محمد رشاد - تصوير نايف صالح




الأمير الراحل غادر دنيانا وترك وراءه حزناً يسكن قلبي ما حييت

40 ألف دينار مبيعات «شويطر» يوم افتتاح الجسر

افتتاح فرع لـ «شويطر» في أروروبا قريباً


محظوظ بعملي في صناعة الحلوى، والسير على درب الآباء والأجداد الذين جاؤوا بها من العراق إلى البحرين قبل 171 عاماً، بهذه الكلمات روى رجل الأعمال فؤاد شويطر لـ «الوطن» مسيرته وأبرز ملامح مشواره الطويل في عالم صناعة الحلوى والذي يمتد أكثر من 45 عاماً.

وتابع قائلاً: «كان اشتغالي بهذه المهنة صدفة لظروف مرض الوالد وكبر سنه ما دفعني لترك الدراسة والوقوف معه في محل الحلوى على الرغم من رفضه الشديد رحمه الله، وإصراره على اكمال دراستي في الخارج، لكني أبيت أن أتركه في البحرين وأذهب مع أشقائي الذين سبقوني إلى الدراسة بالخارج».

وأضاف شويطر: «بدأ عشقي بالحلوى وأصبح هذا العشق هواية ومهنة في صباي، وتعلمت فنونها وسعيت لتطويرها حتى اقترن اسمها باسم العائلة على مستوى منطقة الخليج، عانيت الكثير حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن من نجاح؛ فقد خطوت الخطوة الأولى فى عملي موظفاً صغيراً في محلات الوالد ينقل الحلوى من المحرق إلى المنامة حتى تعلمت أسرارها وخباياها فأصبحت بعدها المسؤول عن كل كبيرة وصغيرة في محلات والدي رحمه الله، وطورت منها لتصبح اليوم تراثاً بحرينياً سيتوارثه الناس جيلاً بعد جيل، وها أنا اليوم أفسح الطريق لأبنائي لقيادة مسيرة التطوير في تلك الصناعة متمنياً لهم تحقيق ما عجزت عن تحقيقه وأن يساهموا في مواصلة الحلم بأني أرى محلات شويطر تملأ العالم وتغزو الأسواق العربية والعالمية.

وإليكم نص الحوار:

بداية حدثنا عن النشأة والطفولة والتعليم؟


- أنا ابن محافظة المحرق نشأت في فريج البنائين والتحقت بمدرسة أبوعبيدة فى المرحلة الابتدائية، ثم انتقلت إلى مدرسة عبدالرحمن الناصر في المرحلة الإعدادية، ومنها إلى مدرسة الهداية الخليفية الثانوية التي تخرجت فيها عام 1974م، لتتوقف بعدها مسيرتي التعليمية وتبدأ الحياة العملية، وأنا متزوج ولدي أربعة من الأبناء، هم مهنا وحسين وفاطمة ومنيرة جميعهم جامعيون، تتسم علاقتي الاجتماعية بمختلف شعب البحرين بالود والمحبة؛ فالجميع يعتبروني أخاً وصديقاً ولدي أصدقاء من مختلف الدول العربية.

ما هي هوايات فؤاد شويطر المفضلة؟

- لدي العديد من الهوايات التي ارتبطت بها منذ الصغر ولعل أقربها لقلبي «الرحلات البحرية» فأنا شخص يعشق البحر والنظر إليه وعلى الرغم من خوفي الشديد منه لكنه يظل هوايتي المفضلة، كما أنني شغوف بدرجة كبيرة بتجميع العصي والبحث عنها فى مختلف الدول التي أسافر إليها، كونها عنوان العزة ورفيقة الدرب، وهي رمز للتراث والعراقة وحملها الملوك والأمراء والوجهاء كرمز للهيبة والوجاهة، كما أنني شغوف بالسيارات ومعرفة أحدث صيحاتها الجديدة، وهي هواية نشأت معي منذ طفولتي إلى الآن.

حدثنا عن صناعة الحلوى في البحرين ومراحل تطورها ؟

- دخلت عائلة شويطر مجال صناعة الحلويات عام 1850 وأجيال سلمت أجيالاً، والبداية كانت مع جدي الراحل حسين شويطر فهو أول من نقل وأسس لهذه الصناعة في البحرين، حيث بقي في العراق فترة تزيد عن 3 أشهر من أجل تعلم سر المهنة، ثم تولى والدي مسؤولية التوسع في هذه الصناعة وكانت البداية بمحل في سوق المحرق القديم، ثم تطور الأمر لإقامة مصنع فسلسلة محلات.

