يكمن في وسط أي مؤسسة قلب شاب عامر، ليس فقط بالتقنيات الحديثة وسرعات الإنترنت الفائقة، وأحدث الخدمات والتطبيقات الإلكترونية، بل يعمل في مراكز تقنيات المعلومات الرجال والنساء من ذوي الكفاءات والمهارات النادرة. هؤلاء الجنود المجهولون الذين يطوعون التقنيات الحديثة ويصهرونها لتسهل عمل الموظفين وليوفروا أحدث الخدمات للعملاء. كما لا يخفى على الجميع الدور الذي يقومون به لحماية المعلومات وضمان أمنها وصد كل محاولة لاختراقها. ويحتم العمل في مراكز تقنيات المعلومات على هؤلاء الموظفين المشهود لهم بالإبداع والابتكار أن يكونوا سباقين لكل مستجد، محبين للعمل والعلم والمعرفة. ويتطلب منهم دائماً العمل في فرق مكونة من أعضاء من مختلف التخصصات والاهتمامات. كما يتميزون بلا شك بالإيثار، حيث يتطلب منهم في الكثير من الأحيان قطع إجازاتهم وترك عوائلهم في ساعات الليل المتأخرة لكي يتسنى لنا الحصول على بريدنا الإلكتروني وباقي الخدمات دون انقطاع. وتعكس البرامج والتطبيقات التي يعكفون على تصميمها وتحديثها دون كلل وملل إلمامهم العميق بكل متطلبات العمل وحاجات العملاء. اليوم تحولت مراكز تقنيات المعلومات من مجرد مخزن متطور لأرشفة المعلومات إلى قبس يشع منه الإبداع والتطور والابتكار. وتحمل مراكز تقنيات المعلومات مفاتيح التطور والارتقاء المؤسسي، وصارت هذه المراكز مصدراً للتفاخر والحداثة والتقدم.
إلا أن عصرنا هذا يتحدى وجود هذه المراكز من خلال مجموعة من التحديات الصعبة، أهمها: الخدمات السحابية
«Cloud Services»، والدعم الخارجي «Outsourcing»، ومع تطور البنية التحتية والتطور الهائل الذي نعاصره ونشهده بات التحول إلى الخدمات السحابية من أهم المغريات المدفوعة بتقليص نفقات شراء الخوادم الحاسوبية «servers»، وصيانتها وقدرة الخوادم السحابية الهائلة لمواكبة التغيرات في الاستخدام، وتوفير الخدمات بصورة متواصلة بطرق ذكية ذات كفاءة عالية ومتقدمة. من ناحية أخرى، تصدرت الكثير من الدول كالهند والصين وماليزيا الدول الموفرة لخدمات الدعم الخارجية في تصميم التطبيقات والخدمات الإلكترونية والصفحات العنكبوتية. محلياً انتشرت الشركات التي توفر موظفين في الدعم الخارجي، وخدمات الدعم الخارجي ليست ضرباً من الترف بل فرضت نفسها لقدرتها العالية على خفض النفقات وتوفير الخبرات والخبراء بصورة آنية وبسهولة. هذان هما فقط تحديان من مجمل التحديات التي تواجهها مراكز تقنيات المعلومات اليوم، ولكنهما بالطبع تحديان يؤثران في أصل الحاجة لمراكز تقنيات المعلومات في المستقبل.
في جل هذه التحديات يترتب على صناع القرار في هذه المؤسسات النظر في مستقبل مراكز المعلومات، فالنماذج والهياكل الوظيفية التقليدية باتت لا تحاكي بالطبع واقع التقدم التقني الذي نلمسه كل يوم، ولا صارت قادرة على جذب موظفي تقنيات المعلومات والاحتفاظ بهم والذين هم أنفسهم توجهوا للعمل في كبرى الشركات العالمية والدولية الموفرة للخدمات السحابية والدعم الخارجي. صورة مراكز تقنيات المعلومات في المستقبل ستكون أقرب لمراكز الأبحاث والتطوير منها للصورة التقليدية التي نعرفها، وسيتحول دورها من مجرد صيانة وتوفير للخدمات إلى تشكيل مستقبل المؤسسات وتطوير قدرتها على التنافس في عالم حافل بالتقنيات المتقدمة والروبوتات وأجيال من العملاء الذي تعودوا على قضاء معاملاتهم من أجهزتهم المحمولة وحتى الملبوسة «كساعة أبل». كما يتطلب من صناع القرار في هذه المؤسسات الإيمان بالكفاءات الموجودة لديهم في مراكز تقنية المعلومات والاهتمام بإعدادهم اليوم بكل المهارات المستقبلية لتتمكن المؤسسات من خوض المستقبل وتوفير خدماتها لعملاء يعملون بسرعة الضوء.
باحث في مجالات إنترنت المستقبل – جامعة البحرين