منذ مدة، طرأ في بالي سؤال مهم، وهو كم عدد البرامج والمحتوى البحريني، سواء في التلفزيون أو الصحف

أو الإنترنت أو أي شكل من أشكال البث والنشر؟

حقيقة، لا أتوقع أن أحداً ما يستطيع الإجابة على هذا السؤال، ولكن الجميع متفقون على أنه قليل جداً، وربما يكون معدوماً في بعض المجالات الإعلامية والفنية، والسؤال هو لماذا؟.. لتأتي الإجابة مباشرة بقلة الدعم أو المردود المادي، بالإضافة إلى معوقات أخرى كثيرة لن أتطرق لها الآن.

للأسف، إن الإنتاج البحريني ضعيف جداً من ناحية الكم والتنوع، ومن يخرج بفكرة لا يستمر طويلاً لضعف المردود المادي في غالب الأحيان، ومن استمر منهم اضطر للتضحية والسفر للإنتاج من خارج البحرين.

ولن أتطرق إلى ذكر أي اسم من الأسماء، إلا أنه يمكنكم المرور بذاكرتكم لتذكر بعض البرامج أو الممثلين أو حتى المغنيين، أو المقدمين أو الإعلاميين أو المحللين الكرويين أو غيرهم، الذين لم يستطيعوا الاستمرار في تقديم ما يريدون تقديمه، وغالباً «لأسباب مادية».

حديثي لا يقتصر على البرامج بشكلها التقليدي والمعتاد فقط، بل يشمل كل نوع من أنواع المحتوى، سواء أكان فنياً أو ترفيهياً أو إنسانياً أو معلوماتياً أو اقتصادياً أو سياسياً، وحتى المسلسلات و «السكتشات» والمقاطع القصيرة، وغيرها الكثير من الأمور.

نرى في دول شقيقة وصديقة، كمية محتوى وبرامج منتجة لا يمكن تخيلها، بعضها يكون مدعوماً من الدولة، والآخر من القطاع الخاص، حتى حققت هذه البرامج انتشاراً كبيراً بين جمهورها أولاً، ثم انتقلت إلى جماهير الدول المجاورة أيضاً.

أما الجمهور البحريني.. فمسكين، لا يجد في المحتوى أو الإنتاج البرامجي البحريني ما يشبعه أو يروي عطشه في أي مجال يريده، فيذهب إلى محتويات دول أخرى، ليجد كماً هائلاً مما يحتاجه من في أي مجال كان.

البعض من الجماهير البحرينية التي لجأت إلى المحتوى الخارجي، بدأت بتشرّب الثقافة التي وردتها من هذا المحتوى، سواء أكانت كلمات ولهجات أو طريقة لبس معينة، وحتى عادات مختلفة ربما عن عادات البحرينيين.

طبعاً كل ذلك هو ما أمكن حصره من أضرار، وربما مع السنوات القادمة، سنرى المزيد من أضرار الثقافات المختلفة التي أطلت علينا من شاشات صغيرة كانت أو كبيرة.

إذاً..الحل في تكثيف النشاط الإنتاجي البحريني، سواء أكان مرئياً أو مسموعاً أو مقروءاً، وأن يكون شاملاً لجميع المجالات، سواء بدءاً من برامج الأطفال، وصولاً لأعقد البرامج السياسية، مروراً حتى بالمسلسلات والأغاني وبرامج البودكاست، والمسرحيات وغيرها.

وبكل تأكيد، فإن هذا الكم من الإنتاج، يعني ضرورة إيجاد الدعم سواء المادي أو اللوجستي أو القانوني أو غيرها مما يحتاجه المبدع ليظهر إبداعه، وليكون الجمهور البحريني متشبعاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.