لاشك أن التطور الذي يشهده العالم في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي انعكست بشكل كبير على كافة مناحي الحياة، وهي تمثل أبرز مظاهر العولمة حيث بات العالم أشبه بالقرية الصغيرة، حمل في طياته إيجابيات وسلبيات، حيث انطوى على تدفّق كبير للثقافات المختلفة داخل المجتمعات العربية، ووضع تحديات أمام الحفاظ على الهوية الوطنية، وفَرَضَ على الدول والمجتمعات وضع استراتيجيات من أجل التعامل معه بشكل موضوعي يراعى فيه أهمية الاستفادة من هذا التطور في مجالات التنمية ومواكبة متطلبات العصر، وفي ذات الوقت الحَدّ من المخاطر الناجمة عنه على السلام الاجتماعي والبنية الاجتماعية، أي الحفاظ على هوية المجتمع وثقافته وروحه الوطنية وعدم تعريضها للانتهاك. والمشروع الإصلاحي الذي قاد البحرين للنهوض نحو المستقبل حَمَل في طياته جميع بذور الحفاظ على القِيم الثقافية والهوية الوطنية للمجتمع البحريني، وباتَ يُمثّل توجّهاً مستقبلياً لبرامج الحكومة ومجالاً لمشاركة المجتمع معها في تحقيقه والحفاظ عليه. وتنفيذاً للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، والتي وردت في خطاب جلالته خلال افتتاح دورة الانعقاد البرلماني، بالعمل على تعزيز الانتماء الوطني ومتابعة تنفيذ الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء وترسيخ قيم المواطنة «بحريننا»، عُقد اجتماع مشترك بين وزارة الداخلية والعدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، وشؤون مجلس الوزراء والإعلام وشؤون الشباب، من أجل تنفيذ دراسة متكاملة لقياس جاهزية البحرين في مجال تأصيل الهوية الوطنية حتى تكون نبراساً لكافة التحرّكات وميزاناً لضبط التوازن بين متطلبات الانفتاح على العالم وحماية الأمن الوطني، وبناء مؤشرات لقياس اتجاهات الرأي العام لمعرفة تأثير تنفيذ المبادرات الوطنية على الجمهور البحريني، وكذلك دور كل وزارة في تفعيل الاستراتيجية، ومنها دور وزارة الإعلام من خلال استراتيجية الصورة العامة للمملكة (2024-2026)، وتعزيز قِيم التطوّع من خلال وزارة الشباب، وكذلك الدور المهم لوزارة الأوقاف بنشر الفكر الصحيح وتجنيب الشباب الوقوع في براثن الفكر المتطرّف الذي يقود إلى الدمار النفسي والمجتمعي، ويهدّد الأمن الوطني. ومن هنا، فإن هذه الاستراتيجية تحتاج إلى التكامل والتعاون ليس فقط بين الهيئات الحكومية، بل بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، لنشر هذا الفكر التوعوي داخل فئات المجتمع المختلفة، وترسيخ قيم الشراكة المجتمعية في تحمّل المسؤولية وحماية الوطن.