أكد قانونيون وخبراء في العملات المشفرة على عدم جواز إصدار العملات أو الترويج لها واعتبروا ذلك جريمة استثمار احتيالي في مشروعات وهمية، كما أكدوا أن الادعاء أن منشأ عملات مشفرة هو مملكة البحرين، قد يسيء لسمعتها على الصعيد الدولي في هذا المجال، ودعوا مصرف البحرين المركزي للتدخل السريع.

وأشار الخبراء إلى أن البيع والشراء يحدث على مستوى دولي مما يستوجب تعاوناً دولياً في وضع تشريع ملزم لكل الدول، لافتين إلى أن الأمر يحتاج لسنين، خاصة مع إقرار بعض الدول لهذه العملات وإنكار البعض الآخر لها.

وقال المحامي عبدالرحمن غنيم، إن محافظ مصرف البحرين المركزي أكد في تصريحات صحفية أن البحرين لم تصدر أي ترخيص لإصدار أي عملة رقمية حتى الآن، وحيث إن العملات الرقمية تقوم مقام النقود في المعاملات الإلكترونية فإنه يتعين أن يكون المعني بإصدارها المؤسسات ذات الاختصاص بناء على تشريعات قانونية تنظمها.



ولفت غنيم إلى أنه لم يصدر تشريع في هذا الخصوص حتى الآن ينظم إصدار أو التعامل في العملات الرقمية، ومن ثم لا يجوز لأي جهة كانت أن تصدر هذه العملات وأن تقوم بالتعامل فيها أو الترويج لها ودفع عامة الناس للتعامل بها وإلا عد ذلك فعلاً مجرماً تحت مسمى جريمة جمع المال بدون ترخيص من الجهات المختصة والمعاقب عليها بموجب المادة 391 مكرر فقرة 1 و5 من قانون العقوبات والتي نصت على أنه "يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف دينار ولا تزيد على مثلي ما جمعه أو تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من جمع أو تلقى أموالاً من الغير بقصد استثمارها أو إدارتها أو توظيفها دون الحصول على ترخيص بذلك من مصرف البحرين المركزي أو غيره من الجهات الإدارية المختصة بمزاولة الأنشطة التي تم جمع أو تلقي الأموال من أجلها".

ويحكم على الجاني برد الأموال إلى صاحبها ومصادرة عائدات الجريمة وللمحكمة أن تأمر بنشر ملخص الحكم بالإدانة أو منطوقه في صحيفة محلية أو أكثر على نفقة المحكوم عليه.

كما يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز مائة ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من وجه دعوة إلى الجمهور بالإعلان بأية وسيلة، وذلك لجمع أو تلقي أموالاً بغرض استثمارها أو إدارتها أو توظيفها دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهات المنصوص عليها في البند (1) من هذه المادة).

كما يعد هذا الفعل مجرماً باعتباره يمثل جريمة الاستثمار الاحتيالي لان دعوة الناس للمضاربة بالمال في مشروعات وهمية يعد من قبيل الاستثمار الاحتيالي المعاقب عليه بالحبس عملاً بنص المادة 391 من قانون العقوبات لذلك سواء تم التداول أو التعاملات في العملات الرقمية من المروجين أو المؤسسين في التعامل فيها، يعد ذلك جريمة استثمار الاحتيالي داخل أو خارج مملكة البحرين.

وأكد المحامي غنيم أن ذلك الأمر قد يسيء لسمعة المملكة على الصعيد الدولي لا سيما أن جميع العملات الافتراضية العربية التي صدرت حتى الآن كان منشأها مملكة البحرين مما يستوجب معه مصرف البحرين المركزي التدخل السريع بإصدار قرارات تمنع إصدار مثل هذه العملات إلا بعد صدور قوانين تنظم كيفية التداول فيها وتحت رقابة البنك المركزي حتى يضمن للمتعاملين فيها الحماية لأموالهم واستثماراتهم.

ودعا غنيم السلطة التنفيذية لعرض مشروع بقانون على مجلس النواب يسمح لمصرف البحرين بأن يصدر عملة رقمية وطنية دولية يتم تداولها لتكون أول عملة رقمية وطنية تضمن فيها الدولة للمتعاملين بها عدم الاحتيال عليهم لأنها مضمونة وطنياً على مساهمة ذلك في دعم الاقتصاد الوطني البحريني.

