وليد صبري




* 5 أسباب للسلوك العدواني عند الطفل بينها الإحباطات المتكررة

* أشكال العدوان تتضمن الجسدي والكلامي والرمزي

* الاعتداء على الأقران والمشاكسة من مظاهر السلوك العدواني للطفل

* الإحباط يدفع الطفل إلى العدوان كوسيلة دفاعية مرضية

* العدوان العقلاني يعتمد على مبررات عقلية في موقف محدد

* 13 طريقة لعلاج عنف الطفل بينها العقاب البسيط والتفريغ العضلي

* العدوان التخيلي ينشأ من الصراع بين المشاعر العدوانية والمعايير الضابطة

* 8 إجراءات لوقاية الطفل من العنف أبرزها تجنب الخلافات الزوجية


كشفت أخصائية العلاج النفسي والسلوكي في مستشفى سلوان للطب النفسي د. مي مدحت رمزي، عن 10 أسباب وراء مظاهر السلوك العدواني لدى الأطفال، موضحة أن من بينها، توجيه الشتائم، والألفاظ النابية، وتخريب ممتلكات الغير، والمشاكسة، وعدم الامتثال للتعليمات، والتهديد اللفظي، مشيرة إلى أن هناك نحو 8 إجراءات للوقاية من هذا السلوك العنيف، أبرزها تجنب الممارسات والاتجاهات الخاطئة في تنشئة الأطفال، وأن تكون النزاعات والخلافات الزوجية في الأسرة في حدها الأدنى.

وقالت في تصريحات لـ"الوطن الطبية" إن "العدوان هو كل سلوك فعال يهدف من ورائه إلى سد حاجات أساسية أو غرائزية كما أنه سلوك هجومي منطوي على الإكراه والإيذاء"، موضحة أن العدوان الإنساني يظهر في عدة أشكال منها، العدوان الجسدي، والعدوان الكلامي، والعدوان الرمزي".

وذكرت أن "المدرسة هي المؤسسة الاجتماعية الثانية بعد البيت من حيث التأثير في تربية الطفل ورعايته، وتعود أهميتها لما تقوم به من عملية تربوية مهمة وصقل لأذهان الأطفال، حيث إن وظيفتها الطبيعية أن تستقبل الأطفال في سن مبكرة فتكون بذلك المحطة الأولى للتعامل معهم بعد الأسرة مباشرة، مما يضعها في موقع إستراتيجي تربوي وتعليمي، ومراقبة شاملة يمكنها من اكتشاف قدرات الأبناء واكتشاف الميول السلبية والإيجابية في شخصياتهم".

وتابعت أنه "لعل من أكثر جوانب الحياة المدرسية سلبية وتعقيداً وإشكالاً هو الجانب المتمثل في السلوك العدواني الذي يمارسه بعض الأطفال نحو أقرانهم في المدرسة، حيث إن الجو الانفعالي العام الذي يعيشه الطفل في المدرسة أو في البيت له أثر عميق في مدى تحركه وتفاعله وتحصيله، فقد يشعر الطفل بالتعاسة في المدرسة بسبب موقف الأطفال الآخرين كالسخرية منه أو الاعتداء عليه بقسوة أو شعوره بعدم الانتماء أو الشعبية. وقد يعتدى الأطفال أحياناً على زميل لهم لاعتقادهم بأنه لا يستطيع أن يرد الاعتداء أو لشعورهم بضعفه وعدم قدرته على الوقوف أمامهم بنفسه والاعتماد على ذاته".

وأوضحت د. مي رمزي أنه "قد تعود هذه الصفات إلى التركيب البيولوجي للشخصية أو إلى طريقة التربية التي يتبعها الآباء، وقد يكون الطفل خجولاً، هادئاً يواجه رفاقاً له ذوي شخصيات عنيدة عدوانية ونتيجة لذلك قد يكره المدرسة وينفر منها، فإذا لم يلقَ الطفل المعاملة التربوية الحسنة في المدرسة ويستوعب المناهج المتطورة، فإن حياته سيصيبها الفشل والتقاعس نحو التحصيل العلمي، ويحل جو السأم والضيق في نفسه، ويخلق علاقات عدوانية سواء مع أقرانه أم مع المدرسين وتنقلب حياة المدرسة بالنسبة له صورة قاتمة للحياة البشرية، نظراً لما يصاب به من إحباط متكرر".

