وسائل الإعلام الغربية تناقلت خبر حادثة معينة بشكل مكثف، والنقل لمن يتمعن يتضح لك فيه أنه جاء من «استغراب» و«صدمة»!

لماذا الصدمة؟!، لأن المنطق سيتصادم مع هذا السيناريو، إذ كيف يتم العفو بل كيف يتم مساعدة شخص استمر في معاداة دولته عشرة أعوام كاملة، بل شوه صورتها وتطاول على رموز حكمها، كيف يتم مساعدته من النظام نفسه فور نشره مقطعاً يوضح حالة التشرد والمعاناة التي يعيشها في الخارج هو وبناته، وذلك بعدما تخلى عنه جميع من غرروا به واستخدموه ليعادي بلاده؟!

لو سألت أي أجنبي في بلاد الغرب التي تدعي دفاعها عن حقوق الإنسان: هل يمكن لنظامكم السياسي أن يعفو عن أفراد حاربوه وعادوه وشوهوا صورته ومارسوا الإساءة ضده؟! ستجدهم يقولون لك بأن هؤلاء «خونة»، والأحكام التي يحاكم بها الخونة معروفة ولا تقل عن التجريد من الجنسية والسجن المؤبد. طبعاً هذا في الغرب، ناهيك عن بعض الدول التي تعتبر «خيانة الوطن» و«التآمر ضده» و«التخابر مع جهات أجنبية» عقوبات تستوجب الإعدام.

لكن ما حصل وأذهل الكثيرين كان معنياً بما فعله صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية تجاه مواطن سعودي يصف نفسه بـ«المعارض» ويعيش في كندا، وطوال عشرة أعوام كاملة لم يترك أي تطاول أو إساءة أو تحريض ضد السعودية وقيادتها الكريمة إلا وقام به. لكنه مؤخراً خرج في مقطع على منصات التواصل الاجتماعي يشكو فيه حالة التشرد والضياع التي يعيشها في بلاد الغربة، وكيف أن الجميع تخلوا عنه، أي حتى الذين استغلوه ليكون أداة تعمل ضد بلاده، وتركوه يواجه التشرد والجوع، والمؤلم في الأمر أن هذا الرجل يعيل ثلاث بنات صغار، وكيف سيكون مصيرهن وهن الذين لا يحملون جريرة والدهم ولا ذنب لهم فيما قام به. كثيرون وقتها شمتوا فيه، وقالوا بأن هذا ما يستحقه كل خائن لبلاده. لكن هنا يقف التاريخ لينحني أمام شموخ وسماحة وعظمة رجل سليل ملوك ومن نسل رجال عظام، الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، والذي كشف الشخص المعارض بنفسه ما قام به من موقف لا يصدر إلا عن الكرام.

خرج هارون أمين في فيديو ليقول بأن مسؤولاً من وزارة الخارجية السعودية اتصل فيه وقال له إن: «سمو سيدي ولي العهد محمد بن سلمان، عرف عن حالته، وقال كلمتين بس، طمنوني على بناته ولا يقصر عليهم شيء». ويواصل: «بعد ما العالم كله تركني، بعد 10 سنوات من التطاول المتزايد والمتكرر من طرفي في حق الدولة، العالم كلهم تركوني، من مهتم ببناتي هو محمد بن سلمان (...) أنا خجلان من نفسي ولا أجد كلمات، من جد عجزت أعرف معدنك يا بن سلمان، يقولون إن الذهب أغلى المعادن، لكن أنت أغلى من الذهب». انتهى كلامه.

فقط للتأكيد، ما قام به الأمير محمد بن سلمان ليس أمراً مستغرباً ليتفاجأ به من يعرف السعودية وقيادتها، هذا الشخص العظيم في دولة عظيمة تصون وتحمي الحرمين الشريفين، رجال يقتدون بهدي الرسول الكريم، رسولنا الذي كان «يعفو عند المقدرة»، وكان يكسب حتى أعدائه بالتسامح ورفعة الأخلاق. هذا ما قدمه الأمير محمد بن سلمان كدرس قوي للغرب ولكل من يظن بأنه يسمو بأخلاقه على بلداننا.

مهما قلنا في محمد بن سلمان لن نوفيه، ومهما قلنا في حكامنا بشأن تسامحهم وعفوهم وحبهم لأبنائهم وإن أخطؤوا فلن نوفي، ولنا في ملكنا الغالي الملك الإنسان حمد بن عيسى حفظه الله أروع مثال، إلا أن الرسالة واضحة لكل من عادى وطنه، وتحول لأداة تُستغل لتهدم فيه وتسيء له، لن تجد أحن عليك من وطنك، لن تجد أكثر تسامحاً من قيادتك، من يحكمك إنسان ووالد وأب. الأبناء «يعقون» الوالدين أحياناً، لكن قلب الأب لا يقسو إطلاقاً.