ينقل الكاتب الكبير الكولمبي كابريل ماركيز والحاصل على جائزة نوبل للآداب لعام 1982 وذلك لرواياته وقصصه القصيرة، حيث يتم الجمع بين الخيال والواقعية في عالم غني من الخيال. وهو يتقن ذلك بخيال جيفاري وتعامل مع الأمر بذاكرته الثورية اللاتينية غير مدرك للفرق بين عولمة بنادق الليزر والحزام الناسف، والقمر الصناعي المتحرك، ليكشف ألوان عدسات عيوننا أو لون تيشيرت نادي برشلونة في مباراته الأخيرة، وسيجار فيدل كاسترو. لهذا وكما أعتقد فضّلَ كابريل ماركيز في قصصه أنه يتعامل مع المشهد والحدث الصاخب في بعض بلداننا بما فيها من متغيرات الحياة برؤية فلسفية مختزلة وأحياناً يُظهر فيها الكاتب وجهة نظر كوميدية وواعية لما يحدث من حولنا في مجتمعات قريبة منا حيث تتلبس لباساً فكرياً لا يليق بنا ولقواعد عِشْنا نبنيها ونزخرف بها جدران عقولنا، ويحدّث القارئ بهواجسه وتصوراته أيضاً، لذلك أرى أن المكان التأريخي الصاخب بالأحداث بين أهلنا وحياتنا والغزو الفكري الذي يحاول أن يهدد كيان أمة بأكملها، وهنا علينا أن نعترف: أن لا مفر من الاختباء من حقيقة أن مكان وصوت الحقيقة موعود لن يتغير ويتبين وبالتأكيد أنا لا أمتلك دالة عاكسة للحدث الكوني الذي أتت به أحداث اليوم السياسية والاجتماعية.
وأنا وكثير من الكتّاب نرى أن السردية السحرية لم تتحمّل متغيرات المشهد الذي تعوّدنا عليه من خلال ميتافيزيقا الغرام والحب السابق والعشق الملوّن بطيف السماء وزخرفة ألوانها، وليس بصداقة صادقة، وليس ببرجوازي يحمل السوط أو فنان يجلس على آخر الرصيف يرسم حسناء تتموّج كأفعى ساحرة. فلم تعد كائنات قصاصات الورق تغري القارئ بالكشف السحري عن مضمون الحدث، لقد أتت متغيّرات غريبة مصيبتها أنها تُشاهد وتُرى في لمح البصر من قِبَل الجميع، ليس بفضل رواية مثل "رواية الليالي البيضاء للكاتب الروسي دويستوفسكي"، بل بفضل مايكروسوفت والأقمار التي تدور في السماء وقنواتها التلفازية التي يمكنها أن تبث الحدث من لحظته وبالثواني. شدّنا التناقض في هذا العالم إلى تخيّل العالم بكفتين، واحدة يشرب من عطشها سمّ الأفاعي، وأخرى تشرب الموسيقى وتخدع العالم بالمظهر وتعيش بخيال ماركيز، لكني سوف أختصر نفسي وآخرين مثلي، نحن مقتنعون أن الإنسان بحجم دمعة يخيط من منفاه الفكري قميصاً يرتديه في لحظة شعورنا أن الذي يحتاج دفء المكان الشريف عليه أن يخيط ثوبه بإبرته.. فعندما أقول لك السلام عليكم لا تردّ "Hello"، وعندما أقول لك كيفك لا تردّ "Fine, how are you".