حسن الستري- تصوير نايف صالح


أنا نائب متنوّع ولست نائب خدمات..


أنا أول رئيس للبرلمان العربي يفوز بالتزكية

منطقتي بها نضج سياسي غير طبيعي

مساعداتي الخيرية تتوقف قبل شهرين من الانتخابات

تعلّمت من كمال الدين الأدب ومن ميرزا التنظيم الإداري

تطوّرت كرة السلة بعهدي والأخير يفوز على الأول

خسرت 200 صوت في الانتخابات بسبب «كلنا معك»

استفدت من خسارة انتخابات 2002 لأصبح «سعدون البحرين»


نفى النائب عادل العسومي أن يكون للمساعدات الاجتماعية التي يقدمها دور في فوزه لأربع دورات متتالية، مبيناً أنه من عائلة متجذرة في العمل الخيري، مؤكداً توقف المساعدات الاجتماعية قبل شهرين من الانتخابات.

وعبر العسومي عن اعتزازه بأهالي دائرته، مؤكداً أن علاقته بهم مبنية على الثقة، وأنهم يحملون نضجاً سياسياً «غير طبيعي» على حد وصفه.

وسرد العسومي في حوار مع «الوطن» مسيرة حياته، بدءاً من موظف بمجلس الوزراء إلى مدير مكتب المدير العام للمجلس، ثم مدير عام مكتب وزيرين، كما استطرد مسيرته بالعمل الرياضي في اتحادات كرة الطائرة والألعاب الذهنية وكرة السلة.

وفيما يلي نص الحوار:

حدثنا عن بداية حياتك؟


- أنا من مواليد 1969، نشأت في أحد أحياء العاصمة العريقة، وهي حالة بني أنس، التابعة لمنطقة الحورة والقضيبية والعوضية والذوادة والحدادة، وهي مناطق قديمة ولها تاريخ كبير، أعتز بوجودي وانتمائي لهذه المناطق، ودرست في مدارس البحرين وأخذت شهادتي الجامعية عبر الانتساب في كلية إدارة أعمال، وبعدها تخصص إدارة مالية.

ما الذي دفعك لاختيار هذا التخصص؟

- بحكم أن تخصص الإدارة المالية لا يجعلك تحصر نفسك في مجال معين باعتبار أن التخصص مرتبط بالمال، انتميت للفترة الفاصلة بين الجيل القديم والحديث، نسكن في حي قديم وهذا يجعل ارتباط الصداقة عميقاً. أنا أصغر إخوتي الذكور، ولدي أخت أصغر مني، وتربيت في بيت فيه استقرار أسري، الوالد وضع كل اهتمامه بالبيت، باستثناء العمل، ووجود الأب بهذه الاستمرارية بالمنزل ينعكس على الأبناء، فقد كان حازماً وله هيبة ويحرص على التعليم، لذلك ثلاثة من إخوتي حملوا شهادة الدكتوراه.

أعتز بالحورة والقضيبية والمناطق المحيطة، كونها تمثل تاريخاً مهماً من تاريخ البحرين، ارتباطي بالمنطقة ارتباط شخص يحاول أن يجعل هذه المناطق لا تنتهي، لأن انتهاءها ليس من صالح البحرين لما لها من تاريخ، ونحن نحاول أن تبقى صامدة. الحكومة أجرت كثيراً من المشاريع لتظل هذه المناطق تؤدي دروها الوطني.

كيف كانت بداية حياتك العملية؟

- عملت فترة في مجلس الوزراء، وبعدها مدير مكتب وزير الدولة محمد حسن كمال الدين، ثم مديراً لمكتب الوزير عبدالحسين ميرزا. تنوعي في عملي أكسبني خبرة عملية كبيرة.

ماذا كانت طبيعة عملك في مجلس الوزراء؟

- كنت موظفاً عادياً بمجلس الوزراء ثم سكرتير مدير عام مجلس الوزراء عبداللطيف الرميحي. مجلس الوزراء منطقة مهمة والمنصب الذي فيه تمر علي فيه أموراً متنوّعة، أصبح عملي فيه جانب سياسي واجتماعي مما أكسبني القدرة على التعامل مع الظروف. وكان جزءاً من عملي تلقي طلبات المواطنين والسعي لحلها. والعمل بمجلس الوزراء يتطلب حساسية وكنت وقتها صغيراً في بداية العشرينات، وطبيعتي اجتماعي ولي مشاركات في العمل التطوعي، وعلاقتي بالمجتمع من الأساس كانت متميزة، وكان عملي يتطلب السرية، ويتطلب مني مسلكاً معيناً. كنت احترم بلدي ومنصبي.

