يبدو أن لدى البعض فهماً خاطئاً فيما يتعلق بمشروع إعادة العلاقات الدبلوماسية بين بعض دول مجلس التعاون الخليجي وإيران وطموح العودة إلى ما كانت عليه الأحوال في المنطقة من هدوء وشبه استقرار قبل أن تفسدها الأحداث والتصرفات التي تندرج في باب التدخل في الشؤون الداخلية لدولنا. واضح الآن أن هذا البعض يعتقد أن على دولنا أن تتجاوز عن كل شيء وأن عليها ألا تتحفظ على كل تصرف له علاقة بإيران، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يستقيم إذ من غير المعقول ولا المنطقي مثلاً أن نحتفل هنا في البحرين أو في السعودية بمناسبات إيرانية لا علاقة لنا بها وتعتبر من الشأن الداخلي الإيراني، فعودة العلاقات الدبلوماسية وإغلاق بعض الملفات أو أجزاء منها لا تعني أن الحال صارت واحدة ولا يمكن أن تعني التجاوز عن تصرفات لا علاقة لنا بها، فلإيران ما لها، ولنا ما لنا.

في السياق نفسه ليس صحيحاً أبداً الاعتقاد بأنه طالما تم البدء في تنفيذ مشروع إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران وأن التصريحات التي صارت تصدر بين الفينة والفينة من بعض المسؤولين تبيّن أن تطورات إيجابية تتحقق على أرض الواقع تخدم هذا المشروع فإن على إعلامنا أن يغضّ الطرف عن كل تصرّف وقرار وموقف إيراني غير قويم لأنه ببساطة إيران لا تفعل ذلك، فالإعلام الإيراني لم يتغيّر ولا يراعي مثل هذا الأمر ومستمر في سلوكه، ولأن هذا الأمر لا يحدث مع الدول الأخرى التي نقيم معها علاقات دبلوماسية ولا يوجد ما يمنع منه، فالخطأ خطأ والموقف السالب لا يمكن السكوت عنه بل ينبغي اتخاذ موقف منه والرد عليه.

عودة العلاقات الدبلوماسية أو إنشاؤها مع هذه الدولة أو تلك لا تعني أنها صارت جزءاً منا وصرنا جزءاً منها، حيث نظل نحن نحن وتظل هي هي، ويظل ما يخصنا يخصنا وما يخصها يخصها.