بينما تحيي الولايات المتحدة الأميركية، الاثنين، ذكرى ميلاد مارثن لوثر كينج، أبرز زعماء حركة الحقوق المدنية في الستينات، والذي ولد في 15 يناير 1929، تواجه البلاد أزمة تتعلق بإرثه وإنجازاته، وذلك بعد مرور عام على أكثر المشاهد مناقضة للديمقراطية الأميركية، حين اقتحم مناصرو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مبنى الكونجرس، لمنع التصديق على فوز منافسه جو بايدن في الانتخابات.ورغم انتهاء المشهد في الليلة نفسها بالمصادقة على مغادرة ترمب البيت الأبيض، إلا أنه ترك أثره على الحياة السياسية، إذ انطلقت منذ ذلك التاريخ معركة مرتبطة بقوانين الانتخابات، حاول الرئيس الأميركي جو بايدن، الدفع باتجاه حسمها لصالح الديمقراطيين، الثلاثاء، بقوله إن "محاولة تعطيل تسليم السلطة في السادس من يناير فشلت، لكن مستقبل الديمقراطية في البلاد غير مؤكد".وأضاف بايدن في كلمة ألقاها من ولاية جورجيا، مسقط رأس لوثر كينج: "أعتقد أن التهديد الذي يواجه ديمقراطيتنا خطير، لدرجة أنه يجب علينا إيجاد طريقة لتمرير مشاريع قوانين حقوق التصويت".ومع تصاعد حدة الجدل بشأن هذه التعديلات، وإمكانية تمرير مجلس الشيوخ لها من عدمه، تستعرض "الشرق" ملامح الخلاف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتصور كل منهما لتعديلات العملية الانتخابية.الجمهوريون.. تغيير القواعدعقب معركة طعون خاسرة خاضها الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب وفريقه أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية، أطلق الجمهوريون معركة من نوع آخر استهدفت إدخال تعديلات على قوانين التصويت في الولايات، يراها الديمقراطيون "تقييداً لعمليات الاقتراع"، و"تحضير أرضية للتشكيك بنتيجة سباق 2024 الرئاسي".وشهدت 19 ولاية، تمرير قوانين استهدفت تغيير القواعد التنظيمية لعملية الاقتراع، ووضع اشتراطات إضافية، وبلغ إجمالي القوانين التي تم تمريرها 34 قانوناً، بخلاف قرابة 400 قانون لم يتم التصويت عليها بعد.وتمثلت تعديلات القوانين ومشاريع القوانين الجديدة في فرض متطلبات جديدة مرتبطة بالاقتراع، تشمل آلية التصويت، ومن يحق له الانتخاب وكيف، وأموراً تتعلق بأولئك الذين يشرفون على العملية الانتخابية.وشملت القواعد متطلبات إضافية للتثبت من هوية الناخبين، وتقليص الإطار الزمني لطلب بطاقات الاقتراع عبر البريد، واقتراحات بمنع التصويت يوم الأحد في عدد من المقاطعات، وتقليل مراكز الانتخاب في عدد من الأماكن.كما تناول الشق الآخر من التعديلات المشرفين على إدارة العملية الانتخابية، إذ أنه في جورجيا على سبيل المثال، تم استحداث منصب رئيس مجلس الانتخابات في الولاية، والذي يتم تعيينه من قبل المجلس التشريعي للولاية، الذي يهيمن عليه حالياً الحزب الجمهوري.كما منحت التعديلات في جورجيا أيضاً، المجلس التشريعي للولاية سلطة عزل مسؤولي الانتخابات على مستوى المقاطعات، وهو ما يعتبره الديمقراطيون "إضعافاً لدور سكرتير الولاية".وبينما يرى مراقبون أن تعديلات الجمهوريين "قد تكون بهدف الاستجابة فقط لقواعدهم الشعبية التي تصدق رواية ترمب عن تزوير الانتخابات"، يقول الباحث في الشؤون الحكومية جيمس وايلنر لـ"الشرق"، إن المجالس التشريعية للولايات لديها السلطة بموجب الدستور لوضع قواعد تنظيمية للعملية الانتخابية "كيفما ترى".