اتفاق المملكة العربية السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتي البلدين أكّد أمرين مهمين؛ الأول هو أنَّ بإمكان السياسيين أن يحدثوا الكثير من التغيير في مختلف الشؤون لو أرادوا وعزموا، وأن السبيل لحل كل مشكلة هو التفاهم وتقديم التنازلات، والثاني هو أنّ المملكة العربية السعودية لا تعمل لنفسها فقط ولكن لصالح كل المنطقة والعالم. لكن رغم حالة الفرح التي أوجدها الإعلان عن ذلك الاتفاق فإنّ المراقبين طرحوا العديد من الأسئلة المعبرة عن هواجس حكومات ومواطني دول مجلس التعاون ودول المنطقة إجمالاً، وأولها كان عما إذا كانت إيران ستلتزم بالاتفاق ولا تنحرف عنه، إذْ من غير المعقول، منطقياً ونظرياً، أن تغير من سياساتها وقناعاتها وتترك الشر الذي ارتدته على مدى أربعين سنة ونيف في يومين رغم مكاسبها الكبيرة من الاتفاق.

من الأسئلة الهاجسة أيضاً إلى أي مدى ستلتزم إيران باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتعمل على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقَّعة بينها وبين السعودية قبل أكثر من عقدين؟

إعادة فتح سفارتي البلدين وتعزيز العلاقات بينهما وتبادل السفراء أمر طيب ومهم ومفرح للجميع وترحب به كل دول المنطقة والعالم، لكن الأطيب والأهم هو أن يشكل هذا الاتفاق وهذه الإجراءات خطوة إيجابية على طريق حل كل الخلافات وإنهاء النزاعات الإقليمية وإقامة العلاقات على أسس من التفاهم والاحترام المتبادل وحسن الجوار، وهذا يعني أنه حان الوقت لتغير إيران من نهجها وسياستها وإلا انتهى كل شيء.

من الأسئلة التي ينبغي لإيران توفير إجابات عملية وواضحة لها مدى قدرتها على تجاوز مواد الدستور التي قيدت نفسها بها وألزمتها بدعم كل من يدعي المظلومية، فما يهم دول مجلس التعاون أيضاً هو توقفها عن دعم وتمويل وإيواء أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة وفي ثورة» لأن استمرارها في ذلك من شأنه أن يجرح الاتفاق وقد ينهيه.