رغم أنه شهر الخير، أي رمضان، إلا أن الأخبار فيه متباينة وتتأرجح بين أخبار طيبة وأخرى صعبة وعسيرة الهضم، حالها من حال الدنيا، لا مجال فيها للاستقرار، وأمورها تارة للأمام وتارة للخلف.

هناك أخبار إيجابية شهدها الشهر الكريم، على رأسها مضامين تصريحات جلالة الملك حفظه الله خلال لقائه أهالي المحافظات المختلفة، وأهمها تأكيداته كرأس للهرم بأن الخير وتحقيقه للبلاد وأهلها هدف رئيس لا نحيد عنه، وأن القادم بإذن الله أفضل. إذ كلمات جلالة الملك بحد ذاتها، هي ما تبعث الأمل الدائم في قلوب المواطنين، وخاصة أن الله حفظ البحرين ومن عليها بعودة الأمن والاستقرار ودحر محاولات الاستهداف.

للعاملين في القطاع الخاص، كان الشهر الفضيل مميزاً، وذلك بفضل توجيهات جلالة الملك بمنح الموظف في القطاع الخاص ميزة شراء سنوات الخدمة، وهي مسألة تأتي في إطار المساعي لتوحيد مزايا التقاعد بين القطاعين العام والخاص، وعليه كان الشكر الجزيل موصولاً للملك حمد من أبنائه.

زيارات سمو ولي العهد للمجالس الرمضانية، حملت في طياتها أيضاً تصريحات فيها من التفاؤل الشيء الكبير، هناك تحديات تحدث عنها الأمير سلمان بن حمد، وأن إزاءها لابد من معالجات تكون على حجم الصعوبة، لكن الأهم أن تصل في النهاية لخدمة الوطن والمواطن. وهي المسألة التي تمنحنا الثقة بأن هناك عملاً يدار بطرائق متعددة هدفه معالجة كثير من الملفات.

أيضاً لا يمكن نسيان أحد أهم الإنجازات الوطنية في المجال الطبي، ونعني به التأمين الصحي، والذي سيمنح المواطن البحريني آفاقاً أوسع وأرحب في ضمان حصوله على العلاج الطبي اللازم له، والمتاح بدعم من الدولة. هذا مكسب هام جداً لا يمكن إغفاله، ويمضي بنفس الآلية المتقدمة التي تطبق في الدول الغربية المتقدمة، وبأسلوب يركز فيه على المواطن وعلى ضمان صحته عبر توافر العلاج المناسب له تحت كافة الظروف.

بموازاة ذلك، كشف أحد أنشط الوزراء في البحرين، وأكثرهم مقاومة لتأثيرات الكرسي والمنصب، والذين لم تنجح أية مغريات موقعه في تغيير «معدنه»، وهذا طبعاً في رأيي الشخصي، الوزير كمال أحمد، وزير المواصلات والاتصالات، عن تحقيق شركة مطار البحرين صافي أرباح قرابة 12 مليون دينار بزيادة 30 ٪ عما تحقق العام الماضي. وهو خبر إيجابي يكشف عن تحسن واضح في طريقة إدارة الشركة، ويجعلنا نطمع أيضاً بأن تنعكس هذه العملية إيجاباً على بقية الشركات الوطنية، بحيث تنتقل لوتيرة ربحية أكثر مستقبلاً.

لكن في المقابل هناك بعض الملفات التي كان لها وقع صعب على المواطن، وبخصوصها سادت موجة قلق طبيعية، أبرزها الشد والجذب بين السلطتين التشريعية «البرلمان»، والتنفيذية «الحكومة»، بشأن قانون التقاعد الجديد، ومساعي المواطن لمعرفة كيف سينتهي الحال بهذا الملف، وما هي مكاسبه منه، وأيضاً ما هي الأمور التي قد تؤثر عليه، في ظل قلق من تغير أوضاع تحولت منذ عقود لحق مكتسب للمواطن.

في جانب آخر، تزعج الحالة التي يحاول إثارتها بعض النواب هذه الأيام، وكأنها مسرحيات تستدر عواطف الناس، بالضرب على أوتار الهموم المختلفة، تزعج لأنها تأتي بعد حالات سبات نيابية متقطعة، ويفهم منها اليوم أنها إعدادات لحملات انتخابية قادمة.

أخيراً وليس آخراً، تصريحات وزير المالية المنشورة يوم أمس بشأن الدين العام ومساعي معالجة هذا الملف وتسديد المبالغ عبر الاستمرار في عملية الاقتراض، بالتأكيد خبر له تأثيره السلبي على المتلقي، لكن الواقع يفرضه، نعم لدينا وضع حرج يتطلب معالجات صعبة، قمنا كدولة بمساع في هذا الاتجاه، تقليل مصروفات، إعادة توجيه دعم، رفع أسعار المحروقات وغيرها من أمور يختلف بشأنها المواطن بالتأكيد، لكن مازال تأثير الأزمة الاقتصادية واضحاً.

مع كل هذه الأمور، بوقعها الإيجابي أو السلبي، تظل أكبر نعمة هي «البحرين»، نعم ببقائها ككيان ننتمي له، محفوظة بأمنها واستقرارها، يتحرك فيها الفرح محاولاً طرد أي حالة حزن. لدينا تحديات وملفات صعبة، لكن لدينا أيضاً خير ورزق قادم، وإيرادات ستعزز بإذن الله اقتصادنا. اسم البحرين لوحده يبعث على التفاؤل، وسنظل دائماً نتفاءل بالخير حتى يتحقق إن شاء الله.