وأشارت إلى أن "نظام الحياة اليومية للأطفال يتغير تغيراً حاسماً عندما يبدؤون الحياة المدرسية، كما أن عملية التعلم نفسها تزود الطفل بإحساس التنافس وذلك يدفع إلى فعالية نوازعه العدوانية، ونشرها على غيره وعلى موجودات المدرسة، ويظل المعلم هو العنصر الأساسي في اكتشاف التحولات في سلوك الأطفال وفي التعرف على كثير من أشكال الاضطراب التي تظهر على الأطفال داخل الصف، المر الذي يلقى على كاهل المعلم عبء التعرف على مثل هؤلاء الأطفال وتشخيص ما يواجهون من مشكلات ومساعدتهم على التكيف مع الحياة الاجتماعية للمدرسية، من خلال مساعدتهم على النمو الجسمي والعقلي والعاطفي لتحقيق الأهداف التربوية وتنمية جانب الخير في شخصياتهم وتنمية هذا الجانب عن طريق التشجيع والتوجه واستغلال طاقاتهم إلى أبعد مدى ممكن ومساعدتهم على الاحتفاظ باتزانهم العاطفي وتنمية اتجاهاتهم السليمة.

وفي رد على سؤال حول تعريف العدوان، أفادت د. مي رمزي بأنه هو كل سلوك فعال يهدف من ورائه إلى سد حاجات أساسية أو غرائزية، وهو سلوك هجومي منطوي على الإكراه والإيذاء، وهو بهذا يكون اندفاعاً هجومياً يصبح معه ضبط الشخص لنوازعه الداخلية ضعيفاً، وهو اندفاع نحو التخريب والتعطيل.

وفيما يتعلق بأشكال العدوان، أوضحت أن العدوان الإنساني يظهر في عدة أشكال منها:

* العدوان الجسدي: الذي يشترك فيه الإنسان جسدياً على الآخر ومن أمثلته: الضرب، والرفس، والدفع، والقتال بالسلاح.

* العدوان الكلامي: الذي يقف عند حدود الكلام، ومن أمثلته: الشتائم، والقذف بالسوء.

* العدوان الرمزي: هو الذي يمارس فيه سلوكاً يرمز إلى احتقار الآخرين أو يقود إلى توجيه الانتباه إلى إهانة تلحق بهم.

وتطرقت إلى أنواع العدوان، موضحة أنها تتضمن:

* العدوان المخبوء: كعدوان الطفل عندما يأتي له أخ صغير.

* العدوان المحول: وينتج من تدخل الوالدين وحرمان الطفل من تقرير ذاته، ويعالج بمشاركته ببعض أشياء البيت كرأيه في ملابسه أو في وجبات الطعام أو غيرها.

* العدوان التخيلي: وينشأ من الصراع بين المشاعر العدوانية عند الأطفال ومن المعايير الضابطة .

* العدوان الفردي: حيث يسعى الفرد إلى إلحاق الأذى بغيرها من الجماعات والأفراد.

* العدوان العقلاني:يعتمد على مبررات عقلية في موقف محدد.

وتطرقت د. مي رمزي إلى دوافع العدوان، موضحة أنه بالنسبة للعامل الأساسي الذي يدفع للعدوان، فقد يكون هذا العامل إحباطاً، كما هو الحال في أكثر حالات العدوان، وقد يكون قلقاً، فالطفل الذي يعاني من الإهمال ويعاني من الإحباط نتيجة ذلك، قد يندفع إلى العدوان كوسيلة دفاعية، وقد يكون مرضياً، والميل للعدوان قد ينشأ من أحد سببين أو السببين معاً، الأول، هو منع الكائن الحي من إشباع حاجاته الطبيعية، والثاني، هو تربية الكائن الحي بشكل يقوده إلى المقاتلة.

وفيما يتعلق بطبيعة العدوان، ذكرت أن النزوع إلى العدوان عند الفرد يأتي نتيجة لشعوره بالتهديد، أو لتعرض كرامته أو مكانته لما يجرحها، وقد يأتي مع الشعور بأن الآخرين لا يفهمون الشخص، وقد يأتي مع تهديد لقيم عند الشخص.

وفي رد على سؤال حول أسباب السلوك العدواني، أشارت إلى أن هناك نحو 5 أسباب لذلك، وهي:

1- العدوان غريزة عامة موجودة لدى الإنسان وذلك لتفريغ الطاقة العدوانية الموجودة داخل الإنسان ويجب التعبير عنها .

2- العدوان سلوك متعلم. فيتعلمه الفرد من خلال الخبرات التي يمرون بها في حياتهم وأحياناً يتعلم السلوك العدواني من خلال استجابة الوالدين لرغبات الطفل الغاضب، وذلك لتجنب المزيد من المشاهد المزعجة، وبهذه الطريقة تمكنه من التحكم في محيطه.

3- العدوان نتيجة حتمية لما يواجهه الفرد من إحباطات متكررة وتؤدي إلى تنبيه السلوك العدواني لدى الفرد.

4- عدم قدرة الأطفال على إدراك متى يشعرون بالانزعاج أو الإحباط، ولا يستطيعون نقل هذه المشاعر للآخرين إلا بعد أن ينفجروا في نوبة غضب شاملة.

5- إن معظم الأطفال الذين يأتون من أسر تستخدم العقاب وتسودها الخلافات الزوجية الكبيرة، فإنهم يكتسبون صفات عدوانية ويمارسون سلوكاً عنيفاً.

