ينص قانون العقوبات البحريني على عقوبات تصل إلى المؤبد والإعدام في بعض حالات الاغتصاب، لكن المادة «353» تعفي المغتصب من العقوبة حال زواجه من الضحية، إذ تنص المادة تلك على: «للمحكمة ألا تحكم بعقوبة ما، على من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة، إذا عقد زواجاً صحيحاً بينه وبين المجني عليها. فإذا كان قد صدر عليه حكم نهائي قبل عقد الزواج يوقف تنفيذه وتنتهي آثاره الجنائية».

بعد سنوات متتالية من حمل هذا الهم النسائي والإنساني الخاص بجواز تزويج المغتصب بالضحية «المغتَصَبَة»، وافق مجلس النواب في جلسته الأخيرة على تعديل مشروع قانون العقوبات بإلغاء المادة (353)، والذي بينَّاه في بداية حديثنا هذا.

اليوم، انتصر مجلس النواب ومعه الحكومة لهذا القرار الهام والحكيم والإنساني، وذلك بإلغاء المادة «353» من قانون العقوبات، والتي كرست لفترات طويلة لثقافة تستمد قوتها من بعض البُنى الفكرية والثقافية البالية التي لا تتناسب وواقع الحال، وما نصت عليه كل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق المرأة في حال كانت هي الضحية. وفوق كل هذا، فإنه بإلغاء هذه المادة من قانون العقوبات، سيكون عدم الإفلات من العقاب-حسب تعبير وزير العدل- هو الخطوة القادمة والحاسمة، لكل من تسول له نفسه ممارسة جريمة الاغتصاب، حتى ولو لم تسجل البحرين جريمة اغتصاب واحدة خلال العام 2022 بحسب إحصائيات النيابة العامة. مبيناً الوزير «أن حقوق المرأة مصونة بالقانون».

من الآن وصاعداً، ستبدأ حقبة جيدة وناصعة في مجال حقوق المرأة، وعلى وجه التحديد «المرأة الضحية»، وإن القانون الجديد القاضي بإلغاء المادة (353)، سيُدخِل البحرين والمرأة البحرينية بشكل عام لأجواء أكثر نزاهة، وذلك حين يكون القانون يحمي الضحية من كل أشكال الانتهاكات لو حَصَلَت. فالبحرين لم تنتظر دخولها في حسابات ومعادلات وإحصائيات حالات الاغتصاب، ولهذا شَرَعَتْ من هذه اللحظة في سنِّ قانون منظم للغاية، يكفل للمرأة المغتصبة حقها لو تمت أركان الجريمة.

المريح جداً في هذا الأمر أيضاً، أنْ ليس النواب وحدهُ من وافق على إلغاء هذه المادة المجحفة، بل أكد رئيس الشؤون الخارجية والدفع والأمن الوطني بالمجلس، أن جميع الجهات المعنية، من وزارة العدل، ووزارة الداخلية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والمجلس الأعلى للمرأة، جميهم رفضوا هذه المادة التي لا تنصف المرأة، بل تهدر من كرامتها.