يُعدّ النسيج الاجتماعي من أبرز ركائز الاستقرار في مملكة البحرين، وهو السُّور الحصين لحماية البحرين والذي أساسه قيادة حكيمة، وأعمدته ثقافة وأخلاق أبنائه، وجدرانه تكاتُف كلّ من يعيش على هذه الأرض التي تتميّز بتعدّد الثقافات والتنوّع الاجتماعي، والتي كانت دائماً ملتقى للعديد من الحضارات والثقافات، واستطاعت بفضل نسيجها الاجتماعي المتماسك أن تحافظ على وحدتها واستقرارها عبر العصور، والذي يعتبر أمراً جوهرياً لضمان مستقبل مستقر ومزدهر للمملكة، وهذا ما أكده -بالأفعال- المشروع التنموي الشامل لسيدي جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، منذ انطلاقته قبل 25 عاماً، والذي بدأه بلمّ شمل المجتمع وتوحيد كلمتهم بميثاق بين الشعب وقيادته، وما جاء بعد ذلك من خطوات في إقامة دولة المؤسسات وسَنّ التشريعات والضمانات للعيش الكريم، وخطط الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، حتى أصبحت البحرين أُنموذجاً في التعايش. وتأكيداً على ما تفضل به معالي وزير الداخلية في لقائه مع النخب من المواطنين الخميس المنصرم نستعرض أهمية الحفاظ على النسيج الاجتماعي في وطننا الغالي وأثر ذلك على حياتنا ومستقبلنا.
فالنسيج الاجتماعي المتماسك في البحرين يعزّز من الوحدة الوطنية، حيث يعيش المواطنون والمقيمون من مختلف الخلفيات الثقافية في وئام وتعايش. هذا التعايش يُعدّ نموذجاً للسلام والتفاهم بين المكونات المختلفة للمجتمع البحريني، ويؤدي إلى تعزيز الشعور بالانتماء للوطن بغضّ النظر عن الاختلافات الدينية أو الثقافية. هذا الأمر ساعد البحرين على تجنّب الكثير من الأزمات التي قد تعصف بالدول ذات التنوع الاجتماعي الكبير.
فأصبحت البحرين مثالاً على الاستقرار السياسي والاجتماعي بفضل النسيج الاجتماعي القوي. فالتفاهم والتلاحم بين المواطنين يعزّز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، حيث استطاعت البحرين الحفاظ على استقرارها وسط منطقة تشهد العديد من التوترات، وهذا يعود إلى الروابط القوية بين أفراد المجتمع البحريني وثقتهم المتبادلة بالحكومة والمؤسسات.
كما ساهم التماسك الاجتماعي في البحرين بشكل مباشر في التنمية الاقتصادية، فالتعاون بين المواطنين والمقيمين يشجّع على الاستثمار في مشاريع وطنية تعود بالفائدة على الجميع، لاعتبار البحرين مركزاً مالياً وتجارياً مهمّاً في المنطقة، وهذا النجاح الاقتصادي يعزّز من أهمية الحفاظ على الروابط الاجتماعية التي تدعم مثل هذه التنمية. الروح الجماعية والمشاركة في تحقيق الرؤية الاقتصادية للمملكة 2030، التي تعتمد على هذا النسيج المتين.
ولعلّ من صور التكاتف الاجتماعي الاهتمام والرعاية بالفئات الضعيفة في المجتمع، سواء أكانت من المواطنين أو المقيمين. الحكومة والمجتمع المدني يعملان معاً لدعم هذه الفئات من خلال المبادرات الاجتماعية والمشاريع الخيرية. تُبرز الروابط القوية التي توحّد الناس وتدفعهم للعمل معاً من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل، الأمر الذي ساعد البحرين في التصدي للعديد من الأزمات. على سبيل المثال، خلال جائحة كورونا، شهدت البحرين تعاوناً كبيراً بين الحكومة والمواطنين والمقيمين، مما أدى إلى مواجهة الجائحة بفعّالية وتقليل آثارها على المجتمع. التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع البحريني كانا حاسمين في الحفاظ على استقرار البلاد خلال الأوقات الصعبة.
ونختم بتأكيدنا أن البحرين تُعدّ نموذجاً يُحتذى به في الحفاظ على النسيج الاجتماعي المتماسك، الذي يُعدّ أساس استقرارها وتقدّمها. تعزيز الوحدة الوطنية، وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، ودعم الفئات الضعيفة، والتعاون في مواجهة الأزمات هي من أهم العناصر التي تجعل البحرين قادرة على تحقيق الازدهار في المستقبل. النسيج الاجتماعي البحريني ليس مجرد عنصر من عناصر الاستقرار، بل هو جزء من هوية البحرين وثقافتها التي تجمع مختلف مكوناتها في وحدة وتناغم.
همسة
للمحافظات الأربع بمملكة البحرين -التي يُشرف عليها معالي وزير الداخلية حفظه الله- دورٌ كبيرٌ في الحفاظ على النسيج الاجتماعي لمجتمعنا، من خلال تواصلهم مع المواطنين كونهم يعتبرون همزة الوصل بين القيادة والشعب، ولعلّي أشهد بهذا الدور من خلال التواصل الدائم لسمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة محافظ المحافظة الجنوبية مع كافة أهالي المحافظة، والجهد الكبير الذي يبذله وفريق عمله في الحفاظ على الأمن الاجتماعي في المحافظة الجنوبية.