الشيخ عيسى
بن محمد آل خليفة

وفاة الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة خسارة كبيرة للبحرين وربما لدول الخليج والعالم العربي كذلك، بعد أن غمرت أفكاره وأعماله ومساهماته البحرين وهذه الدول أثناء توليه لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وقدم خلال هذه الفترة القصيرة (1975 – 1980) إنجازات كبيرة وغير مسبوقة تمثلت في إصدار قانون العمل وقانون التأمينات الاجتماعية وإقامة الندوات لمناقشة هذين القانونين من قبل أصحاب العلاقة من العمال وأصحاب العمل، وإصدار الكتب الشارحة للقانونين وأخرى لإلقاء الأضواء على السياسات العمالية والاجتماعية التي تتبعها وزارته.
لقد كان عيسى بن محمد يؤمن بالحوار سبيلاً للفهم والاقتناع ومن ثم الالتزام والتنفيذ، ولذا حرص أن يترافق إصدار القوانين مع الندوات الحوارية مع أصحاب العلاقة وهو نهج لم يسبقه إليه وزير ولم يعقبه كذلك، كما حرص أن تمتد الحوارات لإشراك مؤسسات المجتمع المدني في إثراء العمل الاجتماعي والعمالي والنقابي والتعاوني، وكان بحق وزير عمل وشؤون اجتماعية ملتصقاً بجميع قطاعاته ومجالاته، يبني صروحها ويطور من أوضاعها ويرتقي بمستوياتها ويثبت حقوق والتزامات أصحابها.
للشيخ عيسى بن محمد الفضل في قيام العمل النقابي في البحرين ولحماية ودعم اللجان العمالية التي تحولت بعد ذلك إلى نقابات، وله الفضل في إصدار قانون العمل في القطاع الأهلي لعام 1976 ورديفه قانون التأمينات الاجتماعية اللذين استهدفت صروحهما في سنوات لاحقة، ولا زالا يتعرضان للانتهاكات بعد غياب الداعم والمدافع القوي عنهما.
وللشيخ عيسى بن محمد الفضل في ثبات وتقدم الحركة التعاونية بعد أن تعرضت في بداياتها لمحاولات الإجهاض المبكر عليها، وكان لخطابه المشهور في مناسبة افتتاح جمعية الحد التعاونية (مايو 1977) – كثاني جمعية بعد جمعية مدينة عيسى- كان لذلك الخطاب وقع الإنقاذ والانطلاق من جديد فقد أعلن فيه مخططه للنهوض بالتعاون في جميع مجالاته وإيمانه بدوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وباستقالة عيسى بن محمد من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية خسرت البحرين وخسر العمال والتعاونيون وزيراً مخلصاً لالتزاماته ومسؤولياته وشعبه، خسارة لم تعوض حتى وفاته رحمه الله.