ما الذي اكتسبته من العمل مع الوزير السابق محمد حسن كمال الدين؟

- بقيت مع الوزير محمد حسن كمال الدين سنة، وكان رجلاً طيباً ونبيلاً ويحب المساعدة وكان أديباً وتعلّمت منه.

هل تعلّمت منه كتابة الشعر؟

- ليس إلى هذا الحد، ولكن الموظف عادة يذهب مع توجهات رئيسه بالعمل، لذلك أصبحت لي علاقات واسعة مع المثقفين والشعراء، تعلّمت منه الاهتمامات الأدبية.

لننتقل إلى الوزير عبدالحسين ميرزا، ماذا اكتسبت منه؟

- استمررت مع الوزير عبدالحسين ميرزا فترة طويلة وقد جاء بخبرة بالقطاع الخاص. العمل الحكومي يختلف عن العمل الخاص، وقد نقل خبرته للعمل الحكومي. تعلّمت منه الكثير من الأمور خاصة في التنظيم الإداري، وكثرة العمل، هذا جعلني أتعامل مع أي منصب، وأصبحت لدي طريقة التعامل في القطاع الحكومي والخاص.

كيف كانت بدايتك مع الرياضة؟

- أنا من محبي نادي العربي سابقاً، الذي تغير اسمه إلى الوحدة والهلال، واستقر أخيراً على مسمى النجمة، كنت يومها صغيراً ألعب كرة الطائرة. فأنا من عائلة رياضية والكثير من أهلي مثلوا البحرين في مسابقات عالمية. ذهبت لكرة الطائرة مع المجموعة، فلعبت لمستوى الناشئين وبعدها تركت اللعب. ترشحت لاتحاد كرة الطائرة عام 1996 وصرت نائب رئيس اتحاد كرة الطائرة، وأنا عضو فخري في كثير من الأندية. عملت لفترة معينة وصرت رئيساً للاتحاد عام 2000 بعدها رئيس اتحاد البحرين للألعاب الذهنية.

ما الذي حققته حين كنت رئيساً لاتحادي الطائرة والألعاب الذهنية؟

- جئت بشركة إل جي لترعى مسابقة الطائرة، وكانوا يومها متحفظين على الرعاية، وحصلت على انتشار كبير بفضل الرعاية، وحين جاء ممثل الشركة الأم أثنى على قبولهم الرعاية، وأصبحت كرة الطائرة الأولى على مستوى البحرين وأدخلت موضوع المحترفين.

أما الألعاب الذهنية، فلم أستمر فيها كثيراً، كانت هناك فجوة بين الاتحاد والمهتمين بالألعاب الذهنية، واستطعت السيطرة عليها، كنت رئيساً لاتحاد غرب آسيا للشطرنج وعضو الاتحاد العربي للشطرنج، استفدنا من العلاقات وتجارب الآخرين.

دخلت إدارة نادي البسيتين، ألم يكن ناديك الذي تعشقه أولى بك؟

- علاقتي الشخصية مع أحمد بوعلاي، فطلب مني ولم أستطع رده، كنت رئيساً للجنة الاستثمار الرياضي بنادي البسيتين، وكان نشطاً وله أسبقية في الموارد المالية لتفعيل الموضوع وترتيبه.

ترأست اتحاد كرة السلة لفترة طويلة، حدثنا عنها.

- قبل ترأسي بشهرين كانت الإدارة مستقيلة، وللعلم فإن السلة أصعب لعبة في البحرين، وقد ابتعدنا عن التصادم مع الأندية، وغيرنا نظام المباريات، وجئنا بشركة زين لترعى المسابقة، وزدنا حماسية المباريات، وكان النهائي من 7 مباريات، ولم يكن ذلك إلا في الدوري الأمريكي. وصلنا لمرحلة أن الجمهور يتوافد قبل 7 ساعات وتُغلق الصالة قبل ساعتين، وقد كان هناك سوق سوداء للتذاكر.

