حسن علي




* الجينات الوراثية تلعب دوراً في اختيار نوع معيّن من الطعام

* السعادة تطغى على المذاق فتجعل الأصناف حلوة ومحبّبة

* العين تنجذب للأطباق المزيّنة والملوّنة والروائح الطيّبة قَبل الفم

* الاكتئاب يجعل أصناف الطعام المختلفة عديمة المذاق


زوّد الله الإنسان بأجهزة رصد عديدة في جسمه، لتفادي الأخطار والتصرّف بحكمة قبل وقوع المحظور، فمِن هذه الأجهزة الحوّاس الخمس وهي في غاية الأهمية لاختيار نوع معيّن من الطعام الجيد، ويحذر من التسمّمات فالجسم بطبيعته يرفض رائحة الطعام المتعفّن والطعم اللاذع ولعلها تكون مؤشرات على فساد الطعام وعلامة تحذيرية للابتعاد عنه، وفي المقابل فإن العين تنجذب للأطباق المزيّنة والملوّنة والروائح الطيّبة قَبل الفم، ولكنْ يبقى الدور المحوريّ لطبيعة الشخصية بالإضافة إلى المدركات الحسيّة حيث لها دورٌ في الاختيار حسب الدراسات الفسيولوجية والسلوكية.

فاختيارنا للطبق الحُلو أو المالح أو المُرّ أو الحامض واللاذع ليس عبثاً بل يَنمّ عن شخصية معيّنة.

ففي دراسة يابانية نُشرت في أبحاث science Direct، ذكرتْ أن محبّي البحث والتجديد يفضّلون المذاق المالح، في حين أن محبّي المكافآت يفضّلون المذاق الحُلو، وأضافت الدراسة أن البحث عن الإحساس قد يلعب دوراً مهمّاً في تحديد تناول الشخص الكافيين بالإضافة إلى استهلاكه لمنتجات مثل القهوة والشاي والشوكولاتة، وتَمّ ربط البحث عن الإحساس أيضاً بإعجاب الشخص بالأكلات الحارّة، وربطت مستويات هرمون التستوستيرون اللعابي بكمية التوابل التي يضيفها الشخص لطعامه.

وذكرت دراسة نيوزلندية من جامعة أوتاغو أن الذين لديهم درجات أعلى في الانفتاح على التجارب الجديدة تناولوا حِصصاً أكثر مِن الخضروات والفاكهة أسبوعياً مقارنةً مع من كانوا أقلّ انفتاحاً، كما أنهم استهلكوا كمّيات أقلّ من الأطعمة غير الصحيّة مِثل رقائق البطاطس أو البطاطس المقليّة.

ومِن تجارب أُخرى تَبيّن أن المذاق الحامض يجعل الناس أكثر عُرضة للمخاطرة، بينما أنّ تذوُّقَ شيءٍ حُلوٍ يجعلنا أكثر عُرضة للاعتقاد بأن لدينا ميولاً مؤيِدة للمجتمع، ويُمكن أن يجعلنا أكثر رومانسية مؤقتاً.

ولكنْ، هل لجيناتنا الوراثية دورٌ في اختيارنا لنوع معيّن من الطعام؟ نعم، فقد أُحرِز بعضُ التَقدم في هذا المجال كما نشر موقع National Library of Medicine (NIH) إحدى هذه الدراسات التي ذكرت أنه على سبيل المثال طعم الغلوتامات اللذيذ للطماطم مُرتبط بالجين "TASIR3"، ومرارة الجرجير مُرتبطة بـ"TAS2R38"، ورائحة الجُبن بـ"OR11H7"، فيُتَصوَّر أن مجموعة من الاختلافات الجينيّة قد تُساهم في مدى الإعجاب بهذه الشطيرة أو غيرها.

ومع أن تعدّد الأذواق وارتباطه بنمط الشخصية يكاد يكون من المسلَّمات، إلا أن الثقافة والبيئة والأشخاص المحيطين كلّها أدوات قد تَفرض وجودها علينا في كثير من الأحيان.

فقد ثبت أن تأثير الحُبّ على المائدة يطغى على المذاق فيجعل كل الأصناف حلوة ومُحببّة وإن لم تكن كذلك، وفي المقابل الاكتئاب يجعل كلّ الأصناف عديمة المذاق.

فعيشوا الحُبَّ لتَسعدوا بمذاقِ الطعام.

* أخصائي الغذاء والتغذية