عُقِدت حتى الآن، ما بين ثلاث إلى أربع جلسات خاصة بمجلس النواب، ولم نشاهد سوى القليل من الكلام المفيد، والكثير من اللغو واللغط. هذا كله ونحن لم نبدأ بعد بشكل جدي في أعمال المجلس، وما ينبغي على الأعضاء مناقشته ومعالجته من قوانين مهمة، ومقترحات فاعلة، ورقابة لصيقة لعمل الحكومة خلال المرحلة القادمة.

بعد أول مداخلات حقيقية لبعض أعضاء مجلس النواب، رأينا وشاهدنا وسمعنا بعض الفكاهات والطُّرف الخاصة بالمقترحات التي تناولوها بطريقة غريبة وعجيبة. بل نعتقد أن بعضهم وكأنهم يعيشون في غير وطنهم، بل يعيشون في كوكب آخر، وهذا يدل بأن بعض النواب مازالوا منفصلين عن الواقع الاجتماعي والسياسي، ولا يعرفون حاجات المواطن، فضلاً عن اقترابهم من حياته المعيشية.

في مقابل هذه الفئة «الكوميدية»، هناك فئة لا همَّ لديها سوى رفع الشعارات الرنانة، والتعويل على رفع منسوب الصوت والصراخ داخل المجلس، لكسب تعاطف الناس بطريقة عاطفية وساذجة، بينما لا علاقة للتشريعات وسنِّ القوانين برفع الحناجر عند كل مداخلة، وإنما يجب التركيز على هموم الشارع وقضاياه، وأن يكون ذلك وفق طرح قانوني ودستوري، بعيداً عن التشنجات ورفع الأصوات.

هناك فئة ثالثة من النواب، وهي فئة «لا أسمع، لا أتكلم، لا أرى»، وقد تستمر معهم هذه الحالة طيلة عمر المجلس، وربما تكون محصلة عملهم، مجموعة من الأصفار على الشمال. هؤلاء النواب، أسوأ من بقية الفئات، التي على الرغم من تخبطها، إلا أنها مازالت تحاول مرات ومرات، علَّها تصطاد فكرة صالحة للعمل بها.

الشعب البحريني كان ومازال يعول على عمل الأخوة والأخوات داخل مجلس النواب، وهو ينتظر حتى اللحظة أن يكون المجلس نصيراً لهم في قضاياهم المصيرية والمعيشية، ولو استمر بعض النواب على هذا النهج الفارغ أو على سيرهِ في طرق الضحك، فإن عطاء المجلس سيكون تحت الطموح الشعبي بكل تأكيد.

نحن هنا لا نستنقص من قدر أحد، ولا نقصد أي أحد بعينه، ولكن، من واجبنا كإعلاميين أن نوضح «الصورة» لهم ولغيرهم بكل شفافية ومن دون أدنى مجاملة، وهي كيف يرى الشارع البحريني ممثليه داخل المجلس، وما يقوم به بعضهم من عمل لا علاقة له بالعمل البرلماني في الوقت الراهن، وما يجب عليهم فعله بالطريقة التي يمكن أن نطلق على هؤلاء مسمى «النواب».