د. مجيد صفر جاسم
لا يهدف المقال إلى الدفاع عن المشروبات الغازية، فأصحاب القرار يدركون الجوانب السلبية لها ولذلك تم فرض ضرائب انتقائية مرحلية مما ضاعف من سعرها في السوق، وبالتالي انخفضت مبيعات مصانع الإنتاج مما سيساهم في خفض فاتورة وزارات الصحة بسبب علاج المصابين بأمراض السكر والقلب والجهاز الهضمي وغيرها.
تعتبر مكونات المشروبات الغازية سرية لدى الشركات العالمية ولكن التحليل الكيميائي لهذه المنتجات الاستهلاكية بين أن المكونات الرئيسة هي: مياه غازية، شراب ذرة عالي الفركتوز، لون الكراميل، سكر، حمض الفوسفوريك، الكافيين، حمض الستريك، ألوان صناعية، ونكهات طبيعية. لكل من هذه المكونات آثار سلبية موثقة بالأبحاث العلمية على صحة الإنسان تم إعلانها للرأي العام من خلال وسائل الإعلام. فعلى سبيل المثال المستهلك الذي يشرب علبتي مياه غازية يومياً تزيد نسبة احتمالية إصابته بمرض السكر من النوع 2 مقارنة بالشخص الذي لا يشرب. على العموم سبب كتابتي للمقالة هو إلقاء الضوء على دور ثاني أكسيد الكربون في المشروبات الغازية.
تسمية المشروبات الغازية تأتي في الأساس من إذابة غاز في الماء تحت ضغط مرتفع وتعتبر هذه العملية هي نتيجة انتقال المادة ومن ثم تفاعل بين الماء والغاز حسب أبجديات الهندسة الكيميائية. وقد تم اختيار غاز ثاني أكسيد الكربون لعدة أسباب: الذوبانية العالية لهذا الغاز مقارنة بالغازات الأخرى، ومن ثم تفاعل الغاز مع الماء لتنتج أيونات الهيدروجين وأيونات البيكربونات بعد تحلل حمض الكربونيك الناتج من تفاعل ثاني أكسيد الكربون والماء. تعتبر أيونات الهيدروجين مسببة لإحساس المذاق الليموني لنكهة المشروب الغازي وتعتبر إحدى المميزات المهمة لمتذوقي المشروبات الغازية. وأخيراً، عند فتح زجاجة المشروب تخرج فقاعات غاز ثاني أكسيد الكربون من المشروب في عملية انتقال مادة معاكس للإذابة مسببة فوران المشروبات الغازية وهي إحدى المميزات التي يتم استخدامها في عملية التسويق.
بعد معرفة أسباب اختيار غاز ثاني أكسيد الكربون نستطيع أن نستكشف كمية الغاز المذاب في علبة المشروب (300 ملليتر) وبعملية حسابية نستنبط أن وزن كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في العلبة بين 2-3 جرام فقط. للمقارنة فإن كمية غاز ثاني أكسيد الكربون من عملية الزفير يقدر بكيلوجرام في اليوم للشخص وهذا يوضح انخفاض نسبتها الكمية. أما بالنسبة إلى الحموضة فإن السائل المسؤول عن انخفاض الآس الهيدروجيني للمشروبات الغازية هو حمض الفوسفوريك وليس حمض الكربونيك الناتج من امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون والدليل أن درجة الحموضة للمياه الكربونية التي تباع في الأسواق أعلى من المشروبات الغازية الأخرى.
تاريخياً، إحدى أسباب اختيار غاز ثاني أكسيد الكربون هي أن الغاز متوافر كمنتج فرعي من تخمر الكربوهيدرات إلى إيثانول وبالتالي هناك تنسيق بين مصانع المشروبات الغازية والمصانع المنتجة للغاز الفرعي بدلاً من انبعاثه في الهواء الجوي. لا شك أن مطالعي هذا المقال يدركون أن غاز ثاني أكسيد الكربون يعتبر أحد الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وبالتالي هناك دوافع لتخفيف كمية الانبعاثات الكربونية.
أحد مواضيع الأبحاث هو التقاط ثاني أكسيد الكربون واستخدامه من مصادر الانبعاث، فعلى سبيل المثال مصانع إنتاج الطاقة وتكرير البترول والبتروكيماويات والألمنيوم تنتج كميات ضخمة من غاز ثاني أكسيد الكربون تنبعث في الهواء الجوي وإحدى الأفكار التي تخفف هذه الكميات هي إعادة استخدام الغاز في مصانع المشروبات الغازية التي ينمو استهلاكها في الأسواق سنوياً.
