A
A
روئ الحايكي
على الرغم من أن فصل الربيع لم يبدأ رسمياً، فإننا استشعرنا دفئه ونسماته.
ففي الربيع يكون محور الأرض مائلاً نحو الشمس، نحو الدفء بشكل ملحوظ وهذا يؤدي إلى بدء رحلة الحياة للنباتات وهي العملية التي تميز فصل الربيع وتعلن عن قدومه. فصل جميل كله حياة، يعلن عن جمال البدايات، عن تجدد الحياة.
إن هذا الوقت من السنة هو وقت ثمين يوفر للأسرة فرصاً للاستمتاع وتوطيد العلاقات من خلال ممارسة الأنشطة المختلفة في الهواء الطلق وفي أجواء مريحة وهادئة.
ولكن قبل أن نبدأ تلك النزهات في الحدائق العامة على الأقدام أو حتى على الدراجات، لا بد من أن نواجه أنفسنا ونسألها لماذا يا ترى هي مجهدة ولا تستشعر ذلك السلام الذي كان يسكنها قديما؟ لماذا لم يعد شاطئ البحر ونسماته العليلة جنة للنفس؟ فنزهات البحر من النزهات المحببة للقلوب لأنها تريح الأعصاب.
للأسف لقد سيطر أسلوب الحياة السريعة والإدمان على استخدام الأجهزة الإلكترونية على أوقاتنا بحيث لم نعد نستشعر السلام الداخلي.
نحن نركض كل يوم خلف الإنجاز والعمل وتحقيق الطموحات، ولا ننسى أن عقولنا كأنها مسلوبة منا وتركيزنا مشتت يفكر في كل شيء ولا يعرف كيف يتوقف. نحن نتابع آخر الأخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأخبار الموضة والجمال والمسلسلات والأفلام وغيرها وجسدنا يركض يميناً ويساراً.
نلاحظ أن الجميع باتوا متعلقين بالأجهزة الإلكترونية إلى درجة خطيرة، فسائق السيارة لا يترك جهاز الهاتف حتى وهو على الطريق، وأحياناً لا ينتبه للإشارات الضوئية ولما يحدث حوله.
وهناك من يمارس الرياضة دقائق ويتوقف مع هاتفه فترة من الزمن يقرأ الرسائل ويتكلم في الهاتف ويتابع السوشال الميديا وينسى بعدها أين هو وماذا كان يفعل.
الوضع بات مقلقاً والتعلق بالأجهزة الإلكترونية أصبح خطيراً جداً وسط تسارع الحياة الرهيب.
ألم يحن الوقت لنتدارك أنفسنا ونعيد تحديد الأولويات؟ إذ لا بد من وقفة مع النفس وتقييم للتصرفات والسلوكات.
ليكن فصل الربيع بداية جديدة مع النفس المرهقة والجسد الذي شاخ قبل الأوان.
لنبدأ بممارسة الرياضة بعيداً عن الأجهزة الإلكترونية، الرياضة في أجواء معتدلة يساهم في الحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية.
إن الاستمتاع بحياة سعيدة وصحة جيدة يتطلب تخطيطاً وحرصاً ودراية بالنفس ومعاناتها ولا يمكن أبداً أن نحقق معادلة السعادة والرضا من غير مجهود وحذر.
أتمنى لكم قضاء أوقات سعيدة وبدايات جميلة في ربوع فصل الربيع الجميل بعيداً عن تبعات الحياة السريعة التي اجتاحت سلام النفس وأرهقت الجسد فشاخ وهرم وهو لا يزال شاباً.