قد يتعافى الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة بعد مرض في الدماغ

الأمراض التنكسية العصبية التي تسبب موت الخلايا العصبية أكثر الأسباب شيوعاً

هدى عبدالحميد



أفادت مستشار أسري وتربوي زينت حبيب حاجي أن متلازمة اليد الغريبة هي حالة عصبية نادرة تُصيب أحد الأطراف، بحيث تخرج عن سيطرة العقل وتتحرك كما لو أنّ لها عقلها الخاص، وقد تؤدي غالباً إلى إصابة الشخص بالقلق الاجتماعي والاكتئاب والبارانويا، وذلك في حوار مع "الوطن" هذا نصه:

ما هو مرض متلازمة اليد الغريبة؟

- تمّ الحديث عن مرض متلازمة اليد الغريبة لأول مرة في العام 1908، عندما وصف الطبيب العصبي الألماني ورت غولدشتاين اليد اليسرى لامرأة كانت قد أُصيبت بجلطة دماغية في جانبها الأيسر بأنّها كما لو كانت تنتمي إلى شخص آخر. فقد قامت يدها بأفعال تبدو كأنّها تحدث بشكل مستقل عن إرادتها.

في البداية شخّص غولدشتاين هذه الحالة على أنّها جنون العظمة، لكن لاحظ فيما بعد أنّ الإحساس الجسدي على جانبها الأيسر كان ضعيفاً جدّاً. يُطلق البعض عليها متلازمة الأطراف الغريبة لأنّه وعلى الرغم من أنّ الحالات الأكثر شيوعاً تظهر في إحدى اليدين إلّا أنّه من الممكن أن تتأثر ساق واحدة أيضاً.

في الواقع الحركات التي تقوم بها اليد الغريبة طبيعية كخلع الملابس أو إغلاق الباب، لكنها خارجة عن إرادة وسيطرة الشخص وبالتالي هي غير متوقعة وغير مرغوبة. لابدّ من الإشارة بأنّ العديد من الحالات تُصيب البالغين، لكن تمّ الإبلاغ عن حالة واحدة أُصيبت بها فتاة تبلغ 13 عاماً. كذلك يمكن أن تستمر متلازمة اليد الغريبة لساعات، أيام أو حتّى سنوات، فلا وجود لجدول زمني قياسي.

ما هي أسباب متلازمة اليد الغريبة وطرق علاجها؟

- أسباب متلازمة اليد الغريبة متعددة لكنها تنبع عموماً من اضطرابات في شبكات الدماغ المشاركة في الحركة والتحكم. تُعتبر الأمراض التنكسية العصبية التي تسبب موت الخلايا العصبية أكثر الأسباب شيوعاً. بالإضافة إلى الإصابات التي يتعرض لها المخ بسبب الصدمة أو الجراحة الدماغية التي تفصل بين نصفيه. مع الإشارة إلى أنّه نادراً ما تؤدي السكتة الدماغية القلبية إلى الإصابة بمتلازمة اليد الغريبة. في هذا الإطار، يؤكّد الدكتور في طب الأعصاب في مايو كلينك أنّ إصابة الفصوص التي تقع في الجهة الأمامية من الدماغ بحالة عصبية تؤدي بدورها إلى إصابة اليد اليُمنى بمتلازمة اليد. ومن عوارضها التلمس الاندفاعي، التلاعب بالأشياء، صعوبة إطلاق الأشياء بعد الإمساك بها.

أمّا إصابة الجسم الثفني في الدماغ فيُظهر حركات متضاربة بين اليدين أثناء المهام الثنائية. على سبيل المثال، في حال كنت تقوم بربط الحذاء فستقوم اليد الغريبة بفك الرباط. لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الجسم الثفني هو مجموعة من الألياف المسطحة البيضاء التي تقوم بنقل الرسائل من نصف الدماغ إلى النصف الآخر.

كما تؤدي إصابة الفص الجداري الخاص بك الذي يقع خلف الفصوص الأمامية إلى التسبب بحركات أقل هدفاً كرفع اليد بطريقة لا إرادية، بحسب الطبيب حسن. كما يضيف بأنّ هذه الحالة تؤدي إلى عدم تعرف الأشخاص على أطرافهم. كذلك تؤدي أورام المخ التي تضغط على المراكز الحركية للدماغ إلى التسبّب في حركات لا إرادية في اليد اليسرى لدى الشخص الأيمن.

