من المتعارف عليه أنّ مبادئ الدّيمقراطيّة عامّة ومشتركة بين الدول، ولكنّ شكل الدّيمقراطيّة ومؤسّساتها وممارساتها وآلياتها تختلف من دولة لأخرى، فهناك دول لها برلمانات ذات مجلس واحد، في حين إنّ معظم بلدان العالم الدّيمقراطيّة لديها برلمان يتكوّن من مجلسين.

في مقالة معهد البحرين للتّنمية السّياسيّة (23 أكتوبر 2011) خصوصيّة الدّيمقراطيّة البحرينيّة «من متطلبات تكوين الثّقافة السياسيّة الواسعة أنّها تساهم في التّعرّف على السّبب الّذي يؤدّي لأن تكون الدّيمقراطيّة في إحدى الدّول بهذا الشّكل، وكذلك الحال بالنّسبة لمملكة البحرين الّتي لا يمكن فهم الدّيمقراطيّة فيها بمعزل عن فهم طبيعة المجتمع وخصائصه وسماته المتعدّدة، بالإضافة إلى جذوره التّاريخيّة، وارتباطاته الإقليميّة والدّوليّة».

ديمقراطيّة مملكة البحرين الّتي أرسى دعائمها جلالة الملك المعظّم حفظه الله ورعاه من سماتها أنّها « ديمقراطيّة بإرادة ورغبة بحرينيّة خالصة» فإنّ التّحوّل الدّيمقراطيّ في مملكتنا الغالية تمّ بإرادة وطنيّة خالصة عندما اتّخذ حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم قراره التّاريخيّ بالبدء في التّحوّل الدّيمقراطيّ بعد أن تشاور مع مختلف مكوّنات المجتمع وتعرّف على تطلّعاتهم ورؤاهم في هذا المجال، وتمّ التّصويت بنعم للميثاق الوطنيّ بمشاركة شعبيّة واسعة.

ومن سمات ديمقراطيّة مملكتنا أيضاً أنّها «ديمقراطيّة توافقيّة وتعاقديّة» حيث صدرت الرّغبة الملكيّة السّاميّة الّتي أكّدت على أهمّيّة أن تقوم الدّيمقراطّية البحرينيّة على التّوافق والتّعاقد بين كافّة الأطراف في تلك المرحلة التّاريخيّة الهامّة، ليقرّر العاهل طرح مشروع الميثاق في استفتاء شعبيّ عامّ يقام لأوّل مرّة في تاريخ بلدان مجلس التّعاون الخليجيّ هذا التّوافق والتّعاقد الّذي مهّد لتعديلات دستوريّة تمّت في 14 فبراير 2002.

ومن سمات ديمقراطيّتنا الرّائدة أنّها «تحافظ على استقرار وتوازن المجتمع التّعدّديّ» حيث إنّ الدّيمقراطيّة البحرينيّة تتمتّع بخصوصيّة في مراعاتها بشكل كبير استقرار وتوازن مجتمع البحرين التّعدّدي، فعلى سبيل المثال نجد أنّ مجلس الشّورى (يضم 40 عضوًا بالتّعيين من جلالة الملك المعظّم) تُمّثَّل فيه الأقلّيّات باستمرار، وكذلك بعض الجماعات مثل التّكنوقراط ورجال الأعمال والقانونيّين والأكاديميّين والأطباء وغيرهم من الكفاءات الوطنيّة.

ومن أهمّ سمات الدّيمقراطيّة البحرينيّة أنّها «ديمقراطيّة قابلة للتّطوّر الذّاتيّ» حيث أناطت بالسّلطة التّشريعيّة الأطر والآليّات والوسائل الكفيلة بتطوير الدّيمقراطيّة في أيّ وقت، كما هو الحال بالنّسبة لصلاحيّة التّعديلات الدّستوريّة الّتي يتمتّع بها أعضاء السّلطة التّشريعيّة، وهذا يعتمد على النّضوج السّياسيّ والثّقافيّ لأعضاء المجلس النّيابيّ.

لقد أرسى حضرة صاحب الجلالة الْمَلِك «حمد بن عيسى آل خليفة» ملك البلاد المعظم أيّده الله دعائم الممارسة الدّيمقراطيّة الحقّة، والّتي تقوم على أسس وسمات صحيحة مفهومها حكم الشّعب بواسطة الشّعب؛ لذلك انتهجت مملكة البحرين أسس الدّيمقراطيّة كمنهجٍ للفصل بين السّلطات (التّنفيذيّة، والقضائيّة، والتشريعيّة) مع تعاونها تحقيقًا للصّالح العام.

ولما كانت السّلطة التّشريعيّة هي المعبّرة عن إرادة الشّعب ممثّلةً في أعضاء المجالس النّيابيّة الّذين يختارهم الشّعب مُمثّلين عنه كانت الانتخابات الحرّة المباشرة هي الوسيلة الممكنة للاختيار، ووصول أفضل المعبّرين عن إرادة الشّعب من الأكفاء والمتخصّصين إلى المجلس النّيابيّ.

اِنطلاقًا من هذا المبدأ النّبيل، فإنّ النّاخب البحرينيّ يعي أّهمّيّة المُشاركة في الاِنتخابات النّيابيّة والبلديّة القادمة للفصل التّشريعيّ السّادس وحساسيّة وأهمّيّة الفترة القادمة وحجم التّحدّيات الاقتصاديّة وتحسين الوضع المعيشيّ للمواطن مع مراعاة برنامج التّوازن المالي الّذي حُدّد له حتّى عام (2024) من أجل تحقيق أهدافه كاملة بإذن الله.

وتنفيذاً لرؤية حضرة صاحب الجلالة الْمَلِك «حمد بن عيسى آل خليفة» ملك البلاد المعظّم أيّده الله في أن يكون الحكم في مملكتنا الغالية ديمقراطيًّا، السّيادةُ فيه للشّعب مصدر السّلطات جميعاً، علينا جميعاً في هذا الوطن الغالي أن نعي أهمّيّة المرحلة القادمة ونحسن اختيارنا للأكفأ لتحمّل المسؤوليّات الجسام.

* باحث أكاديميّ