العربية

مازالت تداعيات قرار وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، حظر حركة "حماس" مستمرة، حيث أثيرت تكهنات عديدة حول إغلاق منشآت وكيانات تابعة للحركة في بريطانيا، قد تمتد إلى فروعها في أوروبا أيضاً.

كما أن القرار البريطاني سيؤثر على أنشطة جماعة الإخوان التي تعتبر حماس فرعا منها، وقد يكرس الانقسام الحاصل الآن بين جناحي الجماعة المتصارعين، وهما جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، وجبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، كما قد يوقف تمويلات كثيرة كانت تصل لأنشطة الإخوان وحماس العسكرية.

لكن لماذا بريطانيا؟ وكيف وصلت أنشطة حماس إليها؟ وما هي تلك الأنشطة؟ وكيف تشاركت الإخوان مع حماس في تلك الكيانات وسهلت إنشاءها؟

بريطانيا وقادة الجماعة

وفق التفاصيل التي توصلت إليها أجهزة الأمن المصرية سابقاً فإن القصة بدأت عام 1954، عندما اصطدمت الجماعة بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، الذي أمر بحل الإخوان واعتقال قادتها وصادر كافة ممتلكاتها.

في تلك الأثناء وبسبب توجه عبد الناصر نحو المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي، قررت الحكومة البريطانية إيواء قادة الجماعة الفارين من مصر، والذين تمكنوا من التخفي والهروب، وبدأوا يقيمون هناك ويدشنون أنشطة برعاية الحكومة، التي كانت تعاملهم كضيوف ولاجئين.

وبعد عزلهم من حكم مصر عام 2013 وحل الجماعة مرة أخرى ومصادرة ممتلكاتها لجأ التنظيم الدولي لاتخاذ مقره في العاصمة البريطانية، كغرفة عمليات يدير منها صراعه مع النظام المصري.

كما أسسوا مقرا في منطقة كريكلوود شمال لندن، ومنه رسم إبراهيم منير القائم حاليا بعمل المرشد ملامح وخريطة مستقبل الجماعة.

ففي العاصمة البريطانية، أسس الاخوان مقرا لموقع "إخوان أون لاين" الناطق بالإنجليزية، والموجه للغرب.

كذلك، أنشأت الجماعة في لندن ما سمي بمركز المعلومات العالمية، بهدف التواصل مع المؤسسات الحكومية والإعلام، أداره المتحدث الأسبق باسم التنظيم الدولي كمال الهلباوي.

وعقب ثورة يونيو في 2013 توجه القيادي الكبير جمعة أمين إلى لندن، حيث حصل على اللجوء السياسي وأدار من هناك معركة الجماعة مع النظام المصري.

كما أقام في لندن لسنوات طويلة خيرت الشاطر نائب المرشد وعصام الحداد القيادي بالجماعة والذي عين مستشارا للرئيس المعزول محمد مرسي ، ومعه نجله جهاد الحداد الذي كان يتولى مع آخرين مسؤولية الإشراف على العائلات الإخوانية في بريطانيا

شركات استثمارية

يذكر أنه منذ منتصف التسعينيات، وبتكليف من قيادات الجماعة، كانت لندن مسرحا لعمليات الجماعة المالية وملعبا لشركاتها الاستثمارية، مع ذراعها الأقوى في المنطقة العربية حركة حماس.

ووفق معلومات حصلت عليها "العربية.نت" فقد نشطت حماس في جمع ملايين الدولارات من عدة دول عربية، بحجة دعم القضية الفلسطينية وغزة.

كما جمعت من خلال صناديق مختلفة أسستها لهذا الغرض في أوروبا ملايين أخرى من الدولارات، بخلاف ما جمعته من فلسطين، ومن عرب يقيمون في إسرائيل ذاتها.

أدارت الأموال مجموعة منتقاة

ومن أجل استثمار تلك الأموال عهدت جماعة الإخوان لقادة التنظيم الدولي في لندن بذلك. وبناء عليه أسس التنظيم مجموعة من الشركات كانت مساهمة بين الإخوان وحماس في 4 مقار بالعاصمة البريطانية وهي كريكل وود برودواي، وويست جيت هاوس، وكروان هاوس، وزبنكيل هاوس، أدارتها مجموعة منتقاة من قيادات التنظيم من عدة دول هي مصر وفلسطين والعراق والأردن ولبنان.