وأضاف وايلنر: "صحيح هذا لا يعني أنها ستكون دائماً قواعد جيدة، لكن لا يمكن اعتبارها امتداداً لأحداث السادس من يناير، فهي ممارسة دستورية كاملة".الديمقراطيون.. توحيد قوانين التصويتفي المقابل، مررت 25 ولاية أخرى، يسيطر الديمقراطيون على مجالسها التشريعية، 62 قانوناً تنص على آليات جديدة تسهل عملية التصويت.وتجدر الإِشارة هنا إلى أن ثمة 8 ولايات جمعت بين نوعين من القوانين الجديدة، تلك المصنفة على أنها تفرض قيوداً جديدة على آلية التصويت، وتلك التي تقدم آليات جديدة تسهل عملية الاقتراع.كما لجأ الحزب الديمقراطي إلى اقتراح مشروعي قانون في الكونجرس، يقول إنهما "يضمنان سلامة ونزاهة العملية الانتخابية"، وهما "مشروع قانون حرية التصويت" و "مشروع قانون جون لويس لحقوق التصويت"."مشروع قانون حرية التصويت"، تقدمت به عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية مينسوتا آيمي كلوباشار، مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، وهو نسخة معدلة من قانون رفض عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي جو مانشين دعمه.ومن شأن هذا المشروع توحيد قوانين التصويت على مستوى البلاد، وتوسيع نطاق القدرة على التصويت بشكل كبير، ما يبطل آثار القوانين التي تم تمريرها عبر الولايات.أما "مشروع قانون جون لويس لحقوق التصويت"، فهو يحمل اسم عضو الكونجرس الأميركي السابق عن ولاية جورجيا جون لويس، الذي توفي في يوليو عام 2020، ويعد أحد رموز حركة الدفاع عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، ورفيق درب مارتن لوثر كينج.ومشروع القانون هو نسخة محدثة من قانون حقوق التصويت الذي أقر عام 1965 في عهد الرئيس ليندون جونسون، والذي حظر اختبارات محو الأمية، وغيرها من الأساليب المستخدمة، آنذاك، لحرمان الناخبين السود من حق التصويت.ويغير المشروع الطريقة التي تتعامل بها المحاكم الفيدرالية مع قضايا الانتخابات، إذ يقول الديمقراطيون إن "هناك قرارات للمحكمة العليا ومحاكم الولايات أضعفت بعض بنود القانون الرئيسيةبينما تحيي الولايات المتحدة الأميركية، الاثنين، ذكرى ميلاد مارثن لوثر كينج، أبرز زعماء حركة الحقوق المدنية في الستينات، والذي ولد في 15 يناير 1929، تواجه البلاد أزمة تتعلق بإرثه وإنجازاته، وذلك بعد مرور عام على أكثر المشاهد مناقضة للديمقراطية الأميركية، حين اقتحم مناصرو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مبنى الكونجرس، لمنع التصديق على فوز منافسه جو بايدن في الانتخابات.ورغم انتهاء المشهد في الليلة نفسها بالمصادقة على مغادرة ترمب البيت الأبيض، إلا أنه ترك أثره على الحياة السياسية، إذ انطلقت منذ ذلك التاريخ معركة مرتبطة بقوانين الانتخابات، حاول الرئيس الأميركي جو بايدن، الدفع باتجاه حسمها لصالح الديمقراطيين، الثلاثاء، بقوله إن "محاولة تعطيل تسليم السلطة في السادس من يناير فشلت، لكن مستقبل الديمقراطية في البلاد غير مؤكد".