كيف تصديتم لظاهرة السوق السوداء؟

- لم نستطع القضاء عليها، ولكننا استطعنا الحد منها، إذ بتنا لا نبيع الشخص أكثر من تذكرتين، ودخلنا نظام الشراء من الهاتف لتفادي الازدحام على التذاكر. تخيل أن مباراة بين المحرق والأهلي بكرة السلة تزامنت مع مباراة لنفس الناديين بكرة القدم، ومع ذلك لم يتأثر الجمهور. برزت أندية سترة والنويدرات والحالة والنجمة ومدينة عيسى، كلها أندية أصبحت لديها قدرة أن تهزم البطل، فلم يعد فريق يسلم من الهزيمة، وجرى أن فريقاً بالمركز الأخير فاز على الأول. جئنا بشركة زين لترعى المسابقة، متى ما كان هناك حضور جماهيري كان يسهل عليك الحصول على راعٍ أفضل، كنا مهتمين بأن تستفيد الشركة من الرعاية ولهذا استمرت الرعاية لمدة 14 سنة، كما كنت النائب الأول لرئيس الاتحاد الآسيوي لكرة السلة.

كيف وفقت بين عملك واهتماماتك الرياضية؟

- أسست نفسي بأن لا أحصر نفسي بعمل معين وأن أعطي كل شيء حقه، لدي قدرة على التكيف، وكل جهة تأخذ حصتها من الاهتمام. كنت أعطي الثقة لمن يعمل معي، وليس من طبيعتي حصر الصلاحيات بيدي.

لننتقل إلى عادل العسومي النائب، أنت لم يحالفك الحظ عام 2002، وبعدها دخلت 4 دورات متتالية، وأنت النائب الوحيد الذي فعلها، ما تعليقك؟

- خسارتي كانت عثرة جعلتني أعيد حساباتي، ومنها استفدت، ولعلها السبب في فوزي بالدورات اللاحقة كلها، لأن الناس حين جربت غيري قدرت عملي.

لا أعتبر نفسي خسرت عام 2002، فقد دخلت تنافساً مع 13 شخصاً ضد قامات كبيرة بالعمل السياسي، ووصلت لجولة الإعادة، ويومها اتصلت لي أخت مقيمة بالكويت، وقالت لي أحمد السعدون خسر أول انتخابات، ومن 1974 لليوم وهو نائب، فكن أنت سعدون البحرين.

بعدها عملت للمنطقة بقوة، ولذلك عرف الناس أن عادل لم يترشح للمنصب ولكن لكي يعطي، للأسف أغلب من يخسرون ينقطع عملهم، علاقتي معهم فيها ود وثقة ودعم متبادل، مهما أفعل لهم لا يمكن أن أوفيهم حقهم.

أليس السبب في فوزك المستمر أنك نائب خدمات كما يقال عنك؟

- لست نائب خدمات بل كنت نائباً متنوّعاً، قدمت مقترحات تفوق كتل نيابية كبيرة، ما بيني وبين أهل المنطقة ليس مصلحة.

إلهذا السبب تفوز مع أنك تصوّت ضد «الرغبات الشعبية»، كما يعبر عنها النواب الآخرون؟

- لم أضع نفسي في مكان معين لا أستحقه، وأهالي منطقتي يثقون بأن قراراتي مبنية على الوضوح والتعامل الوطني، لماذا أقول كلاماً من دون أن احققه، لا أريد أن أرفع شعارات لا أستطيع تقديمها.. أنا واقعي، ما أستطيع تقديمه قدمته، هناك إسكان في الحورة والبعض شكك فيه.

أليس للعمل الخيري والمساعدات الاجتماعية دور في تمسك أهالي الدائرة بك؟

- أنا مع العمل الخيري، وأعمامي أعادوا للناس بيوتهم المرهونة عند جدي من دون أن يدفعوا الديون التي عليهم، الأساس بيني وبين أهل دائرتي الثقة المتبادلة. وأؤكد لك أي مساعدة أوقفها قبل شهرين من الانتخابات، مهما تكن طبيعة المساعدة، أنا أقل نائب أصرف في الانتخابات، ومن يعمل معي المتطوعون من شباب الفريج وبدون مقابل.