وذكرت أن هناك نحو 10 مظاهر للسلوك العدواني، وهي:

1- يبدأ السلوك العدواني بنوبة مصحوبة بالغضب والإحباط، يصاحب ذلك مشاعر من الخجل والخوف.

2- تتزايد نوبات السلوك العدواني نتيجة للضغوط النفسية المتواصلة أو المتكررة في البيئة .

3- الاعتداء على الأقران انتقاماً أو بغرض الإزعاج باستخدام اليدين أو الأظافر أو الرأس.

4- الاعتداء على ممتلكات الغير، والاحتفاظ بها، أو إخفائها لمدة من الزمن بغرض الإزعاج.

5- يتسم في حياته اليومية بكثرة الحركة، وعدم أخذ الحيطة لاحتمالات الأذى والإيذاء .

6- عدم القدرة على قبول التصحيح.

7- مشاكسة غيره وعدم الامتثال للأداء والتعليمات وعدم التعاون والترقب والحذر أو التهديد اللفظي وغير اللفظي.

8- سرعة الغضب والانفعال وكثرة الضجيج والغضب.

9- تخريب ممتلكات الغير كتمزيق الدفاتر والكتب وكسر الأقلام وإتلاف المقاعد والكتابة على الجدران.

10- توجيه الشتائم والألفاظ النابية.

وتطرقت د. مي رمزي للحديث عن إجراءات الوقاية من سلوك العنف، موضحة أنها تشمل، عدم التسامح أكثر من اللازم مع التصرفات العدوانية وعدم اللجوء إلى العقاب البدني، وتجنب أن يشاهد الطفل أعمال العنف أياً كان مصدرها التلفزيون أو غيره، وإفساح المجال أمام الطلبة لممارسة أشكال متنوعة من النشاط الجسمي لتصريف التوتر والطاقة، والعمل على تنمية الشعور بالسعادة والفرح والبهجة والسرور، وتجنب الممارسات والاتجاهات الخاطئة في تنشئة الأطفال، وأن تكون النزاعات والخلافات الزوجية في حدها الأدنى، والعمل على تغيير البيئة وإعادة ترتيبها للتخفيف من المشاجرات، وزيادة إشراف الراشدين أثناء نشاط الأطفال بحيث يحول الأطفال دون حدوث استجابات عدوانية.

وفي رد على سؤال حول طرق العلاج، أفادت بأنها تتضمن، "التعاون مع البيت للوقوف على أسباب السلوك العنيف وما إذا كان ناتجاً من الأسرة أو المدرسة، واستخدام المكافآت والتعزيز، والتفريغ العضلي، بتشجيع الطفل على تفريغ غضبه وسلوكه العنيف مع الآخرين عن طريق قيامه بنشاطات جسدية مثل الركض، والسباحة، ولعب كرة القدم، أو السلة أو ضرب كيس الملاكمة لتخفيف توتره، وحرمان الطفل المعتدى من المكسب الذي حصل عليه نتيجة عنفه مع الآخرين حتى لا يرتبط في ذهنه العنف بنتائج إيجابية، وتغيير ظروف البيئة التي أدت إلى العدوان وإعطائه نموذجاً سليماً للتعامل مع غيره، وألا يستخدم الوالدان أو المعلم سلوك العدوان مع سلوك الطفل العدواني، وعلى المعلم أن يعمل على إيقاف السلوك العدواني وأن لا يتغاضى عن سلوك الطفل وعنفه، وتعليم الفرد كيف يتحمل الإحباط على الأقل للدرجة التي تجعله لا يضار من الإحباطات التي تحدث في الحياة اليومية، والحديث مع الذات، فيتعلم الطفل أن يتحدث مع ذاته للتخلص من توتره وشعوره بالغضب، وإمساك الطفل، فقد يفقد الطفل سيطرته على نفسه تماماً، بحيث يحتاج إلى أن يمنع من الحركة أو يبعد عن المكان حفاظاً على سلامته ومنعه من إيذاء نفسه أو الآخرين، وتنمية التبصر، بعد تجاوز نوبة الغضب تماماً، يتم نقاش الحادثة كي يتم تنمية الفهم لديه حول المشكلة بحيث يتضمن النقاش وصفاً لشعورك وشعور الفرد أثناء المشكلة والأسباب التي أدت إلى الغضب، والطرق البديلة لحل المشكلة في المستقبل، والعقاب البسيط، حتى يفهم الفرد أن نوبات الغضب والعنف لن تكون في صالحه يفرض عليه العزلة لمدة دقيقة لكل سنة من عمر الطفل في غرفة خاصة، والمهمة المتناقضة، وهي تلك المهمات التي تبدو نافية للطفل لأنها تفرض طبيعة متناقضة ظاهرياً، مثل الطلب من الأطفال الاستمرار في نوبات الغضب بدلاً من أن يتوقفوا عنها، وهذا يقوم في الواقع بخفض السلوك لأنه يقاوم ما يقال له ماذا يفعل".