مارتن لوثر كينغ في خطاب جماهيري عام 1963 في واشنطن - Getty Imagesوأضاف بايدن في كلمة ألقاها من ولاية جورجيا، مسقط رأس لوثر كينج: "أعتقد أن التهديد الذي يواجه ديمقراطيتنا خطير، لدرجة أنه يجب علينا إيجاد طريقة لتمرير مشاريع قوانين حقوق التصويت".ومع تصاعد حدة الجدل بشأن هذه التعديلات، وإمكانية تمرير مجلس الشيوخ لها من عدمه، تستعرض "الشرق" ملامح الخلاف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتصور كل منهما لتعديلات العملية الانتخابية.الجمهوريون.. تغيير القواعدعقب معركة طعون خاسرة خاضها الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب وفريقه أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية، أطلق الجمهوريون معركة من نوع آخر استهدفت إدخال تعديلات على قوانين التصويت في الولايات، يراها الديمقراطيون "تقييداً لعمليات الاقتراع"، و"تحضير أرضية للتشكيك بنتيجة سباق 2024 الرئاسي".وشهدت 19 ولاية، تمرير قوانين استهدفت تغيير القواعد التنظيمية لعملية الاقتراع، ووضع اشتراطات إضافية، وبلغ إجمالي القوانين التي تم تمريرها 34 قانوناً، بخلاف قرابة 400 قانون لم يتم التصويت عليها بعد.وتمثلت تعديلات القوانين ومشاريع القوانين الجديدة في فرض متطلبات جديدة مرتبطة بالاقتراع، تشمل آلية التصويت، ومن يحق له الانتخاب وكيف، وأموراً تتعلق بأولئك الذين يشرفون على العملية الانتخابية.وشملت القواعد متطلبات إضافية للتثبت من هوية الناخبين، وتقليص الإطار الزمني لطلب بطاقات الاقتراع عبر البريد، واقتراحات بمنع التصويت يوم الأحد في عدد من المقاطعات، وتقليل مراكز الانتخاب في عدد من الأماكن.كما تناول الشق الآخر من التعديلات المشرفين على إدارة العملية الانتخابية، إذ أنه في جورجيا على سبيل المثال، تم استحداث منصب رئيس مجلس الانتخابات في الولاية، والذي يتم تعيينه من قبل المجلس التشريعي للولاية، الذي يهيمن عليه حالياً الحزب الجمهوري.كما منحت التعديلات في جورجيا أيضاً، المجلس التشريعي للولاية سلطة عزل مسؤولي الانتخابات على مستوى المقاطعات، وهو ما يعتبره الديمقراطيون "إضعافاً لدور سكرتير الولاية".وبينما يرى مراقبون أن تعديلات الجمهوريين "قد تكون بهدف الاستجابة فقط لقواعدهم الشعبية التي تصدق رواية ترمب عن تزوير الانتخابات"، يقول الباحث في الشؤون الحكومية جيمس وايلنر لـ"الشرق"، إن المجالس التشريعية للولايات لديها السلطة بموجب الدستور لوضع قواعد تنظيمية للعملية الانتخابية "كيفما ترى".وأضاف وايلنر: "صحيح هذا لا يعني أنها ستكون دائماً قواعد جيدة، لكن لا يمكن اعتبارها امتداداً لأحداث السادس من يناير، فهي ممارسة دستورية كاملة".الديمقراطيون.. توحيد قوانين التصويتفي المقابل، مررت 25 ولاية أخرى، يسيطر الديمقراطيون على مجالسها التشريعية، 62 قانوناً تنص على آليات جديدة تسهل عملية التصويت.وتجدر الإِشارة هنا إلى أن ثمة 8 ولايات جمعت بين نوعين من القوانين الجديدة، تلك المصنفة على أنها تفرض قيوداً جديدة على آلية التصويت، وتلك التي تقدم آليات جديدة تسهل عملية الاقتراع.كما لجأ الحزب الديمقراطي إلى اقتراح مشروعي قانون في الكونجرس، يقول إنهما "يضمنان سلامة ونزاهة العملية الانتخابية"، وهما "مشروع قانون حرية التصويت" و "مشروع قانون جون لويس لحقوق التصويت"."