بعيداً عن الجدلية الأخيرة بشأن التوظيف والبحرنة ونوعيات الوظائف وإحلال المواطن محل الأجنبي، هذا موضوع آخر مرتبط، لكنه يسير في اتجاه آخر مهم جداً معني بقيمة واحترام المواطن والحفاظ على كرامته في عمله.

علينا الإدراك أن البحرين حفظها الله ومن عليها بالأمن والنعم، وبقيادة رجل الإنسانية جلالة الملك المعظم حفظه الله، وبعمل صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله من خلال رئاسته للحكومة وعمل أفرعها المختلفة، علينا إدراك قيمة البحريني وأهميته لدى قيادته، وأن كرامته وعزته تأتي في مقام أول.

دائماً نقول: «ارفع راسك انت بحريني»، ونقول أيضا «افتخر أنت بحريني وقائدك حمد بن عيسى»، وهي عبارات تستدعي استذكار العزة والكرامة والتشرف بوطنيتك وانتمائك، لذلك فإن الحفاظ على كرامة أي بحريني هدف أصيل تماماً.

ما سأقوله له شواهد وأمثلة لا محالة، إذ حتى لو كانت الحالة السائدة إيجابية إلا أن لكل قاعدة شواذ، وستجد لو بحثت عن حالات يجب توقيفها عند حدها والتصدي لها وحتى إبعادها، لو ثبت أنها قللت من قدر البحريني أو استهدفت كرامته وعزته بذريعة العمل والتراتبية الإدارية.

هدفنا الحفاظ على كرامة البحريني في أي مكان، والتأكيد أن أولاد البلد هم الأساس، وهم الأصل، وهم الذين يجب أن يعملوا في وظائفهم براحة من دون ضغوط أو استهداف. وعليه أقول إنه في إطار المساعي لبحرنة الوظائف، وإحلال المواطنين الأكفاء لا بد أيضاً من البحث عن تلك النماذج السيئة لبعض الأجانب الذين يتولون مسؤوليات في أي قطاعات تعمل في البحرين، النماذج التي تتسلط إدارياً بحكم المنصب وتعامل البحرينيين بطرق غير مقبولة.

لو بحثنا ودققنا، ولو سألنا البحرينيين وتقصينا، سنجد أن هناك حالات تعمل بهذا الأسلوب الذي يستهدف المواطن ويقلل من شأنه، بل بعضهم يسعى لتسهيل عملية استقطاب أقاربه وأصدقائه من نفس الجنسية بذريعة أن نوعية تلك الوظائف لا يوجد بحريني قادر على شغلها! معقولة ولا بحريني واحد يمتلك القدرة؟! عموماً ليس موضوعنا، لكن أن تنسى أن وجودك بسبب البحرين التي تعاقدت معك لتنقل خبرتك إلى أبنائها وبعدها تتوكل لحالك، وتتحول إلى شخص يعامل البحرينيين بدونية فهذا ليس مقبولاً إطلاقاً، ولا يجب أن يظن بعض هذه النماذج أنه بمقدورها التقليل من قدر المواطن أو تستهين به أو تعامله بفوقية أنها لن تحاسب على فعلها؟!

أذكر قبل 15 عاماً في قطاع ما يضم خبرات أجنبية، وفي اجتماع إداري جمعنا كمسؤولين، قام أحد الأجانب الذين غالباً ما يتحدث بفلسفة، قام بالتقليل من شأن البحرينيين الذين يعملون تحت سلطته. على الفور قلت له: لا تقلل من شأن أبناء البحرين، أنت هنا لا للفلسفة أو التسلط عليهم، البحريني قبلك وأعز منك في بلده، وكلها فترة وأنت ستذهب ويحل محلك بحريني، فاحترم حتى تُحترم. والحمد لله كلها أسابيع وتم إنهاء عقده وإحلال بحريني كفء مكانه.

الفكرة هنا -وأكرر- ليست معنية بإحلال المواطن محل الأجنبي، إذ ذاك موضوع طويل بحد ذاته ومهم أيضاً، لكنه معني بمن هم متواجدون حالياً في مواقع عمل ومناصب، بعضهم أخلاق وإدارة راقية واحترام يُقدر لهم، لكن النوع الآخر السيئ عليهم أن يدركوا قيمة المواطن في بلده، عليهم أن يستوعبوا عزة البحريني وسمو قدره عند قيادته. احترم البحريني يحترمك بزيادة، حاول أن تهينه وتستهدفه، ستجد كل البحرينيين أمامك.