حديث الصحافة الدارج هذه الأيام، جاء بالتأكيد على شكاوى الناس واستشعارهم بارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ورواتب الأيدي العاملة، يصاحبها عوامل كثيرة منها زيادة كلفة الشحن، ورفع البنوك المركزية سعر الفائدة، والحروب الإقليمية وغيرها الكثير من العوامل التي تفزع المستهلك، بسبب أننا شعوب فتية استهلاكية غير منتجة.

أقول إن التاجر لا يخسر أبداً، مع احترامنا للتجار ككل، يستثمر نعم ويصرف لتعود الأرباح على سلة استثماراته حتى ولو بعد حين، ولا يخسر أبداً حتى إذا ضعفت الفائدة جداً فهي مسؤوليتنا نحن التجار.

الموضوع المغاير، اشتعال الأسعار وطرق التملص من تقليل الربح أو تغير نمط التجارة، والذي على ما يبدو أنه تغير بعد أزمة كورونا (كوفيدـ19)، ولا ننسى أن هناك أزمة قبل الجائحة، تتمثل في إنذار من حالة كساد طويل، وسأتحدث عنه وأرفعه بعين الاعتبار إلى المسؤولين بوزارة الصناعة والتجارة والسياحة، التي تفرض غرامات على التجار مضاعفة مقارنة بما قبل الجائحة، فالغرامة الواحدة تبدأ من ألف دينار ومضاعفاتها وهي حقيقة لا مزاح فيها.

موضوعي اليوم، أصطف فيه كمواطنة لا كسيدة أعمال، مع تجار في وقف التلاعب الكمي لا الأخطاء البسيطة تحت ضعف الصرف أو عدم تسديد الغرامات التي نعاني منها كلنا بسبب كساد الأسواق، فاليوم التجار وبالذات المطاعم ومحلات التجزئة لا تكتفي بتقليل الجودة والتعليب ولكن الموضوع تعدى ذلك إلى تقليل الكميات بشكل كبير.

أزمة محل شاي الكرك المسكين، الذي واجهه الإقفال بسبب روبية ونصف أو روبيتين، باعتقادي كان على الأقل واضحاً ومعقولاً، ولم يتجاوز الحد الأدنى من أخلاقيات العمل التجاري، والذي نواجهه اليوم حقيقة!

اليوم في بيوتنا وفي مطاعم مملكتنا الحبيبة، نرى حصص الطعام والمواد الاستهلاكية ولا أبالغ وصلت إلى النصف تقريبا! وهذا الموضوع تكرر بشكل واضح ومقيت أكثر من أن يتكلم فيه أي صحفي أو كاتب أو محلل اقتصادي، حيث بدأت أشفق فيه على الناس وإلى ما سوف تؤول إليه الأمور من تزايد فزع الناس، والذي بلا شك سوف ينعكس على شكل الاقتصاد لاحقاً بضرر أكبر من أضرار "كورونا" أو الأزمات الاقتصادية والكساد والشحن.

لا نعلم، هل سنتجه قريباً إلى أن نجد ما يقدم لنا في المطعم، نصف عيش صحن على نصف "بيرجر" ونصف كوب بيسبي، فقد يكون التجار معذورين ولكن لا نعلم أين الخلل؟

* سيدة أعمال ومحللة اقتصادية