تفرض المتغيرات الدولية على دول الخليج العربي التعامل الحذر والمرن في ظل الصراع المحتدم بين المعسكر الغربي والشرقي، غير أن دول الخليج تعرفت على المخططات الغربية التي تسعى لها في منطقة الشرق الأوسط، فيما إلى هذه اللحظة لم يتم معرفة مشروع المعسكر الشرقي في المنطقة.

وتباعاً لذلك إن دول الخليج العربي تعاملت مع المشاريع الغربية بشكل واضح ومتزن وواجهتها بحكمة وبحرفية عالية، حيث كان الخريف العربي الذي خططت له من قبل الدول الغربية والذي كان منتشراً قبل تنفيذه قد احتاطت دول الخليج منه جيداً، إضافة إلى أنها لديها الخبرة الكافية للتعامل مع هذه القوى من خلال معرفة مفاصل الضغط على القرار في تلك الدول ومنها أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.

إلا أنه مع المتغيرات الحالية ومنها الصراع الروسي الأوكراني وما نجم عنه من بزوغ القطب النائم وهو القطب الشرقي والمتمثل بالتحديد في الصين فإن إلى هذه اللحظة لم تتضح معالم بكين بمشروعها بالمنطقة.

سأكون في هذه اللحظة صريحاً للغاية، حيث إن الصين وبسياستها الداخلية الاشتراكية والرأسمالية على حد سواء، فالنهضة الصينية تبنت النموذج الرأسمالي بكل حذافيره في الجانب الاقتصادي وهذا لا يمكن أن تنفيه بكين وفي ذات السياق فهي سعت لتوظيف هذا النموذج لكي يكون لها موضع قدم وأن تتزعم المشهد السياسي والاقتصادي للسيطرة على مفاصل العالم.

وبالتالي بدأ المعسكر الغربي يرصد المخططات الصينية بالتمدد عبر مشاريع تتعلق بالتنمية الاقتصادية ومنها طريق الحزام والطريق وبذات الوقت فهو يهدف لإضعاف النفوذ الأمريكي الغربي في منطقة الشرق الأوسط الذي يغذي أغلب دول العالم بمصادر الطاقة كالنفط والغاز.

ومن هنا نصل إلى إشكالية مهمة، أن الصين التي تقدم كل ما لديها من خدمات إلى دول الخليج العربي من أسلحة وصناعات وغيرها، هل هي من أجل فقط لضمان تدفق النفط والحد من النفوذ الأمريكي؟ أم أن هناك رؤية مشابهة للمعسكر الغربي تتمثل في التدخل بالشأن الداخلي لدول الخليج ولكن بصورة مغايرة؟

خلاصة القول، إن الصين لا يمكنها أن تقدم كل ما لديها من دون هدف أكبر وأعمق من ذلك، فالمعسكر الغربي كان يحقق أهداف زعزعة واستقرار المنطقة عبر تحريض الشعوب على القادة، وقد يكون مخطط المعسكر الشرقي هو أبعد من ذلك وهو تحريض الشعوب على بعضها! والأيام القادمة كفيلة بكشف المزيد.