في غضون ذلك، تمّ العثور في أولئك الذين يعانون من متلازمة اليد الغريبة على مشاكل في القشرة الحزامية الأمامية، القشرة الجدارية الخلفية ومناطق القشرة الحركية التكميلية في الدماغ. كما اكتُشف أنّ الشبكات العصبية داخل المخ التي من المفترض أن تنشط عند القيام بنشاط حركي تكون أكثر عزلة لدى المصابين بهذا الاضطراب، حيث لوحظ فقط التنشيط المعزول للقشرة الحركية الأولية المقابلة.

كذلك تبيّن في تصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لليد الغريبة شبكة من تنشيط الدماغ بما في ذلك القشرة الحركية الأولية، القشرة المحركة، القشرة المسبقة، التلفيف الأمامي السفلي الأيمن. وقد تبيّن في النتائج أنّ الحركات الطوعية أثارت شبكة مماثلة من استجابات الدماغ ولكنها افتقرت إلى تنشيط التلفيف الأمامي السفلي بينما الحركات غير الطوعية تشاركت في شبكات دماغية مماثلة للحركات الطوعية، ولكنها أظهرت اختلافات وظيفية في مناطق الفص الجبهي وتنشيط فريد للتلفيف الأمامي السفلي مما يدعم دور الأخير في هذه الاستجابات غير الطوعية.

ما هو علاج متلازمة اليد الغريبة؟

- لا توجد طريقة من أجل علاج متلازمة اليد الغريبة بشكل نهائي، إنّما تساهم بعض العلاجات في التخفيف من الأعراض من جهة، تطوير استراتيجيات للتعامل مع اليد الغريبة من جهة أخرى. لكن، قد يتعافى الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة بعد مرض في الدماغ أو السكتة الدماغية بمجرد مرور بعض الوقت. أمّا أولئك الذين يعانون منها بسبب أمراض التنكس العصبي فحظوظهم بالشفاء أقل. فيما يلي أبرز طرق العلاج المتبعة، وهي: علاج متلازمة اليد الغريبة من خلال دواء كلونازيبام وهو مهدئ عصبي يستخدم للوقاية من نوبات الصرع، واضطرابات الهلع، والقلق واضطراب الحركة المعروف بالتململ. وعلاج متلازمة اليد الغريبة من خلال حقن توكسين البوتولينوم عادة ما تُستخدم هذه الحقن في علاج مجموعة متنوعة من الاضطرابات العصبية والعينية التي تحدث بسبب تقلصات العضلات الشاذة أو المفرطة.

علاج متلازمة اليد الغريبة من خلال العلاج السلوكي المعرفي يساعد الأشخاص الذين يعانون من متلازمة اليد الغريبة على التصالح مع الحقائق العاطفية لحالتهم والتفكير بطريقة أخرى في يدهم الغريبة. على سبيل المثال، اعتمد البعض على فكرة تشتيت اليد الغريبة من خلال بعض المهام البسيطة كإمساك القلم في اليد أو ارتداء قفاز أثناء النوم. كذلك يشعر البعض براحة كبيرة عند الجلوس على يدهم الغريبة في الأماكن العامة تجنباً للإحراج.

هل هناك أمثلة على بعض حالات متلازمة اليد الغريبة؟

- في دراسة أُجريت عام 2014 اشتكت امرأة تبلغ من العمر 77 عاماً من عدم قدرتها على السيطرة على يدها اليُسرى، حيث قامت بضربها على وجهها وشعرها من دون إرادتها أثناء مشاهدة التلفاز. استمرت هذه الحركات نصف ساعة، لكن ذراعها كانت مخدرة وضعيفة قليلاً بعد انتهاء هذه الحادثة. وقد تبيّن في تقرير المشفى بأنّ المرأة أصيبت بسكتة دماغية ربما لأنّها توقفت عن تناول مضادات التخثر للرجفان الأذيني استعدادا لجراحة العمود الفقري، مشيراً إلى أنّ هذه المدة هي أقصر حالة موثّقة من متلازمة اليد الغريبة.

كذلك شملت دراسة أخرى حالة لامرأة تبلغ من العمر 84 عاماً كانت تتحرك فيها ذراعها اليسرى محاولة للاستيلاء على جسدها مما دفعها للذهاب إلى غرفة الطوارئ في المشفى. كانت تحصل هذه النوبات أثناء الأكل ومشاهدة التلفاز والذهاب إلى الحمام، مما جعل المرأة تصرخ على يدها للتوقف عن القيام بأمور محرجة. في هذه الحالة، أظهر التصوير المقطعي المحوسب أنّ المرأة أصيبت بسكتة دماغية. لكن، بعد شهر هدأت يدها الغريبة.

