د. أروى السيد
سأخبرك ما هو الاكتئاب يا صديقي.
هو ليس ترفاً ولا دلالاً كما يتهكّم بعض غلاظ القلوب.. وليس ضعفاً بالإيمان كما يتّهمك البعض ممن وضعوا أنفسهم حكاماً للرب في الأرض وليس سحراً.. دفنته لك ابنة الجيران لأنك لم تقبل أن تتزوجها.. هو ببساطة شديدة، أن تشعر وكأنك على حافة الحياة.. دون أن تختار ذلك مطلقاً.
هو أن تحاول مستميتاً أن تجعل قلبك يضحك لا شفتيك فقط.. وجهادك كي تستشعر كل النِعم حولك، فأنت لم تنْسها ولست جاحداً كما يدعون.. هو محاولاتك ألا تُمثّل على الآخرين، بأنك بخير، فأنت تُريد فعلاً أن تشعر بأنك بخير.. لكنّك في قعر نفسك، تبقى هكذا، على حافة الحياة.. معلّقاً.. لا تعرف أن تعيش كما يجب.. ولا الحياة تريحك فتدلك على نهاية كما يجب.
الاكتئاب يا صديقي.. الذي يتهكّم عليه الجاهلون.. هو أن تصبح أصغر الأشياء، مهامّ صعبة جداً جداً.. مثل إجابة الهاتف.. كتابة رسالة "واتساب".. النهوض من الفراش.. كل ذلك وأكثر يصبح حملاً ثقيلاً، فلا تستطيع حتى الدعاء للخالق الذي تحبه جداً، ولا أن تبكي رغم أنك تودّ كثيراً لو استطعت.. وتضطر في كل يوم أن توحي للآخرين بأنك على ما يرام.. حاملاً نصف ابتسامة.. ونصف قلب.. ونصف حياة.
الاكتئاب يا صديقي ليس ذنبك.. وليس اختيارك.. لكنه قد يكون امتحانك.. وهو ليس جنوناً بل هو ضريبة تدفعها بسبب فرط حساسيتك بالآخرين وبهذا العالم.. وهو ليس فقداناً للبصيرة.. بل هو إنهاك البصيرة وهي تبحث عن حلول أكثر عدلاً أكثر إنصافا أكثر جمالاً..
لذلك يا صديقي إياك وأنت في خضمّ كل هذا الألم أن تسمح لأحد أن ينعتك بالجنون.. أو التفاهة أو الكفر.
والأهم من كلّ ذلك، إياك أن تخجل من نفسك.. أو تشعر بالذنب.. فلسنا جميعاً نستطيع أن نواجه هذه الحياة لوحدنا.. أحياناً نحتاج المساعدة.. وعندما نحصل عليها، ونصبح أفضل ونستطيع أن نعيش في وسط طريق الحياة لا حافتها، سنحكي قصتنا بكل فخر واعتزاز.. لأن من يقهر الاكتئاب هو تماماً كمن يقهر السرطان، هو شخص اختار أن يعيش لا أن يموت.. وأن يكمل حتى النهاية.. فلا تقف على حافة الحياة وحارب لأجل البقاء.. فللحكاية بقية.
* ناشطة ومهتمة بالصحة النفسية
سأخبرك ما هو الاكتئاب يا صديقي.
هو ليس ترفاً ولا دلالاً كما يتهكّم بعض غلاظ القلوب.. وليس ضعفاً بالإيمان كما يتّهمك البعض ممن وضعوا أنفسهم حكاماً للرب في الأرض وليس سحراً.. دفنته لك ابنة الجيران لأنك لم تقبل أن تتزوجها.. هو ببساطة شديدة، أن تشعر وكأنك على حافة الحياة.. دون أن تختار ذلك مطلقاً.
هو أن تحاول مستميتاً أن تجعل قلبك يضحك لا شفتيك فقط.. وجهادك كي تستشعر كل النِعم حولك، فأنت لم تنْسها ولست جاحداً كما يدعون.. هو محاولاتك ألا تُمثّل على الآخرين، بأنك بخير، فأنت تُريد فعلاً أن تشعر بأنك بخير.. لكنّك في قعر نفسك، تبقى هكذا، على حافة الحياة.. معلّقاً.. لا تعرف أن تعيش كما يجب.. ولا الحياة تريحك فتدلك على نهاية كما يجب.
الاكتئاب يا صديقي.. الذي يتهكّم عليه الجاهلون.. هو أن تصبح أصغر الأشياء، مهامّ صعبة جداً جداً.. مثل إجابة الهاتف.. كتابة رسالة "واتساب".. النهوض من الفراش.. كل ذلك وأكثر يصبح حملاً ثقيلاً، فلا تستطيع حتى الدعاء للخالق الذي تحبه جداً، ولا أن تبكي رغم أنك تودّ كثيراً لو استطعت.. وتضطر في كل يوم أن توحي للآخرين بأنك على ما يرام.. حاملاً نصف ابتسامة.. ونصف قلب.. ونصف حياة.
الاكتئاب يا صديقي ليس ذنبك.. وليس اختيارك.. لكنه قد يكون امتحانك.. وهو ليس جنوناً بل هو ضريبة تدفعها بسبب فرط حساسيتك بالآخرين وبهذا العالم.. وهو ليس فقداناً للبصيرة.. بل هو إنهاك البصيرة وهي تبحث عن حلول أكثر عدلاً أكثر إنصافا أكثر جمالاً..
لذلك يا صديقي إياك وأنت في خضمّ كل هذا الألم أن تسمح لأحد أن ينعتك بالجنون.. أو التفاهة أو الكفر.
والأهم من كلّ ذلك، إياك أن تخجل من نفسك.. أو تشعر بالذنب.. فلسنا جميعاً نستطيع أن نواجه هذه الحياة لوحدنا.. أحياناً نحتاج المساعدة.. وعندما نحصل عليها، ونصبح أفضل ونستطيع أن نعيش في وسط طريق الحياة لا حافتها، سنحكي قصتنا بكل فخر واعتزاز.. لأن من يقهر الاكتئاب هو تماماً كمن يقهر السرطان، هو شخص اختار أن يعيش لا أن يموت.. وأن يكمل حتى النهاية.. فلا تقف على حافة الحياة وحارب لأجل البقاء.. فللحكاية بقية.
* ناشطة ومهتمة بالصحة النفسية