دُعيت منذ أيام للمشاركة في جلسة نقاشية بعنوان (كيف تحقق ذاتك وتبني مستقبلك الذي تحلم)، والتي نظمتها إحدى الشركات المعروفة بهدف حث الموظفين الشباب لديها للتفكير بإيجابية وزيادة الإنتاجية، بيد أنني منذ اللحظة الأولى لدخولي قاعة اللقاء دُهشت كثيراً لمنظر تلك الوجوه المتعبة، المشتتة، والتي تعرف بمجرد النظر إليها إن وجودها في اللقاء ما هو إلا تلبية لمتطلبات العمل، وليس بدافع أو رغبة حقيقة في المعرفة.

انتظرت قليلاً للتأكد من اكتمال الحضور، وطلبت من أحد الشباب أن يغلق باب القاعة، ثم وجهت سؤالي للمشاركين، لماذا طلبت من زميلكم غلق الباب؟ لحظات صمت تلتها إجابات عشوائية هنا وهناك، البعض قال حتى نمنع المتأخرين من حضور اللقاء، والآخر قال حتى نرسل رسالة لمن تأخر مفادها أننا بدأنا بدونه، وآخر قال حتى لا نزعج أحداً خارج القاعة، بل أن أحدهم اعترض وطلب أن يتم فتح الباب معللاً ذلك بأن المتأخرين لابد أن يكون لديهم سبب مقنع وإن علينا أن نمنحهم فرصة.

بصمت وقفت أراقب ردود أفعال المشاركين، وإجاباتهم المتفاوتة، وأحاديثهم الجانبية التي ناقشوا فيها مدى صحة غلق الباب أو تركه مفتوحاً، بعد حين عم الهدوء المكان فسألت: هل انتهيتم؟ لنجب الآن عن السؤال الأهم، لم وجد الباب؟ عاد الصمت ليخيم على المكان، ثم قال أحدهم حتى يكون هناك خصوصية، لابد أن يكون هناك باب، وقال آخر حتى نمنع المتطفلين من الدخول، وآخر قال ليتعلم المتأخرين احترام الوقت.

جاءت إجابات أغلب المشاركين متوقعة تماماً، فنحن في الغالب ننظر للباب دائماً على أنه وسيلة عزل، فما خلف الباب نتعامل معه وكأنه مُحرمٌ علينا، فنغلق الباب لنمنع الناس من الدخول، لكن الحقيقة التي يجهلها الكثيرون، هي أن الأبواب وجدت لتُطرق، نعم الأبواب وجدت لنقوم بطرقها فتفتح لنا، لكنها ستبقى مغلقة دائماً أمام تلك التي خافت أن تقترب منها، الأبواب هي تماماً كما الفرص في هذه الحياة، تمر الفرصة من أمامنا فنقف عاجزين لا نعرف كيف نستغلها، فتمضي، في حين أن مجرد خطوة واحدة للأمام قد تكون كفيلة في تغيير مجرى الأحداث.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ما الذي يمنع الناس من طرق الباب وانتهاز الفرص؟ والإجابة بكل بساطة إنه شعور الخوف، نعم الخوف هو ما يمنعنا في الغالب من طرق الباب، نحن نخاف من المجهول، نخاف مما وراء تلك الأبواب، أغلبنا لا يملك الشجاعة الكافية للمواجهة، فيكتفي بالبقاء خارجاً منتظراً أن يقوم أحد آخر بفتح الباب المغلق.

الخلاصة: كثيرة هي الأبواب من حولنا، وكل يوم يُخلق باب جديد، عليك أن تعرف أي هذه الأبواب تطرق، عليك دائماً أن تسعى، لأن تلك الأبواب لن تُفتح من تلقاء نفسها.