بعد ندوة ارتفاع أسعار السلع نظمتها صحيفة «الوطن»، والصدى الكبير الذي حققته في الانتشار، كنت على علم بأنها أسبقيات تسخين لمجلس النواب في جلسته الثلاثاء الماضي، بعد أن وضعت الجلسة على جدول أعمالها ملف غلاء الأسعار بحضور وزير الصناعة والتجارة، حيث قررت استباق الجلسة بمقال خفيف قد ينشر لاحقاً عن «ثقافة الدفع»، لإيماني بالابتعاد قليلاً عن مشاهد الجلسة خوفاً على صفاء أفكاري الخاصة، ولكن حب الفضول للأسف دفعني لأرى ما قد أصبت في مقالي الاستباقي وقراري والذي يبدو أنه كان من الأفضل لي لو التزمت فيه قليلاً.

لأدخل في صلب الموضوع مباشرة بدون لف أو دوران حول طرح أحد النواب بعصبية مطلقة وهو ما عودنا عليه بصراحة بالتلويح بورقة الشارع للضغط على أداء الحكومة في مراقبة الأسعار والتي ستشهد انخفاضاً تدريجياً، حيث اعتبر أن اللجان الشعبية ستراقب أسعار البضائع مع ضغط بالمقاطعة رغم أني لم أقم باستشارة أحد القانونيين إلى الآن بقانونية الموضوع.

ومن منطلق المبدأ ولأننا نكتب عن هموم الناس، ولأننا أيضاً ممن رفع شعارات الأمل مع بداية الفصل التشريعي الجديد، فلا يمكن أن نعارض توجه الناس في إيجاد الحلول الأفضل لتحسين مستواهم المعيشي عبر تشكيل لجان لمقارنة الأسعار واختيار السعر المناسب للشراء بأسعار تتناسب والوضع المادي الحالي، فهذا حق أصيل للمواطن ومن منطلق شفافية الأسواق والمنافسة الحرة.

ذهب البعض في فرط التحليل بأنه تصعيد، إلا أني أرى موضوعية الناس بالانشغال في الأمور المعيشية لمحاولة الاستثمار حتى رغم توجهاتها المختلفة لتوفير ورفع المستوى المعيشي باعتباره حقاً أصيلاً آخر للمواطن البحريني الكريم، وهو ما يميزه بصراحة، ونحن اليوم نرفع القبعة لاجتهادات المواطن الخاصة بأموره الموضوعية والتي كفلتها له الدولة، طالما هي ضمن إطار القانون بدون المساس بحقوق الآخرين وأن يشرف على سلامة اختياراته حين عجز النائب عن تحقيق ذلك عند التلويح بورقة اللجان، واكتشفت أنها تشكلت مسبقاً قبيل حتى أكثر من شهرين مع تنظيم داخلي صارم بضرورة الالتزام بالقوانين ودون التعرض لأي من الشخصيات أو شخصنة غلاء الأسعار بالتحدث في أمور تخص تشريعات الدولة وهو الطرح الذي يعتبر مناسباً جداً وحقاً من حقوق الناس.

النشاط الذي تشهده الساحة الحالية من مناقشات، تبث لنا «لايف» من مجالس أسبوعية خاصة لسعادة النواب ومجالس اقتصادية نشطة بعد انقطاع كبير، يعبر عن حالة حضارية مبشرة جداً لوضع حلول عاجلة ومبتكرة خارج الصندوق، فيما لو كان هناك عجز عن العمل على رفع الرواتب لأنه سوف يشكل خللاً في الفارق بين رواتب موظفي القطاعين الحكومي والخاص، والذي بالتأكيد لن يتمكن من ذلك بسبب التوقيت المبكر ونحن في أول أيام السنة من تطبيق خطة التعافي الاقتصادي، أضف إلى ذلك أننا مقبلون على مفهوم طرح اللجان الشعبية فهو مفهوم عصري سيسحب الكثير من صلاحيات النائب من ضمنهم من لوح بهذا الطرح، حيث سنشهد قريباً اللجنة الشعبية لتوظيف العاطلين واللجنة الشعبية لمكافحة الغلاء واللجنة الشعبية للمساعدات واللجنة الشعبية لمراقبة حتى أداء النائب!!!!

* سيدة أعمال ومحللة اقتصادية