* أستاذ مشارك الهندسة الكيميائية - جامعة البحرين
{{ article.visit_count }}
لا يهدف المقال إلى الدفاع عن المشروبات الغازية، فأصحاب القرار يدركون الجوانب السلبية لها ولذلك تم فرض ضرائب انتقائية مرحلية مما ضاعف من سعرها في السوق، وبالتالي انخفضت مبيعات مصانع الإنتاج مما سيساهم في خفض فاتورة وزارات الصحة بسبب علاج المصابين بأمراض السكر والقلب والجهاز الهضمي وغيرها.
تعتبر مكونات المشروبات الغازية سرية لدى الشركات العالمية ولكن التحليل الكيميائي لهذه المنتجات الاستهلاكية بين أن المكونات الرئيسة هي: مياه غازية، شراب ذرة عالي الفركتوز، لون الكراميل، سكر، حمض الفوسفوريك، الكافيين، حمض الستريك، ألوان صناعية، ونكهات طبيعية. لكل من هذه المكونات آثار سلبية موثقة بالأبحاث العلمية على صحة الإنسان تم إعلانها للرأي العام من خلال وسائل الإعلام. فعلى سبيل المثال المستهلك الذي يشرب علبتي مياه غازية يومياً تزيد نسبة احتمالية إصابته بمرض السكر من النوع 2 مقارنة بالشخص الذي لا يشرب. على العموم سبب كتابتي للمقالة هو إلقاء الضوء على دور ثاني أكسيد الكربون في المشروبات الغازية.
تسمية المشروبات الغازية تأتي في الأساس من إذابة غاز في الماء تحت ضغط مرتفع وتعتبر هذه العملية هي نتيجة انتقال المادة ومن ثم تفاعل بين الماء والغاز حسب أبجديات الهندسة الكيميائية. وقد تم اختيار غاز ثاني أكسيد الكربون لعدة أسباب: الذوبانية العالية لهذا الغاز مقارنة بالغازات الأخرى، ومن ثم تفاعل الغاز مع الماء لتنتج أيونات الهيدروجين وأيونات البيكربونات بعد تحلل حمض الكربونيك الناتج من تفاعل ثاني أكسيد الكربون والماء. تعتبر أيونات الهيدروجين مسببة لإحساس المذاق الليموني لنكهة المشروب الغازي وتعتبر إحدى المميزات المهمة لمتذوقي المشروبات الغازية. وأخيراً، عند فتح زجاجة المشروب تخرج فقاعات غاز ثاني أكسيد الكربون من المشروب في عملية انتقال مادة معاكس للإذابة مسببة فوران المشروبات الغازية وهي إحدى المميزات التي يتم استخدامها في عملية التسويق.
بعد معرفة أسباب اختيار غاز ثاني أكسيد الكربون نستطيع أن نستكشف كمية الغاز المذاب في علبة المشروب (300 ملليتر) وبعملية حسابية نستنبط أن وزن كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في العلبة بين 2-3 جرام فقط. للمقارنة فإن كمية غاز ثاني أكسيد الكربون من عملية الزفير يقدر بكيلوجرام في اليوم للشخص وهذا يوضح انخفاض نسبتها الكمية. أما بالنسبة إلى الحموضة فإن السائل المسؤول عن انخفاض الآس الهيدروجيني للمشروبات الغازية هو حمض الفوسفوريك وليس حمض الكربونيك الناتج من امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون والدليل أن درجة الحموضة للمياه الكربونية التي تباع في الأسواق أعلى من المشروبات الغازية الأخرى.
تاريخياً، إحدى أسباب اختيار غاز ثاني أكسيد الكربون هي أن الغاز متوافر كمنتج فرعي من تخمر الكربوهيدرات إلى إيثانول وبالتالي هناك تنسيق بين مصانع المشروبات الغازية والمصانع المنتجة للغاز الفرعي بدلاً من انبعاثه في الهواء الجوي. لا شك أن مطالعي هذا المقال يدركون أن غاز ثاني أكسيد الكربون يعتبر أحد الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وبالتالي هناك دوافع لتخفيف كمية الانبعاثات الكربونية.
أحد مواضيع الأبحاث هو التقاط ثاني أكسيد الكربون واستخدامه من مصادر الانبعاث، فعلى سبيل المثال مصانع إنتاج الطاقة وتكرير البترول والبتروكيماويات والألمنيوم تنتج كميات ضخمة من غاز ثاني أكسيد الكربون تنبعث في الهواء الجوي وإحدى الأفكار التي تخفف هذه الكميات هي إعادة استخدام الغاز في مصانع المشروبات الغازية التي ينمو استهلاكها في الأسواق سنوياً.
* أستاذ مشارك الهندسة الكيميائية - جامعة البحرين