تفاصيل كثيرة وأوقات عصيبة عشناها بحثاً عن صناعة علامة تجارية كبرى ترفع اسم البحرين في كل مكان وهو ما تحقق اليوم بفضل الله، حيث باتت كل العوائل الخليجية تعرف حلوى شويطر، وتحرص على التزود بالحلوى حين قدومها إلى البحرين أو حين مغادرتها.

وبالطبع لم تكن صناعة الحلوى بالأمر الهين والسهل؛ فتلك الصناعة تعد واحدة من الصناعات الكبرى، ولم يعد الأمر مقصوراً على مصنع تصنع فيه بل باتت الصناعة قوامها مصانع ورأسمال كأي صناعة كبيرة، بحاجة للانفتاح على العالم للسعي للتطوير بكل ما هو جديد، ومرت الصناعة معنا بعدة مراحل بدءاً من إنتاج الحلوى فقط إلى إضافة منتجات جديدة من الحلوى مصنوعة بالحليب، والتين والمشمش، والزعفران، والجزر، والتفاح، والموز بجانب صناعة حلوى المربى والحلاوة الطحينية، وحلوى المتاي، وصناعة جميع أنواع البسكويت.

ما هو عدد فروع محلات شويطر داخل البحرين وخارجها؟

- بدأنا العمل من خلال فرع وحيد بمحافظة المحرق حتى أصبح لدينا 10 فروع، وكان يعمل معنا 5 عمال فقط، واليوم لدينا أسطول من العمالة يبلغ عددهم 150 عاملاً بجانب عدد كبير من المحاسبين والإداريين البحرينيين، كما أصبح لدينا وكلاء فى دول الخليج وقريبًا سنفتتح فروعًا في أوروبا، كما عملنا على ضرورة مواكبة التطور في عالم الصناعات وطورنا من آليات مصنعنا وبتنا ندمج بين التكنولوجيا والصناعة لإنتاج الحلوى التي طالما اشتهرنا بها، غير أننا حريصون على الاحتفاظ بمذاق الحلوى البحرينية بما يلائم عملنا من منتجاتتنا التي أضفنا إليها الكثير من أجل تطويرها.

وتابع بالقول «إن الحلوى البحرينية تعد المطلب الأساسي في مختلف المناسبات سواء في الأعياد أو غيرها من المناسبات الوطنية والاجتماعية، وأيضاً تقدم لزوار المجالس، وأغلب زوار البحرين من الخليج والدول المجاورة، وحتى الأجانب يقومون بشراء حلوى شويطر ويعودون بها عند مغادرتهم البحرين إلى أسرهم باعتبارها صناعة مشهورة وتراثية تمتاز بها البحرين عن غيرها من دول العالم.

ومن أجمل ما يسعدني أننا في شويطر كنا حريصين على المحافظة على طعم حلوانا العتيقة وخصوصاً في نكهتها وموادها الخام المكونة لها، وعلى الرغم من قيامنا بإضافة نكهات جديدة إلى الحلوى فإن هناك العديد من المعايير التي حرصنا على تثبيتها وعدم تغييرها في شكل ومذاق الحلوى، وهو أكثر ما ميزنا في تلك الصناعة وسر من أسرار تفوق حلوى شويطر بجانب عدة عوامل منها احترامنا معايير الجودة واستخدام مواد خام طبيعية إلى جانب التركيز على حتمية النظافة وتدريب العمال لنصنع منهم كفاءات مهنية عالية في صناعة حلوى شويطر التي ستظل في عملية توسع دائم في مختلف الدول.

كيف ترى الوضع الاقتصادي الحالي في البحرين؟

- من نعم المولى عز وجل على البحرين أن رزقها قيادة رشيدة حريصة كل الحرص على توفير الحياة الكريمة للمواطنين، ونحن نرى بأعيننا مدى الحرص من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، ومن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء على تطوير ونماء البحرين وجعلها في مصافّ الدول الكبرى، والسير بها نحو التنمية والازدهار، بما يواكب متطلبات المرحلة الحالية والقادمة، ويعزز من مكانتها، لتحقيق المستقبل الزاهر لها في مختلف المجالات ولعل خير دليل على ذلك «خطة التعافي الاقتصادي» التي جاءت تنفيذاً لتوجيهات عاهل البلاد المفدى وتسير بنجاح بمتابعة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وأدعو الله تعالى أن يديم على هذا الوطن أمنه وأمانه في ظل قيادته الرشيدة وأن يمدها بعونه وتوفيقه.