ما أعراض مرض متلازمة اليد الغريبة؟

- يتمثل العارض الأول والبارز في عدم القدرة على التحكم بإحدى الأطراف، حيث تتحرك بشكل مستقل لا إرادي. القيام بسلوكيات غير هادفة. مثل شد الشعر وتمزيق الملابس أو لمس أجزاء من الجسم في المناطق التناسلية أمام الآخرين. تناول الطعام بشكل غير صحيح، مثل ملء الفم بالطعام بشكل كثيف. تصبح اليد المتأثرة غرض تهديد للمصاب وللآخرين، حيث تقوم بعض الأحيان بالضرب أو الخنق. تقمص أسماء غريبة وشخصيات مختلفة، حيث يصل بعض المرضى إلى حد ربط شخصية مختلفة بنفسه بل وأحياناً اسم مختلف مثلاً يقول:«أن هذه اليد هي لشخص آخر».

ما هي أعراض مرض متلازمة اليد الغريبة لحالة الفص الجبهي؟

- التماس الأشياء بطريقة غير طوعية، وصعوبة إطلاق الأشياء الممسوكة، وحركات غير هادفة مثل ارتفاع اليد الغريبة في الهواء تلقائياً، وعدم تعرّف الشخص على يده واعتبارها بأنّها لا تنتمي له.

ما هي أعراض مرض متلازمة اليد الغريبة لحالة الجسم الثفني؟

- حركات متضاربة بين الأيدي.

كيف يتم تشخيص متلازمة اليد الغريبة؟

- عملية تشخيص متلازمة اليد الغريبة هي عملية معقدة، وذلك باعتبار أنّ هذه الحالة هي اضطراب عصبي يفتقر إلى مكون نفسي. في بعض الأحيان، قد تفسّر بشيء آخر لأنّ غالب الأشخاص الذين يعانون منها هم في الحقيقة يشكون من اضطراب نفسي ومشاكل سلوكية. لكن، في حال بدأت تفقد السيطرة على يدك بعد عملية جراحية، فقد يفكّر الطبيب بفرصة الإصابة بهذه المتلازمة.

في السياق نفسه، وبمجرد أن تشعر بهذه المتلازمة يجب أن تلجأ إلى الطبيب، حيث سيقوم في البداية بملاحظة تصرفات اليد الغربية ثمّ سيعتمد الإجراءات التصويرية التي تشمل التصوير بالرنين المغناطيسي، التصوير بالرنين المغناطيسي الموزّن بمعامل الانتشار (تقنية أكثر تخصصاً يمكنها رسم خريطة للمياه في المادة البيضاء في دماغك) والتصوير المقطعي المحوسب. بهذه الطريقة يتمكّن الطبيب من ملاحظة أجزاء الدماغ التي يتم تنشيطها عند ممارسة اليد الغربية حركات غير طوعية مقابل الحركات الواعية.

ماذا يجب أن تعرف عن متلازمة اليد الغريبة؟

- تصيب غالباً متلازمة اليد الغريبة اليد غير المهيمنة، تصيب عادة البالغين، تؤدي غالباً إلى إصابة الشخص بالقلق الاجتماعي والاكتئاب والبارانويا، نادراً ما تتسبب اليد الغريبة في إيذاء الأفراد، قد تحدث نوبات اليد الغريبة أثناء النوم.

ما هو عدد حالات متلازمة اليد الغريبة؟

- يمكن اعتبار حالات متلازمة اليد الغريبة نادرة بسبب قلّة الحالات المبلّغ عنها.

ما هو مصير متلازمة اليد الغريبة في المستقبل؟

- يواصل الباحثون دراسة متلازمة اليد الغريبة لتحديد الفيزيولوجيا الكامنة والروابط المعنية التي تؤدي إلى هذه الحالة. بالإضافة إلى البحث عن طرق لتطوير علاجها، وبخاصة مع تطور تكنولوجيا تصوير الدماغ. لكن، تكمن الصعوبة في ندرة الحالات التي تعاني من متلازمة اليد الغريبة مما يطرح عدد حالات قليلة جدّاً لدراستها.

في الخلاصة، يمكن القول بأنّ متلازمة اليد الغريبة هي حالة غير مؤلمة إلّا أنّها تسبّب الإحراج للمرضى مما يؤدي إلى إصابتهم باضطرابات نفسية خطرة كالاكتئاب. أمّا من الناحية السلوكية، وبالرغم من ندرتها إلّا أنّها قد تسبب الأذى للشخص المصاب.