حينما كنا صغاراً، كنا نفرح بأبسط الأمور والأشياء.. بعضنا كان يفرح بعيد الفطر أكثر من عيد الأضحى، كونه سيلبس ملابس جديدة، وعليه أن يحتفظ بها إلى العيد القادم.

كنا نحصل على مبالغ بسيطة، لا تتعدى «الربابي».. وإن كان محظوظاً سيحصل على نوط «بودينار».. أما الطبخة المخملية فربما كانت تحصل على 5 أو 10 دنانير.

ورغم ذلك، كان للعيد بهجته، والفرحة التي لا تضاهيها فرحة أخرى، بل ونتشوق لرؤية الأهل والأصدقاء والأحباء، ونلعب بأبسط الأمور والمعدات، بل وحتى لذة الشراء من «البرادة» غير.

أما الآن، بصراحة لا أجد الجيل الجديد متشوقاً للعيد كما هو الحال في السابق، بل وبعضهم يصرخ من «الملل» رغم أن لديه بدل ثوب العيد، عدة ثياب، ولكل يوم ثوب وبدلته الخاصة به.

لا نراهم يفرحون حتى لو كانت «العيادي» ثمينة، ولم يعد هناك من يفرح بالدنانير -إلا نادراً منهم- حتى وإن كانت «نوط بوعشرين»، بل وربما «يتحلطمون» حتى وإن جمعوا مبالغ كبيرة في العيد.

وآخرون أصبحوا ينامون في العيد، ولا يرغبون بتاتاً بالزيارات العائلية، ولا يقيمون وزناً لوجبة الغداء التي تنوعت أصنافها، وأصبحت أكثر بكثير من السابق.

حقيقة لا أعلم.. هل هو تشبع من النعم التي أغدقها الله علينا؟ أم إنها ثقافة عامة بدأت تنتشر مع انتشار «السوشيال ميديا»، وأصبحت الكآبة يوم العيد «ترند»؟.

بالمقابل، نراهم يفرحون برأس السنة، رغم أن «البرامج» فيها أقل بكثير من برامج العيد، وهي معظمها لا تمت لثقافتنا.

بل ونراهم يفرحون وينتظرون «أعياداً» دخيلة علينا، من بينها «الهالوين» و «عيد الحب» على سبيل المثال لا الحصر.

يفرحون بها رغم أنها لا تحتوي على «عيدية»، وليس فيها صلة رحم، وغالباً برامجها «ليست مجانية» ومحصورة على فئات معينة في كثير من الأحيان، كما أنها ليست «عطلة رسمية» ولكن «الشكوى لله».

ربما للأهل دور في ترسيخ ثقافة الفرحة بالعيد، وربما هم يحاولون ولكنهم يفشلون، وربما السوشيال ميديا أو الثقافات الدخيلة أكبر من قدرتهم على زرع الفرحة في وجود أبنائهم.. ولكنهم بكل تأكيد طرف هام في هذه المعادلة.

ولكن ما أعلمه، هو أن العيد من «شعائر الله».. ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، وهذه الأعياد هي التي تربينا وترعرعنا عليها، وهي أصل من أصول الدين، والفرحة فيها «واجبة».

ربما يجيبنا التربويون، والأخصائيون حول كيفية زراعة فرحة العيد لدى الأجيال الجديدة، وإلا فربما يزحف الاكتئاب المصطنع إلى بقية المجتمعات العربية والإسلامية.