سكاي نيوز عربية
بعد مرور حوالي سنة على الشلل التام الذي أصاب "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، المحاور الأساسي لسلطات البلد الأوروبي بشأن قضايا الدين، وسط جدل وانتقادات، طوت باريس الصفحة، مؤخرا، مفسحة المجال لعقد "منتدى الإسلام في فرنسا" في 5 فبراير الجاري.
ويبدو أن هذه الفترة حاسمة بالنسبة للمسلمين في فرنسا، فمع انتهاء ولايته في المجلس في 19 يناير، دعا رئيسه محمد موسوي، إلى إصلاح شامل لهذه المؤسسة أو حلها لصالح أخرى وإفساح المجال لما تريده السلطات.
وفي 12 ديسمبر، وصف وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، في مقابلة تلفزيونية، الهيئة الممثلة للدين الإسلامي بأنها "ميتة" كما أعلن أن المجلس "لم يعد بالنسبة للسلطات هو محاور الجمهورية".
وإزاء هذا الوضع، تطرح أسئلة حول العوامل التي جعلت المجلس يصل إلى مرحلة "نهاية الخدمة" بالنسبة لفرنسا؟
في حديثه عن هذه العوامل، يرى مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي والمتخصص في حوكمة الإسلام في فرنسا، فرانك فريغوسي، في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية" "أن بعض الفيدراليات الإسلامية الوطنية التي انضوت تحت لواء المجلس كانت ناطقة بلسان دول أجنبية. فيما تحركت تيارات أخرى داخله، وفق "السياسة الدينية" واستخدمت المجلس لتصفية حساباتها وخدمة مصالحها الخاصة، متجاوزة بذلك المصلحة العامة للمسلمين التي تعتبر نواة إنشاء هذا المجلس".
وبالتالي، يقول فرانك فريغوسي إن "المجلس الذي كان عليه أن يمثل الإسلام في دولة علمانية أصبح مسرح مواجهة بين الفيدراليات التي تخدم أجندات مختلفة تؤثر على صورة الإسلام في فرنسا".
ويضيف "أن حيثيات إنشاء المجلس تعتبرا سببا من الأسباب، إذ إنه تأسس على يد وزير الداخلية آنذاك، نيكولا ساركوزي، بشكل مباشر وإداري. وبدل أن تكون مؤسسة تمثل المسلمين وتعكس ما يجري في المساجد، نوى من خلالها ساركوزي وضع أشخاص أوفياء، فعين دليل أبوبكر، أول رئيس للمجلس من دون أي انتخابات. فأصبح المجلس في نظر المسلمين مؤسسة تابعة مباشرة للحكومة الفرنسية آنذاك. يعكس أفكار الحكومة وليس المسلمين".
مولود جديد بمنهج مغاير
وفي انتظار تحديد مآل المجلس الذي لم يحل رسميا بعد، في اجتماع سيعقد في 19 فبراير، ستخطو الحكومة الفرنسية خطوة كبيرة في اتجاه إعادة تنظيم المشهد الإسلامي في البلاد، بعقد "المنتدى الإسلامي الأول في فرنسا" الذي يقدم باعتباره "الشكل الجديد للحوار بين الدولة وممثلي الإسلام"، وذلك في الخامس فبراير في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في باريس بقيادة وزير الداخلية.
وهذه الهيئة الجديدة، التي يقارنها بعض الخبراء بالنموذج الألماني- سبق وأن تأسس "المؤتمر الألماني للإسلام" في عام 2006 ويخضع لسلطة وزارة الداخلية الفيدرالية، ويجمع بين الفاعلين السياسيين والفاعلين المسلمين- ستضم حوالي مئة ممثل إسلامي، من بينهم نساء، على حد تعبير جيرالد دارمانان.
وبدأ التحضير للإعلان عن هذا المولود الجديد منذ بضعة أسابيع، وتم تشكيل أربع مجموعات عمل لتبادل الأفكار.
تمثيل أقرب
وتهدف هذه المبادرة التي أعلن عنها بدوره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقاء مع السلطات الدينية، في الخامس يناير، إلى التوصل إلى تمثيل للإسلام يستند إلى الأطراف المحليين. وفي ذلك استكمال لاجتماعات عقدت على صعيد المقاطعات في السنوات الأخيرة.
ويشرح المختص في حوكمة الإسلام في فرنسا، أن "الأشخاص المئة الذين تم انتقاؤهم من اللوائح التي قدمتها المقاطعات، هم أطراف يعملون ميدانيا كمساعدين إقليميين. فقد تولت الدولة زمام الأمور وكلفت الولاة بمهمة تحديد الفاعلين في المجال ومحاورة مسيري المساجد، وهم الأئمة، والمسؤولون الجمعويون المنخرطين يوميا في حياة المجتمع على مستوى الإقليمي. وعلى هذا الأساس تم رفع لوائح إلى المركز حيث تم اختيار هؤلاء المشاركين وتقسيمهم إلى أربع مجموعات".
