خلال عشرة أيام برز نجمان بحرينيان في عالم الفضاء، مما يجعله إنجازاً بحرينياً كبيراً؛ لأنه تحقق بإمكانيات محدودة جداً، وتحقق على مستوى إقليمي ودولي، لأن ذلك دائماً هو عنوان للبحريني باختصار، لا تحول قلة الإمكانيات بينه وبين بروزه وتميزه، بل يجعله تحدياً، ويتفوق به على الآخرين.
المهندس يعقوب القصاب والأستاذة عائشة الهاجري..
قبل أسبوعين في 10 سبتمبر تم اختيار البحرينية عائشة الهاجري كقائد لنوابغ الفضاء العرب ضمن العاملين على القمر الصناعي العربي 813 الذي يشرف على تنفيذه المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
وأمس الأول 22 سبتمبر أعلنت الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء فوز مهندس الفضاء يعقوب القصاب بجائزة «20 شاباً قائداً تحت سن 35»، المقدمة من الجمعية الدولية للخبراء والمحترفين في مجال الفضاء والأقمار الصناعية في نسختها لعام 2024.
ويُعتبر المهندس يعقوب القصاب العربي الوحيد والممثل الوحيد لمنطقة الشرق الأوسط من ضمن الفائزين في نسخة 2024، مما يعكس تميز وريادة الشباب البحريني في مجال الفضاء وتصميم وتطوير الأقمار الصناعية، حيث تمكن القصاب من حصد هذه الجائزة نظيراً لتميزه الأكاديمي والمهني في مجال بناء الأقمار الصناعية، إضافة إلى إسهاماته البارزة في تطوير هذا القطاع الحيوي محلياً وعالمياً.
ويحثنا هذا الإنجاز على فتح الباب للنقاش حول نقطتين الأولى هي أن لدينا في البحرين إنجازات فردية تحقق نجاحات وفوزاً على مستوى دولي في عدة مجالات الرياضي منها والفني والثقافي وعلوم الفضاء وغيرها، هذه النجوم تعتبر قصصها بالنسبة لنا محتوى جاهزاً ومقدماً للمسؤولين عن الترويج للبحرين دولياً على طبق من ذهب، كل ما عليهم تجميعهم وإبرازهم بشكل يليق بما حققوه إنما تجهيزه لمخاطبة الخارج لغة وإخراجاً وتسويقاً وإعلامهم عن الإنسان البحريني طموحاته قدراته وإمكانياته الفردية، إنما من خلال قصصهم تبرز نوعية الدولة ورؤيتها ومكانة الإنسان عندها وما وفرته من بيئة تمكنوا بها أن ينالوا تلك الجوائز، أي إعلان ذكي وغير مباشر للدولة (على فكرة) يسمونها القوى الناعمة، يمكن ما سمعتم عنها!
النقطة الثانية، حين تأسست الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء قبل عشر سنوات قوبلت بالاستغراب، بل وحتى الاستهزاء، وأذكر جيداً من تعليقات الناس (انتوا حلوا مشاكلنا في الأرض وبعدين روحوا للفضاء) والحمد لله أن الدولة تفكر بعيداً عن تلك الروح الإحباطية محدودة الرؤية، وها هم شباب البحرين في تلك الهيئة التي استهنتم بفكرتها يساهمون من خلال جهودهم في تطبيقات تراقب المناخ البحريني وتطوراته، وتراقب الرقعة الزراعية وتطورات الانحسار أو الاتساع في الدولة، وترصد الفرص المتوفرة في كل ما يتعلق بتحسين جودة الحياة البيئية المستقبلية للمواطن البحريني، وها هم ينالون الجوائز والتقدير من خارج البحرين، بل ورغم إمكانياتهم المحدودة «ميزانيتنا 1.33 مليون دولار وميزانية قطاع الفضاء الإماراتي 817 مليون دولار فقط للمقارنة» تمكن الشباب البحريني الذي لم تؤثر عليه النظرة المجتمعية السلبية، أن يتجاوزها ويثبت أن هذا القطاع واعد، وتعمل تطبيقاته على تحسين جودة حياة الإنسان البحريني، ويسهم في خدمة البشرية بشكل عام..
لنختم..
نحن كمجتمع بحاجة لإعادة النظر في تقدير العديد من ما هو متوفر لدينا من نجاحات، وإعادة تدوير مواقع تسليط الضوء محلياً ودولياً لنعيد التعريف بأهمية القطاعات الجديدة، وأخيراً نحن كمجتمع وكدولة بحاجة لإعادة النظر في نوعية الإنجازات التي نحتفي بها وتقدير الإنجازات الفردية منها وفق تأثيرها على اسم وموقع البحرين.