لعل السؤال الذي ينبري بقوة بعد أن توقفت المواجهات في غزة بين إسرائيل و «الجهاد الإسلامي» هو كيف علمت إسرائيل بأماكن تواجد عدد من أبرز القياديين «الجهاديين»؟ منطقياً لا يمكن لإسرائيل أن تفعل ذلك لولا أنها حصلت على معلومات دقيقة وإلا لما أقدمت على توجيه تلك الضربات وهي واثقة، ومنطقياً لا يمكن أن يقول عاقل في مثل هذه الحالة غير أن «الجهاد الإسلامي» مخترقة ومكشوفة جداً لإسرائيل.

ولعل السؤال الذي ينبري بقوة هو الآخر أيضاً هو لماذا آثرت «حماس» الصمت ولم «تنبس ببنت صاروخ» ضد إسرائيل كما تهدد في كل حين؟ لماذا فعلت ذلك رغم أنها مستفيدة من النظام الإيراني الذي يحتضن «الجهاد الإسلامي» وفوتت فرصة حصولها على دعم إيراني إضافي لها؟

عن هذا كتب أحد الناشطين في «تويتر» إن «تسمية ما فعلته «حماس» بالحياد في تصفية «الجهاد الإسلامي» وقياداتها بـ«التكتيك» أو «تبادل الأدوار» مدعاة للسخرية فعلاً. حماس ذاقت حلاوة السلطة وستفعل أي شيء للبقاء فيها، ورأى أن هذه المنظمة الفلسطينية استجابت لمطلب إسرائيل بالحياد في الهجوم على «الجهاد الإسلامي». وهذا يعني أن «حماس» خذلت رفيقة دربها وشريكتها في «النضال» ولعله يعني أنها هي التي وفرت ما يلزم من معلومات دقيقة لإسرائيل كي تتمكن من ضرب ذلك «الشريك». وهذا وذاك وغيره معناه أن الخلافات بين الفصائل الفلسطينية وسعي كل منها للتفرد بالسلطة نتيجته المنطقية نهاية المقاومة الفلسطينية وأن هذا سيحدث فور أن تطمئن إسرائيل لواحدة من تلك الفصائل وتقبل بتفردها بالسلطة في غزة أو ربما في فلسطين كلها.

يكفي هذا للرد على تلك الأبواق التي اندلعت فور المواجهات واعتبرت أن هذا حدث «رغم الاتفاقية الإبراهيمية» بين إسرائيل وعدد من الدول الخليجية والعربية، وكأن من شأن هذه الاتفاقية أن تمنع حصول أي مواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين في التو والحال.. وكأنهم كانوا قد رضوا بها ولم يهاجموها.