ويركز عمل هذه المجموعات على كيفية “تأهيل الأئمة" واحترام تطبيق القانون فيما يتعلق بمبادئ الجمهورية (المعروف بقانون مناهضة “الانفصالية”) الذي صدر الصيف الماضي، فضلا عن التفكير في كيفية تنظيم المساجد ومحاربة الأفعال المعادية للمسلمين.
وهذا يعني أن فرنسا تريد العمل مع مجموعة من الأشخاص الذين يعملون في الميدان وليس مع ممثلين للإسلام دون أن تشير إلى أن المنتدى سيحل محل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
سنة انتقالية
ويعتبر الخبير الديني، أن عام 2022 يشكل "مرحلة انتقالية" في المشهد الديني في فرنسا.
ويتابع" تشهد هذه السنة الانتخابات الرئاسية، لهذا لن يكون هناك تشويش كبير.
وما يمكن الوقوف عنده هو تصريح ماكرون الأخير في هذا السياق، الذي أكد من خلاله أن وزارة الداخلية لن تتعامل مستقبلا مع الفيدراليات الإسلامية الكبرى في فرنسا، سواء كانت تلك المرتبطة بالجزائر ممثلة في المسجد الكبير بباريس أو تلك المرتبطة بالمغرب أو تلك المرتبطة بالإخوان المسلمين. ستحاور فقط الفاعلين الميدانيين في الإسلام".
وفي هذا الجانب، كان قد عانى المجلس من أزمة خانقة العام الماضي، بعدما طلبت الحكومة الفرنسية إقرار "ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسي" الذي يمنع "تدخل" دول أجنبية ويعيد تأكيد "تماشي" الإسلام مع المبادئ العلمانية للجمهورية الفرنسية، إلا أن ثلاثة فيدراليات رفضت التوقيع على الميثاق.
ورغم أن الاتحادات المتحفظة على الميثاق عدلت عن قرارها ووقعت عليه في نهاية ديسمبر إلا أنها لم تقنع بقرارها وزارة الداخلية التي تخلت في تلك الأثناء عن المجلس الذي يعاني كذلك من صفة تمثيلية متدنية، إذ أن أقل من 50 في المئة من مساجد فرنسا التي يقدر عددها ب2500 منضوية فيه.
بعد مرور حوالي سنة على الشلل التام الذي أصاب "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، المحاور الأساسي لسلطات البلد الأوروبي بشأن قضايا الدين، وسط جدل وانتقادات، طوت باريس الصفحة، مؤخرا، مفسحة المجال لعقد "منتدى الإسلام في فرنسا" في 5 فبراير الجاري.
ويبدو أن هذه الفترة حاسمة بالنسبة للمسلمين في فرنسا، فمع انتهاء ولايته في المجلس في 19 يناير، دعا رئيسه محمد موسوي، إلى إصلاح شامل لهذه المؤسسة أو حلها لصالح أخرى وإفساح المجال لما تريده السلطات.
وفي 12 ديسمبر، وصف وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، في مقابلة تلفزيونية، الهيئة الممثلة للدين الإسلامي بأنها "ميتة" كما أعلن أن المجلس "لم يعد بالنسبة للسلطات هو محاور الجمهورية".
وإزاء هذا الوضع، تطرح أسئلة حول العوامل التي جعلت المجلس يصل إلى مرحلة "نهاية الخدمة" بالنسبة لفرنسا؟
في حديثه عن هذه العوامل، يرى مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي والمتخصص في حوكمة الإسلام في فرنسا، فرانك فريغوسي، في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية" "أن بعض الفيدراليات الإسلامية الوطنية التي انضوت تحت لواء المجلس كانت ناطقة بلسان دول أجنبية. فيما تحركت تيارات أخرى داخله، وفق "السياسة الدينية" واستخدمت المجلس لتصفية حساباتها وخدمة مصالحها الخاصة، متجاوزة بذلك المصلحة العامة للمسلمين التي تعتبر نواة إنشاء هذا المجلس".
وبالتالي، يقول فرانك فريغوسي إن "المجلس الذي كان عليه أن يمثل الإسلام في دولة علمانية أصبح مسرح مواجهة بين الفيدراليات التي تخدم أجندات مختلفة تؤثر على صورة الإسلام في فرنسا".
ويضيف "أن حيثيات إنشاء المجلس تعتبرا سببا من الأسباب، إذ إنه تأسس على يد وزير الداخلية آنذاك، نيكولا ساركوزي، بشكل مباشر وإداري. وبدل أن تكون مؤسسة تمثل المسلمين وتعكس ما يجري في المساجد، نوى من خلالها ساركوزي وضع أشخاص أوفياء، فعين دليل أبوبكر، أول رئيس للمجلس من دون أي انتخابات. فأصبح المجلس في نظر المسلمين مؤسسة تابعة مباشرة للحكومة الفرنسية آنذاك. يعكس أفكار الحكومة وليس المسلمين".
