مريم بوجيري
لمن امتنع دون عذر من تمكين المستحق من الزيارة
وافقت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى على مشروع قانون يهدف إلى ضرورة تقرير مواجهة جنائية لظاهرة تعنت الحاضن وامتناعه عن تمكين صاحب الحق في الزيارة من مباشرة حقه الطبيعي في زيارة المحضون ورؤيته، وذلك لسد الفراغ التشريعي في قانون العقوبات الذي يخلو من معاقبة من امتنع من دون عذر عن تمكين مستحق زيارة المحضون من زيارته، وتحقيق التوازن بين الحق في الحضانة والحق في الزيارة دون الاعتداء على أي منهما؛ تحقيقاً للمصلحة الفضلى للمحضون في الحفظ والرعاية.
من جانبهاوافقت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف على المشروع فيما رأى المجلس الأعلى للمرأة ضرورة التريث في إضافة المادة (318 مكرراً) إلى قانون العقوبات، لأن هذه الصياغة ستثير إشكاليات قانونية عدة متعلقة بالمعنى، إذ سيسمح هذا النص بمعاقبة كل من امتنع عن تمكين مستحق الزيارة سواء كان الحضن أو غيره، مما يجعل النص فضفاضاً وغير دقيق، حيث إن المقصود من النص معاقبة الحاضن الممتنع فقط، كما لم يحدد النص نطاق الالتزام المترتب على الممتنع، فهل الالتزام تجاه كل مستحق للزيارة؟ أم تجاه المستحقين الذين حددهم حكم المحكمة الشرعية؟ وبين المجلس الأعلى للمرأة أن هناك تبعات مترتبة على مشروع القانون، وهي:
- إقحام المنازعات الأسرية في نطاق الجرائم وقانون العقوبات، مما يهدد نسيج الأسرة واستقرارها، ويؤثر سلباً على الوضع النفسي للطفل عندما يرى أنه سبب معاقبة أحد والديه.
- إشكالية تحديد الركنين المادي والمعنوي لجريمة الامتناع عن تنفيذ الزيارة، فقد اكتفت المادة بمعاقبة (من امتنع دون عذر عن تمكين مستحق زيارة المحضون من زيارته)، مما لا يعد كافياً في تحديد الركن المادي للجريمة استناداً للمبدأ المستقر في التشريع الجزائي، فهذه الجريمة التي ترتكب بطريق الامتناع، لم يحدد فيها ما المقصود (بعدم تمكين مستحق الزيارة من زيارة المحضون)، فلو أصرت الحاضنة على تنفيذ الزيارة عبر منصة إلكترونية أو أي وسيلة تواصل اجتماعي، هل سيعد ذلك امتناعاً؟ كما سيكون من الصعب إثبات الركن المعنوي للجريمة المتمثل في توفر العمد باتجاه إرادة الجاني إلى الامتناع عن فعل التمكين، بقصد إحداث النتيجة التي عاقب عليها القانون، وهو لم تفعله المادة المقترح إضافتها لقانون العقوبات، إذ إنها لم تحدد المادة الأعذار غير المقبولة التي قد تساعد في إثبات الركن المعنوي للجريمة.
- سيفتح الاقتراح الباب لتعديلات أخرى كثيرة ممكنة في قانون العقوبات تتناول العديد من السلوكيات في الأسرة، كمعاقبة الزوج المتأخر عن تنفيذ النفقة الزوجية أو نفقة الأبناء.
- سبق لقانون أحكام الأسرة رقم (19) لسنة 2009 أن نص في الفقرة (ج) من المادة (143) على أنه: «إذا امتنع الحاضن عن تنفيذ الحكم بالزيارة بدون عذر وبعد إنذاره من القاضي، يكون للمحكوم له بدلاً من طلب الحضانة أن يطلب من قاضي التنفيذ حبس الحاضن»، فهذا النص يتيح للقاضي -حال امتناع الحاضن عن تنفيذ الحكم بالزيارة دون عذر- نقل الحضانة إلى من يليه، كما يمنح قاضي التنفيذ سلطة حبس الحاضن، دون أن يجعل من هذا الحبس عقوبة بالمعنى الوارد في قانون العقوبات، إنما كمجرد وسيلة إكراه بدني للضغط على الحاضن للامتثال لحكم الزيارة بناء على طلب مستحق الزيارة.
- فَقدَ القاضي في النص الحالي أداتي ضغط مهمتين، وهما سلب الحضانة من الممتنع عن تنفيذ الزيارة، وإمكانية حبس الممتنع من قبل قاضي التنفيذ.
- إن مقترح الوساطة في المنازعات الأسرية والذي صدر بالقرار رقم (96) لسنة 2021، سيساهم في التخفيف من حالات امتناع الحاضن عن تمكين مستحق الزيارة من زيارة المحضون، ومنح مزيد من الصلاحية لقضاة المحكمة الشرعية لتسوية الخلاف بين الحاضن ومستحق الزيارة، مما يغني عن اللجوء لقانون العقوبات.
وقالت اللجنة إنه بحسب رأي وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أن الإحصائيات تشير إلى تزايد البلاغات المقدمة إلى الدوائر الأمنية والمراكز الاجتماعية بخصوص الامتناع عن تنفيذ أحكام الزيارة والحضانة بالصورة المقررة لها في الأحكام والقرارات الصادرة، سواء من محكمة الموضوع أو محاكم التنفيذ الشرعية، وأن تعنت الحاضن وامتناعه عن تمكين صاحب الحق في الزيارة بات ظاهرة تحتاج إلى مواجهة جنائية لسد هذا الفراغ التشريعي.