مشروع قانون حرية التصويت"، تقدمت به عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية مينسوتا آيمي كلوباشار، مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، وهو نسخة معدلة من قانون رفض عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي جو مانشين دعمه.ومن شأن هذا المشروع توحيد قوانين التصويت على مستوى البلاد، وتوسيع نطاق القدرة على التصويت بشكل كبير، ما يبطل آثار القوانين التي تم تمريرها عبر الولايات.أما "مشروع قانون جون لويس لحقوق التصويت"، فهو يحمل اسم عضو الكونجرس الأميركي السابق عن ولاية جورجيا جون لويس، الذي توفي في يوليو عام 2020، ويعد أحد رموز حركة الدفاع عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، ورفيق درب مارتن لوثر كينج.ومشروع القانون هو نسخة محدثة من قانون حقوق التصويت الذي أقر عام 1965 في عهد الرئيس ليندون جونسون، والذي حظر اختبارات محو الأمية، وغيرها من الأساليب المستخدمة، آنذاك، لحرمان الناخبين السود من حق التصويت.ويغير المشروع الطريقة التي تتعامل بها المحاكم الفيدرالية مع قضايا الانتخابات، إذ يقول الديمقراطيون إن "هناك قرارات للمحكمة العليا ومحاكم الولايات أضعفت بعض بنود القانون الرئيسية".عقبة مجلس الشيوخومع موافقة مجلس النواب الأميركي ذو الأغلبية الديمقراطية على مشروعى القانونين، فإن التحدي أمام الديمقراطيين يتمثل الآن في تمريرهما أمام مجلس الشيوخ، الذي يشغلون فيه خمسين مقعداً فقط، بينما تتطلب مشروعات القوانين الكبرى 60 صوتاً لتمريرها.ويرى المراقبون أن تأمين الحزب الديمقراطي عشرة أصوات من الجمهوريين لتمرير التعديلات "مهمة شبه مستحيلة"، ومن هنا جاء حديث الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الأسبوع، عن ضرورة إلغاء "آلية فيليبستر".آلية فيليبستر Filibusterوهذه الآلية عبارة عن تقليد يمنح الأعضاء حق الكلام إلى ما لا نهاية، لتعطيل أو تأجيل التصويت على أي قضية، ولا يمكن إيقافها إلا من خلال "الخيار النووي"، أي الأكثرية البسيطة التي يضمنها للديمقراطيين صوت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن التي ترأس مجلس الشيوخ بحكم منصبها.ولكن هذه الأكثرية مشروطة بموافقة كل الأعضاء الديمقراطيين الخمسين، وهو ما يبدو صعباً أيضاً، إذ أعلن عضوان ديمقراطيان في مجلس الشيوخ، وهما جو مانشين، وكيرستين سينما، الخميس، معارضتهما اللجوء إلى خيار إلغاء الفيليبستر، ما يضفي ضبابية على مصير مشروعى القانونين.دعوة بايدن لإلغاء الآلية وإصلاح قوانين الانتخابات لقيت تأييداً من الأعضاء الديمقراطيين، وقالت عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيو هامشير جين شاهين، إن "حقوق التصويت ليست مسألة حزبية، الآن جاء دور الكونجرس للقيام بواجبه، إذ يجب وضع الخلافات جانباً، وتمرير تشريع يضمن تمكين كل أميركي من ممارسة مارس حقه بالتصويت".هذا المشهد المعقد يأتي قبل أقل من 10 أشهر من موعد الانتخابات النصفية المقبلة المقررة في نوفمبر المقبل، والتي ستشكل اختباراً حقيقياً للنظام الديمقراطي في الولايات المتحدة، بجانب كونها أداة تقليدية لقياس شعبية الحزبين في منتصف ولاية الرئيس.