اليوم، ونحن في رحاب العقد الثّالث للمسيرة الإصلاحيّة الّتي أرسى دعائمها حضرة صاحب الجلالة الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» ملك البلاد المعظّم حفظه الله ورعاه، يتذكّر المواطنون الّذين هم في العقد الخامس والسّادس من عمرهم المديد تطوّر الأحداث، وبناء مملكتنا الدّستوريّة، وطن الدّيمقراطيّة ودولة القانون، بدْءاً من الميثاق الوطنيّ، والعقد الاجتماعيّ، والضّمانة الأولى «دستور 2002» لتنظيم العلاقة بين السّلطات والحياة الكريمة. منذ بدء المسيرة الإصلاحيّة التّنمويّة الشّاملة والمستدامة، وترسيخ اللّبنات الأولى للمسيرة الدّيمقراطيّة في المملكة، جاءت الإصلاحات على كافة الأصعدة الّتي أسّست للحياة الدّيمقراطيّة المعاصرة، وبناء مجتمع الحرّيّات المبنيّة على حبّ الوطن، والولاء لقيادته، والتّمسّك بالإرث الّذي صنعته الحضارات من التّنوّع في الطّوائف، والتّعايش السّلميّ بين الأديان. تلك الرّؤية الّتي أسّست وطناً ديمقراطيّاً جميلاً، حريّ بنا جميعاً أن نفخر به كمواطنين وكمقيمين، حيث جسّدت رؤى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظّم، وأعلت قيم التّسامح وحوار الثّقافات والأديان، وجعلت المملكة نموذجًا يحتذى به. كان لمسيرتنا الدّيمقراطيّة شجون وتحدّيات كثيرة، ففي العقد الأوّل «الألفيّة 2001-2010» لمسيرتنا الدّيمقراطيّة مرّت المنطقة بتحدّيات جسام كان عنوانها الحرب على الإرهاب، وتداعيّاتها على تجربتنا الدّيمقراطيّة الوليدة، وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصاديّة والسّياسيّة والأمنيّة. وتبعها عقدٌ آخر من التّحدّيات الّتي صادرت العقد الثّاني من الألفيّة بين عامي «2010-2019» تحت مسمّى «الرّبيع العربيّ» المشؤوم. العقد المقبل سيكون بإذن الله، وبحكمة قائدنا حضرة صاحب الجلالة الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» ملك البلاد المعظّم حفظه الله ورعاه، وبمتابعة وتنفيذ صاحب السّموّ الملكيّ الأمير «سلمان بن حمد آل خليفة» ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله عقداً زاهراً لإكمال مسيرة التّنمية والبناء نحو المستقبل المشرق، والمزيد من الممارسات الدّيمقراطيّة، بعد أن اجتزنا بحمد الله جائحة «كوفيد 19» وبدأنا العودة التّدريجيّة المدروسة لتنفيذ استراتيجيّة الحكومة الموقّرة للبرامج التّنمويّة المستدامة، والتّطوّر على كافة الأصعدة. إنّ تخيّل مستقبل أفضل، والانخراط الحاسم في صناعته، وتعزيز مهمّة كلّ مواطن على أرض مملكتنا الحبيبة، بات شعاراً للمرحلة القادمة لمراجعة منجزاتنا وإخفاقاتنا، والعمل جميعاً تحت مظلّة الدّستور والقانون لنسهم كلّ في مجاله واختصاصه في الارتقاء لتحقيق رؤية «2030». ومن ضمن الأولويّات الّتي تمليها علينا المرحلة القادمة، ونحن على أعتاب الانتخابات النّيابيّة للدّور «التّشريعيّ السّادس» أن ندقّق جليّاً، ونحسن الاختيار للمترشّحين الأكفاء، ونتعلّم من الماضي، ونستحضر ونستشرق أهمّيّة المرحلة القادمة؛ لإكمال البناء للمسيرة الدّيمقراطيّة والتّنمية المستدامة. وهذا يحتاج إلى مراجعة شاملة مع ذوي الاختصاص والخبرة لما تحقّق ولما نطمح إليه للأجيال القادمة، وتشجيع الشّباب على المشاركة في صناعة مستقبلهم في ظلّ الحياة الدّيمقراطيّة الكريمة الّتي نتمتّع بها في مملكة البحرين.

* باحث أكاديميّ