أقبل علينا شهر رمضان المعظم بخيراته ونفحاته وبركاته وتعطرت الأجواء بالنسمات الملائكية تحمل إلينا الهبات الربانية بوعود محققة بنص الكتاب من لدن رحيم غفور كريم بالرحمة والمغفرة والعتق من النيران، أتى شهر الخير والبركة والمغفرة ليطمئن القلوب ويمنح الجسد عطلته السنوية من التشبع المادي الدنيوي لنتروح بالمشاعر الروحانية في أجواء الطاعة والعبادة.

ولكن شهر رمضان هذا العام أتاني موافقاً للذكرى الخامسة لانتقال ولدي الحبيب الشهيد سمو الشيخ ناصر صباح فهد الناصر الصباح، طيب الله ثراه وأكرم مأواه، في جنات النعيم يا ملاكي الجميل وغفر الله لنا تقصيرنا وانتقم لك ولكل الشهداء وجمعنا بهم في مستقر رحمته، لقد أتى شهر الخير والبركة للأمة الإسلامية ليطمئن قلوبنا بأن الحياة الدنيا ما هي إلا يوم أو بعض يوم وأن الآخرة هي الحياة والقرار والخلود في النعيم المقيم، هلّ علينا شهر النفحات والغفران ليواسينا مواساة عظيمة بأن نصبر ونحتسب وأن الحياة الحقيقية لم تبدأ بعد وأن لقاء الأحبة من أمة التوحيد والصيام والصلاة والزكاة والحج والقرآن قادم واجتماعهم في جنة الرضوان هو الرجاء وسر الطمأنينة.

وإن تحدثت عن ولدي الحبيب فكيف أبدأ ومن أين أبدأ!! فهو بحق زينة شباب العائلة وقدوتهم وكان رحمه الله حنوناً عطوفاً يملؤه الطموح والحماس وحب الخير لذوي رحمه، كان وقوراً مغلفاً بقوة الشخصية والثقة والاعتزاز بالنفس وذا مهابة، وكان دائماً يحدثني عن إعجابه الشديد بسمو الشيخ ناصر بن حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة مستشار الأمن الوطني قائد الحرس الملكي البحريني وكان يعتبره قدوة له، وكان يتحدث دائماً عن قوة شخصيته وحماسه وروحه القيادية، ولم لا وقد جمعتنا أواصر الدم والقرابة، هذه الروابط والأواصر حملت في جيناتها القيم المشتركة للنخوة والبطولة والعزة والشرف نتوارثها جيلاً بعد جيل، ومن مصادفات الأقدار وتآلف الأرواح أن ولدي الحبيب رحمه الله وسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة حفظه الله جمعهما حب الرقم 13 وأن رقم 13 هو رقم اليوم الذي وُلد فيه أولادي الثلاثة بما فيهم ولدي الحبيب سمو الشيخ ناصر صباح فهد الناصر الصباح رحمه الله وجميعهم وُلدوا في يوم «السبت»، وقد لاحظت مؤخراً هذا الارتباط بينهما في رقم 13 عندما رأيت ابني سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة حفظه الله يعتز برقم 13 ويظهره دائماً على صدر ملابسه الرياضية في المسابقات الرياضية المتنوعة وذلك على خلاف الثقافة الغربية في هذا الرقم، فكلاهما يعتز بالثقافة العربية الأصيلة وهويتهما الخليجية الشامخة التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، ولقد كان اختيار ولدي الحبيب لقدوته في محله، فالصيت والسمعة الطيبة المشرفّة يسبقان صاحبهما إلى الوجدان في عالم النبلاء والفرسان، وكم كان ولدي الحبيب يتمنّى أن يلتقي سموه في أقرب فرصة ولكن إرادة الله ومشيئته لم تحقق له هذه الأمنية، عسى الله أن يحققها له في جنات الخلد إنه ولي ذلك والقادر عليه.

في هذه الأيام المباركة علينا أن نجدد العهد مع الله ونغتنم الفرص وفسحة الأجل، وألا ننسى أحبابنا الذين فارقوا دنيانا الفانية من الدعاء بأن يجمعنا الله بهم وأن لهم حقوقاً في أعناقنا كما أننا لنا حقوق في أعناق من يأتي بعدنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولن نجد في حياتنا وقتاً أعظم من شهر رمضان وطاعاته المقبولة والمستجابة بإذن الله.

وفي الختام أتوجه إلى المولى عز وجل بأن يجمعني بولدي الحبيب في جنات الخلد كما جمعني به في الدنيا، وأن يجمع كل الأحباب بأحبائهم في مستقر الرحمة والرضوان، وكل عام وأنتم بخير وأمن وسلام.