات ألبيرق من منصب وزير المال. وقال: "القضية الرئيسة الآن تتمثل في منع التوتر، أو استباقه، كي ينتعش الاقتصاد".
لكن أردوغان عاد إلى تكتيكاته القديمة في الأسبوعين الماضيين، متجاهلاً أقرب مستشاريه ومهدّداً بنشوب أزمة دبلوماسية، إذ هدّد بطرد 10 سفراء غربيين، إثر مطالبتهم بالإفراج عن رجل الأعمال التركي المسجون عثمان كافالا، متهماً إياهم بالتدخل في الشؤون الداخلية لتركيا، قبل أن يتراجع فجأة. واعتبر كاجابتاي أن أردوغان اتخذ موقفاً "يتعارض مع مصالحه الخاصة ونصيحة أكثر مستشاريه موثوقية، وهذا ما يجعلني أعتقد بأنه لم يعُد يجيد لعبته" السياسية.
تركيا والحياد الكربوني
وبعد تفادي أزمة طرد السفراء، أثار أردوغان صخباً بشأن البروتوكول الأمني في جلاسكو، في مظهر آخر للتهوّر، الذي بات سمة مميزة لعلاقاته مع العالم، مجازفاً بإثارة اضطرابات كبرى مع شركاء دوليين لتركيا، في محاولة يائسة أحياناً لرفع مكانته داخلياً، بحسب "نيويورك تايمز".
وأعاد أردوغان تسمية وزارة البيئة، فباتت "وزارة البيئة والتمدين وتغيّر المناخ"، وقدم لبايدن نسخة من كتاب عن الثورة الخضراء، صاغ مقدمته. وصادق البرلمان التركي على اتفاق باريس للمناخ، في 6 أكتوبر الماضي، وكان أردوغان يستعد للإعلان، خلال قمة جلاسكو، أن تركيا تستهدف تحقيق الحياد الكربوني، بحلول عام 2053، علماً أنه قال قبل القمة: "تغيّر المناخ واقع يهدّد مستقبل البشرية، لذلك ستؤدي تركيا بطبيعة الحال دوراً رائداً في هذه المسألة الحيوية".
وشهدت تركيا كوارث طبيعية الصيف الماضي، بما في ذلك حرائق غابات وفيضانات، منحت زخماً جديداً لمواجهة الاحتباس الحراري. وقال بهادير كاليجاسي، رئيس "معهد البوسفور"، وهو جمعية فرنسية تشجّع العلاقات التركية مع فرنسا وأوروبا: "تُظهر كل استطلاعات الرأي العام أن على الأحزاب السياسية في تركيا في الانتخابات المقبلة، أن تعالج هذه المسألة بجدية بالغة".
"ضعيفة وعدوانية"
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن أردوغان رأى فائدة أكبر في إثارة صخب دبلوماسي بشأن البروتوكول الأمني، أكثر من مخاطبة قمة جلاسكو، أو أنه كان يحتاج إلى الراحة، بعد انتشار إشاعات عن وضعه الصحي.
ونقلت عن محللين أن الرئيس التركي نال مبتغاه، إذ التقى بايدن لساعة على هامش قمة مجموعة العشرين في روما. وقال أيدين سيزر، وهو محلل سياسي ومسؤول تجاري تركي سابق، إن عقد لقاء مع الرئيس الأميركي هذا الشهر كان "القضية الأولى في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة".
واعتبرت أصلي أيضن طاش باش، وهي باحثة تركية في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، أن كون التكهّن بسلوك أردوغان غير ممكن، يدفع واشنطن إلى استئناف علاقات شخصية وثيقة، وإن كانت عاصفة، أقامها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع الرئيس التركي.
وأضافت: "أنقرة ضعيفة وعدوانية في الوقت ذاته. ثمة رغبة في إبقاء (العلاقات) عند مستوى مستقر، على الأقل لسنة أخرى، لكن الأمر قد لا يكون سهلاً، إذ إنها سنة انتخابات".