مولود جديد بمنهج مغاير
وفي انتظار تحديد مآل المجلس الذي لم يحل رسميا بعد، في اجتماع سيعقد في 19 فبراير، ستخطو الحكومة الفرنسية خطوة كبيرة في اتجاه إعادة تنظيم المشهد الإسلامي في البلاد، بعقد "المنتدى الإسلامي الأول في فرنسا" الذي يقدم باعتباره "الشكل الجديد للحوار بين الدولة وممثلي الإسلام"، وذلك في الخامس فبراير في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في باريس بقيادة وزير الداخلية.
وهذه الهيئة الجديدة، التي يقارنها بعض الخبراء بالنموذج الألماني- سبق وأن تأسس "المؤتمر الألماني للإسلام" في عام 2006 ويخضع لسلطة وزارة الداخلية الفيدرالية، ويجمع بين الفاعلين السياسيين والفاعلين المسلمين- ستضم حوالي مئة ممثل إسلامي، من بينهم نساء، على حد تعبير جيرالد دارمانان.
وبدأ التحضير للإعلان عن هذا المولود الجديد منذ بضعة أسابيع، وتم تشكيل أربع مجموعات عمل لتبادل الأفكار.
تمثيل أقرب
وتهدف هذه المبادرة التي أعلن عنها بدوره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقاء مع السلطات الدينية، في الخامس يناير، إلى التوصل إلى تمثيل للإسلام يستند إلى الأطراف المحليين. وفي ذلك استكمال لاجتماعات عقدت على صعيد المقاطعات في السنوات الأخيرة.
ويشرح المختص في حوكمة الإسلام في فرنسا، أن "الأشخاص المئة الذين تم انتقاؤهم من اللوائح التي قدمتها المقاطعات، هم أطراف يعملون ميدانيا كمساعدين إقليميين. فقد تولت الدولة زمام الأمور وكلفت الولاة بمهمة تحديد الفاعلين في المجال ومحاورة مسيري المساجد، وهم الأئمة، والمسؤولون الجمعويون المنخرطين يوميا في حياة المجتمع على مستوى الإقليمي. وعلى هذا الأساس تم رفع لوائح إلى المركز حيث تم اختيار هؤلاء المشاركين وتقسيمهم إلى أربع مجموعات".
ويركز عمل هذه المجموعات على كيفية “تأهيل الأئمة" واحترام تطبيق القانون فيما يتعلق بمبادئ الجمهورية (المعروف بقانون مناهضة “الانفصالية”) الذي صدر الصيف الماضي، فضلا عن التفكير في كيفية تنظيم المساجد ومحاربة الأفعال المعادية للمسلمين.
وهذا يعني أن فرنسا تريد العمل مع مجموعة من الأشخاص الذين يعملون في الميدان وليس مع ممثلين للإسلام دون أن تشير إلى أن المنتدى سيحل محل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
سنة انتقالية
ويعتبر الخبير الديني، أن عام 2022 يشكل "مرحلة انتقالية" في المشهد الديني في فرنسا.
ويتابع" تشهد هذه السنة الانتخابات الرئاسية، لهذا لن يكون هناك تشويش كبير.
وما يمكن الوقوف عنده هو تصريح ماكرون الأخير في هذا السياق، الذي أكد من خلاله أن وزارة الداخلية لن تتعامل مستقبلا مع الفيدراليات الإسلامية الكبرى في فرنسا، سواء كانت تلك المرتبطة بالجزائر ممثلة في المسجد الكبير بباريس أو تلك المرتبطة بالمغرب أو تلك المرتبطة بالإخوان المسلمين. ستحاور فقط الفاعلين الميدانيين في الإسلام".
وفي هذا الجانب، كان قد عانى المجلس من أزمة خانقة العام الماضي، بعدما طلبت الحكومة الفرنسية إقرار "ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسي" الذي يمنع "تدخل" دول أجنبية ويعيد تأكيد "تماشي" الإسلام مع المبادئ العلمانية للجمهورية الفرنسية، إلا أن ثلاثة فيدراليات رفضت التوقيع على الميثاق.
ورغم أن الاتحادات المتحفظة على الميثاق عدلت عن قرارها ووقعت عليه في نهاية ديسمبر إلا أنها لم تقنع بقرارها وزارة الداخلية التي تخلت في تلك الأثناء عن المجلس الذي يعاني كذلك من صفة تمثيلية متدنية، إذ أن أقل من 50 في المئة من مساجد فرنسا التي يقدر عددها ب2500 منضوية فيه.