لو رجعنا إلى الماضي البعيد، وقبل اكتشاف النفط عام 1932، ودخول البحرين عالم الصناعة الحديثة في عهد حاكم البحرين الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة الذي حكم من 1923-1942، نرى أن الأعمال في البحرين أغلبها تعتمد على صيد اللؤلؤ وصيد السمك والزراعة والحرف الرئيسية وصناعة السفن الخشبية، والأسفار للتجارة «القطاعة»، ونقل البضائع والمسافرين ذهاباً وإياباً إلى الموانئ القريبة والبعيدة من البحرين وجيرانها مثل السعودية والساحل المتصالح وقطر والكويت والبصرة والموانئ الغربية من إيران ومسقط والهند، وكل عمل من تلك الأعمال لها قادة ولهم أحكام متعارف عليها بينهم، تنظم حق كل طرف من أطراف العمل، إلا أن بعض تلك الأحكام والقوانين فيها إجحاف بحق الشغيلة والعمال، والعمل يبدأ من شروق الشمس إلى غروبها بأجر زهيد، لكنه يسد الرمق والعوز. بدأت البحرين بسن قانون الغوص في عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وكان قانوناً رائدة إنصاف الغاصة والسيوب، والمحافظة على حقوق النواخذة والطواويش ومن المعروف أن الغيث أو السيب يظل يعمل لدى النوخذة طالما عليه دين من التسقام أو السلفية أو الخرجية، وإذا مات انتقل دينه إلى ابنه الأكبر، لكن قانون الغوص الجديد قضى على ذلك وأنهاه، وهذا يعد طفرة في قانون حقوق العمال ولأول مرة في البحرين والخليج العربي.

وكثرت الأعمال وتشعبت بعد النهضة المباركة واتصالنا بالعالم المتحضر وما لديهم من قوانين كثيرة تغطي ما استحدث من أعمال حديثة كما نرى في الواقع المعاش، ولكل نشاط أو حراك إنتاجي قانون ينظم حقوق أصحاب الأعمال من التجار وأصحاب رؤوس الأموال وملاك الإنتاج والموظفين والعمال.

وعندما تبنت الأمم المتحدة الدفاع عن حقوق العمال وصون آدميتهم وحقوقهم في إعلان أممي، كانت البحرين أول الدول التي تبنته، فكان العمال يخرجون في مسيرات في الشوارع الرئيسية، وهي مسيرات سلمية تعبر عن أحاسيسهم ومعاناتهم وعدم مساواتهم مع كبار موظفي الشركات الكبرى الوليدة في البحرين، وإدخال الإصلاحات في قانون العمل البحريني والمطالبة برفع الأجور لتواكب ارتفاع الأسعار في السلع الرئيسية، وتصليح أحوال معيشتهم من سكانية وتعليمية وصحية، وضمان راتب تقاعدي بعد انتهاء خدماتهم وإحالتهم على التقاعد، هذا حدث من بعد الاستقلال في عهد صاحب السمو الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة محقق الاستقلال الناجز الذي أنهى المعاهدة بين المنامة ولندن والتي كانت تنص على الحماية الخارجية فقط ورعاية مصالح البحرينيين في الخارج، في وقت لم يكن لدى البحرين إلا قوة شرطية قليلة لأمن الداخل وصون السلم والحقوق الملكية الشخصية. وها نحن الآن نعيش في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وبمساندة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه، وبتأييد منقطع النظير من القاعدة الوطنية المخلصة، فإننا نعيش عصراً من القوة والسؤدد والكرامة والمشاركة في القرار السياسي عن طريق مجلسي النواب والشورى، والاتحاد الحر لنقابات العمال البحرينية، والهيئات والمنظمات المدنية الوطنية التي تعنى بحقوق العمال، ونشارك عمال العالم أجمع بعيد العمال العالمي بمباركة من جلالة الملك المعظم والحكومة الموقرة.

يصادف الأول من مايو من كل عام ونحتفل به، وهذه ثمرة من ثمار الاستقلال والمشروع الإصلاحي الشامل لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وأطال عمره ووفقه لما فيه خير البلاد وشعبها، وكل عام والبحرين الغالية بخير وعز وسؤدد.