قرار البرلمان الأوروبي في اجتماعه الأخير قبل أيام بتصنيفه الحرس الثوري منظمة إرهابية، جاء ليضع المزيد من الضغط على الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال على علاقات جيدة مع النظام الإيراني حتى الآن.

صحيح أن قرار البرلمان الأوروبي جاء بعد -ما يمكن أن نسميه- هجوم إيران على إسرائيل بمسيراتها وصواريخها الذي تمت إدانته في ذلك الاجتماع، ولكن هذا القرار جاء اخيراً، وهذا كافٍ ليسلط الضوء أكثر على النظام الإيراني وحرسه الثوري، وامكانية توسيع العقوبات الأوروبية لتشمل أذرع إيران في المنطقة، وتحديداً "حزب الله" اللبناني وميليشيا الحوثي في اليمن، بل إن القرار الأوروبي توسع بالفعل في قراراته ضد النظام الإيراني وحرسه الثوري، وتتمثل أبرزها في: الدعوة إلى فرض عقوبات إضافية على المصارف وقطاع النفط الإيرانية، والتنديد بسياسة إيران التي تزعزع الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ويشمل دعمها لـ"حماس"، ومطالبة طهران باحترام تعهداتها النووية.

قرار البرلمان وضع بعض الشخصيات الهامة في الاتحاد الأوروبي تحت ضغط كبير، وتحديداً الإسباني جوزيف بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية -الذي كان حاضراً اجتماع البرلمان- وذلك لما عرف عنه اتباع سياسة "الاسترضاء" لإيران، وعدم تأييده قطع العلاقات الأوروبية مع نظامها، وفي المقابل عدم وقوفه بشكل واضح مع المعارضة الإيرانية في الخارج، وهو ما كان موضع انتقاد بالغ من أعضاء البرلمان الذين وجدوا في قرارهم الكاسح بشأن الحرس الثوري فرصة لانتقاد بوريل.

إن الاتحاد الأوروبي مطالب الآن وبعد قرار البرلمان أن يكون جاداً أكثر في تعامله مع قرارات البرلمان الأوروبي ومطالباته بشأن النظام الإيراني وحرسه الثوري، فالمصالح وإن تلاقت بين الطرفين الأوروبي والإيراني، ولكن لا يمكن أن يكون ذلك على حساب أمن واستقرار المنطقة، بل وحتى أمن القارة الأوروبية التي لم تسلم هي الأخرى من إرهاب إيران وحرسها الثوري.

هذا القرار المهم للبرلمان الأوروبي لم يأتِ من باب الرغبة بالوقوف مع دول المنطقة التي تعاني من الإرهاب الإيراني، وإنما جاء بعد هجوم المسيرات الإيرانية على إسرائيل، ولكنه في المقابل أيضاً، زاد من إدارك الأوروبيين بشأن خطورة النظام الإيراني، وما يمكن أن يصل إليه من إرهاب بيّن وواضح، لذلك الضغط على هذا النظام عبر قرارات مثل قرار البرلمان الأوروبي هو المطلوب دعمه من الاتحاد الأوروبي، وصحيح أن قرارات البرلمان الأوروبي غير ملزمة للاتحاد الأوروبي، ولكنه على الأقل ينظر لتلك القرارات بعين الاعتبار، خاصة وإنها جاءت بناء على معطيات وأدلة وبراهين، استعان بها البرلمان الأوروبي في تصويته ضد الحرس الثوري الذي جاء بعدد أصوات حاسمة وكاسحة بلغت 357 صوتاً مقابل 20 صوتاً معارضاً.