مازال السباق الرئاسي الأمريكي في بداياته لكن بعد أربعة ليالٍ صاخبة من المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو وهو التجمع الذي أعلن فيه عن ترشح كاميلا هاريس رسمياً لخوض الانتخابات الرئاسية ممثلة للحزب الديمقراطي يبدو لي أنها الأوفر حظاً للفوز بمنصب الرئيس كأول امرأة في تاريخ الولايات المتحدة فالأجواء التي صاحبت المؤتمر شبيهة لحالة الحماس التي طالت ترشح أوباما في ٢٠٠٨ والتي أوصلته لسدة الرئاسة بنتيجة ساحقة.

وليس ذلك فحسب، فأمريكا اليوم مستعدة أكثر من أي وقت مضى لأن يذهب منصب الرئيس في الخامس من نوفمبر القادم لامرأة، وهو أمر تم تمهيده منذ زمن عبر أفلام وبرامج من إنتاج شركات هوليود الفنية ونتفلكس وغيرها التي لها تأثيرها على المواطن الأمريكي حتماً.

وما يؤكد توقعاتي هو أن ترامب يتراجع حالياً في أغلب استطلاعات الرأي بعد أن كان متقدماً منذ بداية 2024 على الرئيس بايدن المنسحب من السباق الرئاسي فاحتمالية فوزه انخفضت إلى 47٪؜ ووصلت نسبة هاريس إلى 52٪؜ في بعض الاستطلاعات وهذا تحول خطير في مشواره لاستعادة الرئاسة.

ومن يتابع ترامب ويتابع هاريس مؤخراً يجد فارقاً شاسعاً في الحيوية والأداء والمظهر، فهاريس أصغر بثمانية عشر عاماً من ترامب وأنشط منه وخطاباتها أمام الجماهير تلهب الحضور وتلقى تشجيعاً كبيراً.

وفي المؤتمر الديمقراطي ركز خطاب كاميلا هاريس على خمس نقاط أساسية وهي:

أولاً: نشأتها البسيطة في شقة صغيرة في سان فرانسيسكو مع أمّها المهاجرة الهندية و من ثم عملها في النيابة العامة لتدافع عن المستضعفين أو هكذا تدعي.

وهنا تحاول كاميلا أن تقترب من رجل الشارع الأمريكي من خلال وصفها لنشأتها مقارنة بترامب الملياردير المولود بملعقة من ذهب. كما تحاول أن تظهر نفسها بأنها نصيرة البسطاء عكس ترامب الثري المهتم بنفسه فقط حسب ما تقول.

ثانياً: وقوفها بجانب أوكرانيا وحلف الناتو وهو موقف لا يؤيده ترامب الذي يرى أن دعم أوكرانيا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أمر يزيد من حدة الصراع والذي أيضاً لا يهمه حلف الناتو كما تابعنا في فترته الرئاسية.

ثالثاً: سعيها لإنهاء الحرب في غزة مؤكدة دعمها لإسرائيل في الدفاع عن نفسها وأيضاً في نفس الوقت مؤيدة لحصول الفلسطينيين على حقوقهم.

رابعاً: تأييدها للإجهاض وهو توجه ليبرالي صرف وأمر يناهضه ترامب والحزب الجمهوري المحافظ والذي نجح في منعه في حوالي ٢٤ ولاية حتى الآن من خلال قرار نافذ من المحكمة العليا.

خامساً: دعوتها لكل الأمريكيين للوقوف بجانبها في مشوارها للوصول إلى الرئاسة وبالأخص الجمهوريين الذين لا يؤيدون ترامب.

وعلى الرغم أن ما ذكرته لا يوجد فيه جديد ومختلف عن توجه بايدن حالياً لكن طريقة تقديمها لبرنامجها الانتخابي والدعم الذي حصلت عليه من ثلاثة رؤساء ديمقراطيين وهم بايدن نفسه وأوباما وكلينتون خلال المؤتمر بالإضافة إلى العديد من ممثلي الأقليات جعل حظوظها تقفز كثيراً في السباق.

ومع خفض سعر الفائدة المتوقع في سبتمبر والذي تحدث عنه رئيس المجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول قبل يومين مؤكداً قرب وصول التضخم إلى معدل مقبول فإن الاقتصاد الأمريكي على موعد مع انتعاشة قد تسهم أيضاً في وصول هاريس للرئاسة.