تحتل «طيران الخليج» مكانة خاصة في وجدان شعب البحرين، وربما لدى شعوب دول الخليج أيضاً، بما لها من قيمة تاريخية جسدت جانباً مهماً في تاريخ تطور العلاقات الخليجية، ولأنها الآن هي الناقلة الوطنية لمملكة البحرين، فإننا يجب أن نتصارح بنقد موضوعي حول ما تشهده من واقع لا يرضي أحد، سواءً فيما يخص مستويات خدماتها أو أسعار تذاكرها، وهو ما أثر بشكل مباشر على قدرة الشركة على تحقيق أرباح وانزلقت بها إلى خانة الخسائر، وأتمنى أن لا يغضب ذلك المسؤولين عن الشركة، فما نقوله هو حباً في «طيران الخليج» ورغبة في أن تكون الأفضل.

مسألة أسعار تذاكر «طيران الخليج» المبالغ فيها جداً تحتاج إلى تفسير حقيقي ومقنع لزبائنها، ولا يمكن إنكار هذا الشيء أو تبريره بارتفاع تكلفة الخدمة وطبيعة الرحلة إن كانت مباشرة أو تتضمن «ترانزيت» وما شابه، فالذي يلاحظه الجميع وراغبو السفر أن هناك العديد من شركات الطيران في الدول المجاورة تقدم ذات الرحلات بأسعار أقل كثيراً عن أسعار ناقلتنا الوطنية، بل وربما تقدم مستويات أكثر تميزاً في نوعية الخدمات والراحة المقدمة للركاب، فلماذا تغيب عن أذهان القائمين على الشركة قضية المنافسة رغم أنها قضية مفصلية وهامة في العالم اليوم؟!!

لا أحد يريد أن ينسحب البساط من تحت أقدام «طيران الخليج» ويتجه إلى شركات الطيران الدولية الأخرى، ولاسيما شركات الطيران الاقتصادية التي تقدم أسعاراً مقبولة لقطاعات كثيرة من المسافرين، فغيرتنا على ناقلتنا الوطنية تدفعنا لأن نحث المسؤولين على تبني استراتيجيات تلائم الأوضاع الحالية وتضمن للشركة تحقيق أرباح واستقطاب مزيد من الزبائن.

إن التوسع في تقديم العروض التحفيزية والترويجية بأسعار معقولة وتنافسية يجب أن يكون في مقدمة أولويات الشركة، ولاسيما للوجهات الأكثر طلباً، فما الفائدة من التوسع الأفقي من خلال فتح وجهات جديدة لدول ومطارات لا طلب كبيراً عليها، إذا لم يتوازَ ذلك مع سياسة جديدة للعروض؟ وأيهما أكثر فائدة للشركة ويحقق لها النمو المطلوب هو تعدد الوجهات، أم الاستحواذ على النسبة الأعظم من المسافرين سواء من مملكة البحرين أو خارجها؟!

وهناك قضية أخرى لا أعلم إن كان القائمون على «طيران الخليج» يضعونها في حسبانهم عند التخطيط لتنمية أرباح الشركة، ألا وهي الاستفادة القصوى من موقع مملكة البحرين الجغرافي كمركز يتوسط الشرق والغرب، وهو ما يمكن أن تستثمره الشركة في مزيد من الاهتمام بطيران «الترانزيت»، وأن تكون البحرين نقطة انطلاق للمسافرين في كل الاتجاهات، وهو بكل تأكيد سيدر دخلاً إضافياً للشركة من جهة، وسيدر دخلاً أيضاً لمطار البحرين ويعزز من مكانته وتنافسيته إقليمياً ودولياً.

لقد قالت «طيران الخليج» في ردها على سؤال برلماني في أبريل الماضي إنها: «تسعى إلى توسعة وجهاتها لخدمة أكبر عدد ممكن من المحطات بأدنى تكلفة ممكنة، بمقابل زيادة عدد المسافرين من وإلى مملكة البحرين والعابرين من خلالها إلى وجهات طيران الخليج الأخرى»، وهو ما نرجوه ونأمله بخطط مدروسة وواقعية وليس مجرد حبر على ورق. حفظ الله مملكة البحرين وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار.