استوقفتني كلمة جلالة الملك المعظم عن «التفاؤل» التي قالها للدكتور علي فخرو وهو ممسك بيده ويعدد مآثره التي قدم منها الكثير لوطنه.

لِمَ شدد جلالته على هذه القيمة الجميلة «التفاؤل»؟ وقال إن البحرينيين دأبوا عليه وإن أخلاق أهل البحرين دائماً تتمسك بالتفاؤل، ثم ربط ذلك بما عاصره جلالته ومعه

د. علي فخرو من البدايات التي كانت صعبة في تأسيس الدولة ومعاصرتهما لتلك التحديات معاً، وقال إن البدايات لم تكن سهلة وكانت متواضعة منذ مجلس الدولة وإنما رغم ذلك كنا متفائلين، وأضاف جلالته أنه هو نفسه يتبع مدرسة التفاؤل، كما هم أهل البحرين «انتهى».

تلك الكلمة القصيرة المقتضبة التي حملت المعاني الكثيرة والدلالات والرسالات التي وجهها جلالته لنا جميعاً بأنه بالمقارنة بين تلك الأيام مع الوضع الآن، والنقلة النوعية التي حدثت في مملكة البحرين على كل صعيد يتعلم المرء أنه أياً كانت الصعاب والعقبات والتحديات إلا أنها لا بد من أن تكون مؤقتة ولا بد من أن يكون هناك يسر بعد عسر فَلِمَ إذاً التشاؤم وقت الضيق أو وقت الصعاب، لِمَ لا نعمل على تذليل تلك الصعاب إنما بروح التفاؤل؟

تشخيص التحديات ممكن بروح تفاؤلية وممكن أن يكون بروح تشاؤمية، الحديث عن الصعاب والعقبات ممكن أن يكون بروح تفاؤلية وممكن أن يكون بروح تشاؤمية، والأمر ليس مجرد خيارات مزاجية بلا أسس ترتكز عليها، إنما هو خيار مبني على تجارب مخضرمة لأعمار مديدة أمدها الله طولاً وصحة وعافية، أعمار عاصرت الشدة والرخاء وحفرت في الذاكرة تلك النهايات لكل صعاب ولكل التحديات السابقة التي كانت تبدو في حينها أنها بلا نهاية، لهذا من الضروري لمن مر على كل هذه المطبات والتقلبات أن يكون متفائلاً، وخاصة بعد تلك المسيرة، بل ينقل هذا التفاؤل للأجيال التي من بعده.

هي رسالة جميلة وذات مغزى وتم اختيارها بعناية لنا جميعاً وبالأخص لمن يتصدى منا لمخاطبة الرأي العام وبالتأكيد لم تُلقَ اعتباطاً، مفادها أنه أياً كانت نظرتكم للوضع الحالي، أيما كان تشخيصكم له فلا تصفوه رغم صعوبته ورغم عظم تحدياته دون إلحاقه بالتفاؤل، تلك النفحة التي تعطيك أملاً ونفَساً عميقاً تعينك على ما تواجهه وتخبرك أنه دائماً ما يكون هناك نور ودائماً ما يكون هناك جميل ينتظرنا، تلك النظرة التي تشخص الواقع بمصداقية لكنها تؤكد لك أن هناك حلولاً وحسن نوايا تؤمن بأن «مع» وليس «بَعد» العسر يسراً فإن لم يَرَ المخضرم من الناس التفاؤل فمن الذي يراه إذاً؟