لكن الدكتور سالم الغميض كان له رأي مغاير بالنسبة لعملة البيتكوين خاصة، حيث أشار إلى أن إخفاء هوية البيتكوين أدى في سنواتها الأولى إلى العديد من الاستخدامات غير القانونية، حيث تمكن المستخدمون من شراء المخدرات غير المشروعة وكانت جميع المعاملات تستخدم عملة البيتكوين.

وأوضح الغميض أن عملة البيتكوين صارت لا تتناسب مع من يبحثون عن إخفاء هويتهم، حيث بدأت Bitcoin تنشئ سجلاً عاماً دائماً لجميع المعاملات، وبمجرد ربط الفرد بعنوان، يمكن ربط هذا الشخص بمعاملات أخرى باستخدام هذا العنوان، لذلك فإن النشاط غير القانوني انحسر عن البيتكوين، وقال إن مصرف البحرين المركزي كان قد أصدر القواعد النهائية لمجموعة من الأنشطة المتعلقة بأصول التشفير، وتهدف قواعد المصرف إلى ضمان وضع الأنشطة ذات الصلة ضمن المحيط التنظيمي وخضوعها لتدابير تنظيمية وإشرافية شاملة من أجل مواكبة الابتكارات التي تحدث في المراكز المالية الكبرى في جميع أنحاء العالم، ويرتبط تقديم مصرف البحرين المركزي للقواعد المتعلقة بالأصول المشفرة مع هدفه المتمثل في تطوير قواعد شاملة للنظام البيئي للتكنولوجيا المالية لدعم مكانة البحرين كمركز مالي رائد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقال إن قواعد الأصول المشفرة لدى مصرف البحرين المركزي تتضمن الترخيص والحوكمة والحد الأدنى لرأس المال وبيئة التحكم وإدارة المخاطر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومعايير السلوك التجاري وتجنب تضارب المصالح وإعداد التقارير والأمن السيبراني لخدمات الأصول المشفرة، كما أنها تغطي معايير الإشراف والتنفيذ بما في ذلك تلك التي يقدمها مشغل المنصة بصفته مديراً رئيساً ووكيلاً ومدير محفظة ومستشاراً وكوصي داخل مملكة البحرين أو منها.

وخلص الغميض إلى أن العملات الرقمية بما في ذلك البيتكوين صارت تفرض نفسها كعملات مقبولة ومطلوبة في أسواق المال، ولم يعد هناك مجال للتساؤل عن قانونيتها.

وفي سياق متصل، أكدت الأستاذ المساعد بجامعة البحرين والباحثة في قضايا بلوكشين، والذكاء الاصطناعي، وقضايا تكنولوجيا المعلومات الدكتورة فاطمة السبيعي، أنه من غير المسموح مزاولة التعاملات بالعملات الرقمية دون ترخيص من مصرف البحرين المركزي، مشيرة إلى أن المصرف المركزي قد رخص بورصتين لتداول العملات المشفرة بسجل تجاري وبنكي.

وبالنسبة للعملات المشفرة الصادرة خارج البحرين، أوضحت السبيعي أن البحرين تعتبر من دول الحياد ولا تضع عقوبات على من يتداول العملات المشفرة الصادرة خارج البحرين، وقالت: هناك دول تحذر مواطنيها وأخرى تمنع مواطنيها، بينما في البحرين فقد أخذت منحى الحياد في التداول والبيع والشراء لتلك العملات، بدليل وجود بحرينيين يتداولون العملات الصادرة.

وحول الحاجة لتشريع أشارت السبيعي إلى وجود تنظيم ينظم عمل البورصات العاملة في البحرين، عن طرق حماية الهوية، أما بالنسبة للتداول فالأمر يحتاج لتعاون دولي في وضع تشريع يلزم كل الدول وهو أمر يحتاج لسنين، ولفتت إلى أن عملة البيتكوين صدرت في عام 2008 وحتى الآن تراوح مكانها بين الإقرار والإنكار في كل دول العالم.