حدثنا عن علاقتك بالأمير الراحل خليفة بن سلمان آل خليفة؟

- أعتبر نفسي من المحظوظين الذين حظوا بالقرب من المغفور له بإذن الله تعالى الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة؛ فسموه رحمه الله كان قائداً محنكاً وصديقاً كريماً، وأباً عطوفاً وهب عمره كله للبحرين وبناء نهضتها، وسموه كان قريباً جداً من المواطنين وحريصاً على السؤال عنهم فهو رحمه الله نمط فريد من الرجال النادرين الذين لا يتكررون، وأكثر ما أحزنني في حياتي هو فراق الأمير والصديق خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله، الذي غادر هذه الدنيا وترك وراءه حزناً ساكناً في القلوب إلى يوم أن نلقاه في جنان الخلد.

وتابع بالقول: «هنا داخل مكتبي دار بيننا الكثير والكثير من الأحاديث التي كان يطمئن من خلالها سموه رحمه الله عن حال أهل المحرق، فسموه كان يسعد بلقاء الناس ويفرح بقضاء حاجتهم، كان سموه رحمه الله يتفضل علي ويزورني بصفة مستمرة من حين إلى آخر، كل جانب هنا في المكان يحكي قصة مع الأمير الراحل الذي أوجعني رحيله، وسأبقى أنهل من حكمته وإنسانيته وعطفه وسأبكيه ما حييت؛ فسموه رحمه الله له في القلب مكانة عظيمة، وما من يوم إلا وذكراه على لساني، داعياً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه الفردوس الأعلى».

حملت لسموه رحمه الله الكثير من شكاوى وهموم أهل البحرين وكنت أذهب بها إلى مجلسه وأضعها بين يدي سموه الكريمة رحمه الله فما كان منه إلا أن يأمر بفحصها وحلها وتوجيه المسؤولين بحل مشاكل أهل البحرين قائلاً لهم لا تغلقوا أبوابكم في وجه أبنائنا من أهل البحرين واحرصوا على خدمتهم ومحبتهم لتزداد بلادنا عزة ونفعاً، وأشهد أن سموه رحمه الله كان يحرص على قضاء حوائج شعب البحرين ويسأل عنهم ويطمئن عليهم وكما تعلمون فسموه رحمه الله كان عارفاً بكل عوائل وعائلات شعب البحرين.

ماذا عن أحلام وآمال فؤاد شويطر؟

-الحمد لله على كل ما قدمت فأنا راضٍ تماماً عن كل سبق، ولم يتبق لي غير حلم واحد مثلي مثل جميع أهل البحرين هو دوام الأمن والاستقرار والسلام للمملكة؛ فهي أغلى ما أحببت في حياتي والبحرين هي النفس الذي نعيش به والشوق والحنيين الذي نشعر به ونحن خارجها، وأن تستمر تحت راية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في استكمال نمائها وتطورها في شتى المجالات فما نراه اليوم من مواصلة لمسارات التنمية والتطور والازدهار محل فخر واعتزاز لنا أهل البحرين جميعاً في مختلف أرجائها.

حدثنا عن أكثر ما أسعد فؤاد شويطر.

- في الحقيقة أن أكبر فرحة عشتها كانت وأنا فى عمر الثامنة عشرة حينما اشترى لي الوالد رحمه الله أول سيارة أمتلكها فوقتها شعرت بأنني قد مَلكت الدنيا كلها بين يدي ومن كثرة فرحتي بالسيارة لم أنم في تلك الليلة وظللت بجاروها أحدثها وتحدثني، وهو الموقف الأكثر سعادة بالنسبة لي في حياتي، وأستذكر أيضاً أن من أكثر الأمور التي أدخلت الفرحة إلى قلبي كانت مبيعات محلات شويطر يوم افتتاح جسر الملك فهد، حيث تم تحصيل مبلغ 40 ألف دينار في ذلك اليوم وهو مبلغ كبير حينها، كما أن هناك الكثير والكثير يسعدني ويفرحني فى البحرين وهو أن أراها دائماً في تقدم وازدهار وفي مصافّ الدول الكبرى في الصناعات والتجارة والاستثمار.

هل من الممكن أن تصبح الحلوى علامة سياحية في المستقبل؟

بالفعل الحلوى اليوم وإن كنت أقصد حلوى شويطر أصبحت معلماً سياحياً وهي من ضمن البرنامج السياحي في المملكة يأتي إلينا السياح الزائرون للمملكة للتسوق والتعرف على تاريخ حلوانا، وقمنا احتفالاً بهذا وتكريساً لثقافتنا بصناعة «فنجان يحمل اسم حلوى شويطر» وكان هدفنا هو ترك أثر عاداتنا وتراثنا في مختلف المجتمعات، لذا أرى أنه من الواجب والضروري في الوقت الحالي أن تقوم هيئة البحرين للسياحة والمعارض بدعم مثل هذه الصناعات والوقوف بجانبها باعتبارها أداة جذب سياحي لمملكة البحرين وعلامة تجارية مميزة تحكي تاريخنا أمام العالم.