التحق بكلية القيادة والأركان في دورتها الأولى بالكويت 1996، وكانت بريطانية المنهج وبفريق تدريب تابع لكلية كيمبرلي البريطانية العريقة، ويبدو أن الأمور تمت على عجل منع البريطانيين من تغيير محتويات المنهج من الأمثلة وسيناريوهات المناورة التي نتعلم منها، المهم أننا كنا نضع خططنا في الهجوم والدفاع ضد قوات العدو الذي كان الجيش السوفيتي الذي لم يمضِ على سقوطه إلا سنوات قليلة ومازال رعب عقيدته القتالية واستراتيجيته يقض مضاجع حلف الناتو. من منهج كيمبرلي تعلمت أن الجيش البري الروسي يعمل بنظام الأنساق، بمعنى أن ينطلق النسق الأول لهدف محدد، وليذهب للجحيم من يقتل من منتسبيه، فعلى قيادة النسق العليا Echelon الإبلاغ عن الوصول إلى للهدف مهما كلف الأمر. ثم يتبعه النسق الثاني لهدف محدد آخر، ولا يتوقف لو فُنِيَ نصف منتسبيه. وهذا ما يحدث في العقيدة القتالية الروسية حالياً، فقد تحققت أهدافهم؛ ولو لم تتحقق -كما يعتقد البعض- فأين النسق الثالث والرابع اللذان يزج بهما في العقيدة الشرقية!! الجواب أن الروس يريدون التقدم، وما هو محدد لهم نوعان هدف للضغط التفاوضي، وهدف إحداثياته هي الخطوط الفاصلة للتقسيم المزمع لأوكرانيا في بقائها موحدة، يعني زيلينسكي جديد يضمها للناتو. والحل الذي يعرفه الروس هو التقسيم، فقد دفعوا لتقسيم برلين حيث وقع القطاع الشرقي من المدينة تحت سيطرة السوفيت، وتحت سيطرتهم تأسست ألمانيا الشرقية 1949، وفي1961 شُيّد «جدار برلين» بطول 1400 كلم. كما أنهى الحلفاء الاحتلال الياباني لكوريا 1945 واتفقت أمريكا والسوفيت على احتلالها بشكل مؤقت عبر مجلس وصاية يقسمه خط عرض 38 كفاصل بين الطرفين، وفي مؤتمر القاهرة كان مقرراً إنشاء حكومة حرة ومستقلة عندما يحين الوقت لكن القرار فشل جرّاء الحرب الباردة، فتبعتها الحرب الكورية 1950-1953 التي تركت الكوريتين مفصولتين إلى اليوم. واليوم يتكرر السيناريو فقد أدركت كييف والغرب أن النسق السوفيتي في إضعاف الخصوم مازال حياً في الكرملين، وموسكو في طريقها لتقسيم أوكرانيا إلى قسمين، كما حدث عند تقسيم كوريا وألمانيا.

بالعجمي الفصيح

بوتين حقق هدفه الذي لم ينتبه له الغرب إلا مؤخراً، وهو تقسيم أوكرانيا، ولينضم النصف القاصي للناتو والداني منطقة عازلة كما كان يفعل السوفيت.