وليد عبدالله




لقد أحدث فوز المنتخب السعودي الشقيق على نظيره منتخب الأرجنتين في انطلاقة مباريات المجموعة الثالثة بمونديال كأس العالم 2022، ضجة كبيرة في الأوساط الرياضية العالمية وفي جميع وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. حيث كان لذلك الانتصار التاريخي وقع غير مسبوق، خصوصا عندما انصبت معظم التوقعات على فوز المنتخب الأرجنتيني الذي كان مرشحا وبقوة في تحقيق الفوز في أولى مباريات على حساب المنتخب السعودي، كوّن الأرجنتين واحدة من المنتخبات المرشحة وبقوة لنيل لقب هذه النسخة من كأس العالم.


ولعل هذا الفوز الذي حققه أبطال الأخضر السعودي لم يأت من فراغ، بل جاء نظير الدعم اللامحدود والمتواصل من قبل القيادة السعودية للعبة لكرة القدم بالمملكة الشقيقة، والذي وفر جميع العوامل لنجاح للمنتخب في الظهور بمستوى مشرف في انطلاقة مشواره بهذه المجموعة.

الانتصار الأخضر لم يكم وليد الصدفة، فالكرة السعودية كانت ولا تزال مثال حي في المنطقة على مستوى قارة آسيا.

حيث تعتبر المنتخبات الكروية السعودية إحدى المنتخبات القوية على مستوى القارة الآسيوية في جميع الفئات العمرية، والتي استطاعت في أن تحقق الألقاب الآسيوية وأن تصل إلى مونديال كأس العالم في الفئات جميعها.

يبدو أن ذلك كان فضل المنهج الواضح التي تسير عليه الكرة السعودية في عملية تطوير المنظومة بشكل تكاملي، من خلال دعم الأندية والذي ساهم في إيجاد القواعد الكروية القوية بفضل التأسيس الصحيح، والذي انعكس على اكتشاف المواهب والعناصر المميزة، ومن ثم أوجد الأسماء من اللاعبين المحليين الذين يمتلكون القدرات والإمكانيات الفنية الكبيرة بفرق الكبار، إلى جانب وجود مسابقات كروية تمتاز بقوة التنافس والذي أفرز منتخبات ذات جودة عالية.

وبالعودة للمنتخب السعودي الأول والذي حقق الفوز على الأرجنتين في مباراة أمس الأول بالمونديال ومقارنته بالمنتخبات السابقة، نجد أن المنتخب الحالي لا يمتلك نجوما كالحارس محمد الدعيع، يوسف الثنيان، سامي الجابر، فؤاد أنور، سعيد العويران وفهد المهلل وغيرهم من النجوم التي مرت على الكرة السعودية. بل إن ما يميز المنتخب الحالي في أنه منتخب يلعب كرة جماعية ولا يعتمد على الأسماء الموجودة.

ولعل نظام الاحتراف الرياضي الذي تمتاز به الرياضة السعودية على وجه الخصوص، هو ما يدفع للمحافظة على النسق التطويري المتواصل في جميع الألعاب الرياضية بما فيها كرة القدم، وهذا الأمر ظهر جليا في هذا المنتخب منذ مرحلة التصفيات المزدوجة والذي نجح في حجز مقعده في هذه النسخة من المونديال كمتصدر عن مجموعته. واليوم، نجده يتصدر المجموعة الثالثة «مؤقتا» بعد فوزه على أحد المرشحين وبقوة للمنافسة على لقب كأس العالم.

فوز الأخضر السعودي على الأرجنتين هو درس في منتهى الروعة، ونموذج مثالي يجب أن تحتذي به جميع منتخباتنا الكروية من الفئات وحتى المنتخب الأول. فلا يوجد كبير في عالم كرة القدم، فالجميع قادر على إحداث التغير والمفاجآت وتحقيق الانتصارات.

حيث سيبقى الفوز السعودي على الأرجنتين علامة وذكرى بارزة على مر التاريخ ليس فقط في الكرة السعودية فحسب، وإنما على مستوى الكرة العالمية.

ولكن ما تحتاج إليه كرة القدم البحرينية أكبر بكثير مما هو متوقع، فكرة القدم هي جزء من الرياضة والتي لا تحتاج فقط لرعاية لحظية للوصول لهدف ما، بل تحتاج لخطط عمل واضحة المعالم وبرامج تطويرية متواصلة للمحافظة على ما وصلت إليه من منجزات تدفع لتحقيق المزيد من النجاحات.

فعلى سبيل المثال، تحقيق المنتخب الأول للقب خليجي 24 ولقب النسخة 9 من بطولة غرب آسيا، كان يجب أن يكون دافعا ليس فقط لتطوير مستوى المنتخب، بل لتطوير منظومة كرة القدم بشكل تام، كزيادة مخصصات دعم الأندية لتكوين قواعد كروية على أسس صحيحة، وتشكيل فرق قاعدة على المنافسة، إلى جانب تطوير المسابقات الكروية من الفئات العمرية وحتى الكبار بروزنامة موسمية واضحة، إلى جانب رفع سقف المكافآت في هذه المسابقات يفوق معدل صرف الأندية على تعاقداتها، ليكون حافزا لتحقيق التنافس وبقوة في هذه المسابقات، إلى جانب تطوير العوامل المساهمة والمساندة للنجاح ومن أبرزها المنشآت الرياضية من خلال بناء مدن واستادات رياضية جديدة وكذلك الجانب التنظيمي والإعلامي، لإثراء المسابقات الكروية على الشكل الذي خدم عملية التطوير التكاملية لمنظومة كرة القدم المحلية.