فيما كانت العمليات الرئيسية للأنشطة الاستثمارية والمالية للإخوان وحماس تنطلق من مقر ويست جيت هاوس.

إلى ذلك، عمد مقرا ويست جيت وكروان هاوس عبر منظمات وصناديق تابعة للجانبين، إلى جمع الأموال والتبرعات من مسلمي أوروبا ومنها منظمة "إنتربال" وكان يتولاها القيادي الحمساوي عصام مصطفى.

كما ضم هذان المقران مؤسسة قرطبة التابعة للإخوان وحماس، والتي كان يديرها العراقي الإخواني أنس التكريتي، ومهمتها جمع أموال وتبرعات تحت شعار دعم فلسطين أيضا، على أن توجه تلك الأموال للتدفقات الاستثمارية والنقدية للجماعة والحركة.

كذلك ضما جمعية مسلمي بريطانيا الإخوانية، التي تلقت أموالا جمعتها حماس من أوروبا.

إلى ذلك، كشفت المعلومات أن حماس أنشأت صندوقا باسم ائتلاف الخير لجمع الأموال والتبرعات من عدة دول عربية، تخصص لحساب تنظيماتها المسلحة.

أموال الزكاة

وفي تحقيقات أجرتها السلطات الإسرائيلية مع عدد من المعتقلين من أعضاء لجان الزكاة بالأراضي الفلسطينية ومنهم محمد قصراوي ومحمد فراح وينتميان لحماس وهما من بلدة الرام شمال القدس، اعترفا بتوجيه أموال الزكاة التي يتم جمعها لحساب حماس نحو تمويل عمليات مسلحة، فيما اعترف فلسطيني حمساوي آخر وهو جمال الطويل من رام الله وكان يتولى رئاسة جمعية الإصلاح بتسلم عشرات الآلاف من الدولارات من شخص يدعى عبد الخالق النتشة، وهو قيادي في حماس بالخليل لتمويل نشاطات عسكرية وعمليات مسلحة.

تجدر الإشارة هنا أيضا إلى أن حماس تساهم وتمتلك صندوقا تحت مسمى إغاثة فلسطين مقره لندن، يطلق عليه اسم "إنتربال " تجمع فيه الأموال من المتبرعين لدعم القضية الفلسطينية، فيما توجه جانب كبير من هذه المبالغ لتمويل عمليات مسلحة سواء للحركة أو الإخوان، وقد تولى هذه العمليات الفلسطيني الحمساوي عصام يوسف صلاح مصطفى.

كما تمتلك الحركة في أوروبا كيانات اقتصادية لجمع الأموال والتبرعات منها ما يعرف باسم مؤسسة "الأرض المقدسة" ولها فروع عدة أيضا في عدد من البلدان الأوروبية

كذلك، تمتلك حماس صندوقا في فرنسا باسم اللجنة الخيرية لمناصرة فلسطينن فضلا عما يعرف "بصندوق الأقصى" وله فروع في هولندا وبلجيكا والدنمارك ومؤسسة "سنابل الأقصى" في السويد، ومؤسسة "الإسراء" في هولندا، وصندوقين في سويسرا باسم "أيه إس بي"، وإس إتش إس، وصندوق في إيطاليا باسم أيه بي إس بي بي، وصندوقين في النمسا.

أما الصندوق الأبرز في الدول العربية فهو ما عرف باسم ائتلاف الخير (في لبنان)، وكان يتلقى دعما مباشرا من إيران.

ورغم أن حكومات بعض الدول الأوروبية حظرت وجمدت بعض هذه الصناديق، بعد رصد توجيه أموالها لتمويل أنشطة حماس وليس لدعم ومناصرة القضية الفلسطينية، إلا أن الحركة عاودت إنشاءها من جديد باسماء مختلفة، وشخصيات جديدة.