الحرة

تسعى دولة الإمارات العربية إلى أن تكون رائدة في مجال صناعة الرقائق وأشباه الموصلات التي تكتسب أهمية فائقة باعتبارها من أهم الموارد الحيوية التي لا غنى للمجتمعات الحديثة عنها حيث تستخدم في قطاع واسع من المنتجات مثل الهواتف والسيارات والتكنولوجيا المستخدمة بالمستشفيات.

وفي حين أن صناعة أشباه الموصلات هي واحدة من أكثر الصناعات تطلبا لرأس المال على مستوى العالم، فإن الاستثمار الاستراتيجي لدولة الإمارات العربية المتحدة في هذا القطاع هو جزء من استراتيجية إماراتية أكبر للتركيز على التكنولوجيا العميقة ووضع الدولة كرائد تقني في ظل الرؤية الاقتصادية 2030، وفقا لما ذكر تحليل بموقع "ناشيونال إنترست".

فبعد سنوات من الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتطوير العلاقات الدولية، ووضع دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز إقليمي لشركات التكنولوجيا متعددة الجنسيات، أنشأت الحكومة الإماراتية منصة لجعل الدولة اقتصادًا رقميًا رائدًا في الشرق الأوسط، وعندما فاجأ انتشار جائحة كورونا العالم، برزت تلك الدولة العربية كواحدة من أكثر الاقتصادات تمكينًا رقميًا، مع القدرة على التعبئة والتكيف بسرعة مع احتياجات اللحظة.

ولقد وضعت الحكومة الإماراتية رؤية وطنية كانت أساسية في تحديد الأهداف لمختلف الصناعات حيث أصبحت التكنولوجيا والإنترنت في طليعة الأولويات مع سعي دولة الإمارات لرقمنة الحياة اليومية.

وتشمل بعض المجالات المحددة في إطار الرؤية الوطنية وداخل المجال التكنولوجي للدولة الروبوتات وسيارات الأجرة الطائرة، والطائرات بدون طيار المتقدمة ومراكز البيانات وتطوير مركز التكنولوجيا والاستثمارات في صناعة أشباه الموصلات.

ومن المتوقع أن تطلق Cruise، وهي شركة تدعمها جنرال موتورز وهوندا، أول سيارة أجرة آلية في دبي في عام 2023، علما أنه الهدف هو الحصول على 4000 سيارة ذاتية القيادة بحلول عام 2030.

وفقًا لولي عهد دبي الشيخ حمدان، فإن الإمارة تهدف إلى القيام برحلات ذاتية القيادة لتشكل 25 بالمائة من إجمالي الرحلات في الإمارة.

وبالإضافة إلى سيارات الأجرة الآلية، تقوم دولة الإمارات بقفزة لتوسيع خدمات النقل بسيارات الأجرة باستخدام الطائرات الكهربائية، إذ تكليف شركة Eve Holding، وهي مطور برازيلي، بإنتاج وتسليم ما يصل إلى خمسة وثلاثين مركبة أجرة لدعم جهود دبي لتطوير النقل الجوي في المناطق الحضرية علما أن شركة فالكون لخدمات الطيران، وهي شركة محلية في دبي، هي من سوف تقوم بإدارة وتشغيل سيارات الأجرة.

وتعد الطائرات بدون طيار أو الطائرات بدون طيار مجالًا رئيسيًا آخر من مجالات التركيز للاستثمار في الإمارة، إذ كشفت شركة EDGE، وهي شركة تطوير طائرات بدون طيار مملوكة للدولة، مؤخرًا عن طائرة بدون طيار Hunter 2-S في أبو ظبي.

وتتضمن قدرات Hunter 2-S التتبع وتوفير معلومات الموقع أثناء التعامل مع الهدف. تم جعل الطائرة بدون طيار تتسكع لفترة طويلة من الزمن وتتولى مهام المراقبة والاستخبارات والاستطلاع.

الرهان على أشباه الموصلات

في محاولة لوضع نفسها كقوة تقنية خارج الشرق الأوسط، استثمرت الإمارات على نطاق واسع في قطاعات التكنولوجيا المتخصصة التي تحتل مركز الصدارة في الاقتصاد العالمي.

وصناعة أشباه الموصلات هي خير مثال على ذلك. في عام 2011، كجزء من جهود دولة الإمارات العربية المتحدة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن إنتاج الطاقة، استحوذت شركة مبادلة للاستثمار في أبوظبي، وهي مستثمر سيادي رائد، على شركة استثمار التكنولوجيا المتقدمة (ATIC)، الشركة الأم لشركة تصنيع أشباه الموصلات "غلوبل فاوندريز" ومقرها كاليفورنيا.

وتعد تلك الشركة واحدة من أكبر خمس شركات لتصنيع الرقائق على مستوى العالم، وتنتج أشباه موصلات متقدمة لشركات مثل أبل وإنتل وأمازون، كما أنها تعتبر ثالث أكبر منتج لأشباه الموصلات بعد TSMC وسامسونغ.

في الآونة الأخيرة، أعلنت "غلوبل فاوندريز" عن خطط للتوسع من خلال بناء مصنع تصنيع جديد بقيمة 4 مليارات دولار في سنغافورة.

وعلى الرغم من عدم وجود أي مؤشر فيما إذا كانت الإمارات العربية المتحدة ستحاول بناء صناعة أشباه الموصلات داخل البلاد، بيد أن أبو ظبي مستثمر قوي في هذا القطاع.

وتعد جامعة خليفة في أبوظبي من أوائل المؤسسات الأكاديمية في المنطقة التي تقدم تدريبًا على تصميم أشباه الموصلات، ومؤخراً، قامت شركة Next Orbit Ventures الإماراتية وشركة Tower Semiconductor الإسرائيلية بتأسيس مشروع مشترك لاستثمار 3 مليارات دولار لإنشاء مصنع لتصنيع الرقائق في الهند.

ويعتبر استثمار الإمارات في "غلوبل فاوندريز" جزءًا من طموح إماراتي أكبر لتحويل تركيزها إلى التكنولوجيا العميقة وترسيخ الدولة كرائد تقني عالمي، وليس مقصورًا على الشرق الأوسط. مع الرؤية الوطنية لدولة الإمارات العربية في أن تصبح رائدة عالميًا في مجال التكنولوجيا والابتكار، مع وجود آمال بأن تجلب الحكومة الإمارتية صناعة إنتاج أشباه الموصلات إلى أراضيها على المدى الطويل.