د. عائشة عبد العزيز الشيخ - استشارية نفسية



قدم الفهرس العربي الموحد ندوة رائعة وموضوعاً مستحدثاً يربط بين علم النفس الحديث والتكنولوجيا الرقمية المعاصرة بعنوان «علم النفس السيبراني أو الرقمي» الذي يتناول تأثير التكنولوجيا على السلوك البشري، وأهمية الفضاء الإلكتروني كبيئة جديدة خلقها البشر لأنفسهم؛ فهو العلم الذي يهتم بدراسة طريقة تفاعل الإنسان مع الأجهزة الرقمية، والتأثيرات العاطفية الناتجة عن استخدامها على دماغه وتأثير كل ذلك على صحته النفسية والعقلية. فعلم النفس الرقمي هو علم قائم بحد ذاته ويتم العمل على تطوير أدواته ليستطيع تجاوز الكثير من الأمراض الناجمة عن الغوص في عالم الإنترنت الواسع، وأهم تلك الأمراض التي تم رصدها حتى الآن، هي الاكتئاب واضطرابات القلق والسلوك الإدماني.

فعلماء النفس الرقمي يهتمون بدراسة كيف يفكر الإنسان؟ وكيف يتعلم؟ وكيف يبدع؟ وكيف يتم تشجيعه واستثارة همته ودافعيته وحماسه؟ وكيف نطور التكنولوجيا لتتناسب مع متطلباته ورغباته على أفضل وجه؟ وكيف يدرك هذا الإنسان نفسه في هذا العالم الافتراضي والعالم الواقعي من حوله؟ وكيف يعبر عن انفعالاته ولمن؟ وكيف يمكنه بناء علاقات اجتماعية افتراضية ناجحة؟ والكيفية التي تتأثر بها سلوكاته وحالاته النفسية في هذا الفضاء الإلكتروني. وكيف نستطيع خلق التوازن بين الإنسان والتكنولوجية الرقمية وجعل تلك العلاقة أكثر أماناً.

عمل المتخصصون في مجال هذا العلم على الإجابة عن أسئلة مثل: هل يؤثر وقت الشاشة المفرط على الصحة العقلية؟ هل تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الفعلية والواقعية؟ وهل تعوض العلاقات الافتراضية محيطنا الاجتماعي الواقعي والعائلي؟ لماذا يختار المتسوق عبر الإنترنت منتجاً على آخر؟ كيف تؤثر التكنولوجيا الرقمية على مدى الانتباه؟ والمشكلات الأخرى التي يمكن أن تصادفهم أثناء وجودهم في هذا العالم الافتراضي. ويحاول تفسير الأسباب التي تجعل بعض الأفراد يقعون ضحايا للتنمر الإلكتروني أو الابتزاز أو التحرش، أو فريسة للأمراض النفسية، والأسباب التي تجعل من الآخرين قادرين على استثمار الفرص والكشف عن الذات الخلاقة المبدعة، والقادرين على التكيف وقبول الآخر.

ومن هنا نستطيع القول إن جمع تلك المعلومات سالفة الذكر قد يمكن علماء علم النفس الرقمي من تعزيز قدرتهم على التنبؤ الذي يمكنهم من تنمية شخصية الفرد في ضوء استخدامه للفضاء الإلكتروني في الكثير من جوانب حياته، وتدريبهم على تطوير العلاقات على شبكة الإنترنت بطريقة فعالة، وتقديم الحلول لمشكلة إدمان التكنولوجيا، والتصدّي للتنمّر الإلكتروني، باعتباره آفة اجتماعية مقيتة، ومدمّرة للشخصية، وتسخير قوة التكنولوجيا لتحسين الطريقة التي يتعلم بها الطلاب، من خلال تطوير تقنيات التعلم الافتراضي، التي تساعد في تحسين فهم الطالب لجزء معين في الرياضيات، أو العلوم أو غيرها من المواد، بالإضافة إلى دور التعلم الافتراضي في زيادة القدرة على اكتساب مهارات معينة كتعلم لغات جديدة، وتسهّل إنجاز المهام اليومية سواء العملية أو الوظيفية، واستخدام تقنيات الواقع الافتراضي لعلاج المشكلات النفسية، وتوفير العلاج النفسي للأشخاص في أي مكان، أو أي بلد دون حدود أو قيود.