المتابع لسير «مفاوضات غزة» التي جرت في الدوحة مؤخراً، بين إسرائيل وحركة «حماس»، تنفيذاً للمبادرة الأمريكية وبحضور دول وسيطة هما مصر وقطر إلى جانب أمريكا، والمتعلقة بإيجاد اتفاق لوقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى بين الطرفين، وما أعقب تلك المفاوضات من بيان أصدره الوسطاء المذكورين، يناقض ما صرحت به حركة «حماس» لذات المفاوضات.

والتناقض المقصود هو وجود عنصري الإيجابية والسلبية معاً لذات الحدث، حيث اتسم بيان الوسطاء بالإيجابية، فيما جاءت تصريحات بعض قيادي «حماس»، لبعض الوكالات الإخبارية المعروفة كرويترز وفرانس برس، بالسلبية التامة لتلك المفاوضات، وهذا التناقض لا يخدم الأطراف المعنية وهما إسرائيل و«حماس»، فالأولى تريد استعادة أسراها، ورئيس وزرائها واقع تحت ضغط رسمي وشعبي كبير، في المقابل فإن «حماس» لا تريد أن يستمر التصعيد الإسرائيلي في غزة، الذي تسبب في دمار وضحايا وأوضاع سيئة لا يتحملها بشر.

لذلك جاءت المبادرة الأمريكية لإيقاف كل ذلك الدمار في غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المدنيين، من خلال مفاوضات الدوحة، والتي سيعقبها اجتماع آخر في القاهرة قبل نهاية الأسبوع الجاري، للتوصل إلى اتفاق معين يتعلق بالرهائن والمحتجزين والجزئيات الإنسانية، والتي تواصل فرق عمل فنية متخصصة للإعداد والتحضير بشأن ذلك، كما أشار بيان الوسطاء.

بمعنى آخر، إن بيان الوسطاء اتسم بالإيجابية فعلاً بشأن نتائج المفاوضات، ولكن «حماس» خرجت بتصاريح يشوبها «تعقيدات وسلبيات» لذات المفاوضات، ولم يتطرق إليها الوسطاء في بيانهم، كرفض مسؤولي «حماس» بعض الشروط التي وضعتها إسرائيل ومنها: إبقاء قوات عسكرية في منطقة الشريط الحدودي مع مصر، وطلب إسرائيل أن يكون لها الحق بوضع «فيتو» على أسماء أسرى، وإبعاد آخرين خارج فلسطين، وذلك بحسب ما نشرته وكالة «فرانس برس» من مصادر عن مسؤول في «حماس» لم تصرح باسمه.

المشكلة إن «حماس» لم تنفِ أو تؤكد تلك الأنباء، ونفس الأمر ينطبق على إسرائيل والوسطاء، وهو ما يضع المتابع في حيرة، بشأن صحة تلك المعلومات من عدمها، وهذا أمر لا يخدم سير المفاوضات، بل يربكها أيضاً، وتكون الحقيقة ضائعة عند المتابعين.

أعتقد أن إسرائيل و«حماس» مطالبتين بالابتعاد عن التشدد في الآراء، والبحث عن تبسيط المطالبات وعدم تعقيدها، وحتى تقديم تنازلات، والاستفادة من هذه المبادرة، واحترام جهود الوسطاء فيها، حفاظاً على مصالحهما، خاصة ما يتعلق بالأوضاع الإنسانية الصعبة والمأساوية التي يعانيها الأشقاء في غزة، وضرورة العمل والتعاون لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، فهل يراعي الطرفان المعنيان ذلك؟