هناك من يصوت لي رغم أنني لم أحقق طلباته، وسألت أحدهم، لم تصوت لي وأنا لم أخدمك؟ فقال لي أنت سعيت وحاولت، والتوفيق ليس بيدك، من يضمن أن من يأتي بعدك يسعى. منطقتي بها نضج سياسي غير طبيعي، لذلك العملية الانتخابية بأكملها لا تكلفني شيئاً، هناك من يدفع ولا ينجح، هم يعرفون أن العسومي يعمل ما بوسعه.

على مدى الفصول الماضية، لم تنضم للجنة المالية رغم أنك خريج إدارة مالية، لماذا؟

- آثرت التنوع في العمل فاخترت الخارجية، وبعدها الخدمات ثم المرافق العامة، لذلك أصبحت لدي خبرة في التعامل مع كل الملفات، أصبحت لدي خبرة تشريعية ورقابية.

ما هو القانون الذي تعتز بتقديمه؟

- علاوة الغلاء وعلاوة الإسكان وزيادات الرواتب، هذه الأشياء التي مازالت الناس تستفيد منها.

هل تعتزم الترشح بالانتخابات القادمة؟

- إن شاء الله.

ببرلمان 2014 دخلت دورة إعادة، في حين أنك فزت قبلها مرتين من الجولة الأولى وفي 2018 عدت وفزت من الجولة الأولى، أليس ذلك سبباً يدفعك لإعادة النظر؟

- انتخابات 2014 لها ظروفها، فقد وضعت إعلاناتي قبل 5 أيام، وهناك من روج بأنني لن أدخل، كما دخل شخص من المقربين مني وأخذ مني بعض الأصوات، ولكن في 2018 لم أكلم شخصاً، بل لو أنني أكلم أحدهم يزعل مني، أهالي الدائرة لم يرضوا بالتراجع الذي حصل في 2014، فهم لم يقبلوا أن أفوز بنسبة بسيطة، لذلك شاركوا بقوة وفزت من الجولة الأولى بنسبة 75% عام 2018، رغم أنني خسرت 200 صوت بسبب من كتب على الأوراق كلنا معك وغيرها من العبارات العفوية التي أفرحتني وإن أفقدتني بعض الأصوات.

لننتقل إلى مرحلة البرلمان العربي، كيف دخلت عضواً ثم نائباً للرئيس ثم رئيساً؟

- البرلمان العربي تجربة مهمة، وكنت أريد الترشح ولكن لم تتهيأ الظروف، وبعدها ترشحت وأنا من أقدم النواب العرب بالبرلمان العربي، كنت عضواً ونائب رئيس لدورتين ثم رئيساً، وكنت أول رئيس له يفوز بالتزكية، وهذا يعكس مكانة البحرين، سياسة البحرين الخارجية سهّلت أموري، وأهلتني أن تكون لدي علاقات جيدة وقبول من جميع الأطراف.

مقابلة جلالة الملك بعد الفوز كانت خارطة طريق وكانت داعمة لي، ولولا المشروع الإصلاحي لما وصلت لما وصلت له اليوم، كل العوامل ساعدتني لأن أقود البرلمان العربي، حرصت أن يكون برلماناً فاعلاً وله صوت وتأثير ويكون قريباً من الدول.

كنت أريد الفرصة لإظهار خبرتي، فالتوازنات العربية جداً صعبة وليس من السهولة إدارة البرلمان العربي. كونت لدي علاقات دولية واسعة على المستوى الشعبي والبرلماني والشعبي. يهمني أن تكون تجربة رئاسة مملكة البحرين تجربة ناجحة بكل المقاييس، فنحن نمثل البحرين ويجب أن نتعامل على هذا الأساس.

شاهدتك بشهر رمضان تسير بأزقة الحورة والقضيبية مع شباب المنطقة، صف لنا الأجواء الرمضانية؟

- عادل العسومي هو عادل العسومي منذ أن كان طفلاً، لم يتغيّر عليّ الناس، متواصل معهم وحريص عليهم، حافظت على التكوين المجتمعي. بعضهم خارج المنطقة من السبعينات ولم يترك الحورة، للأسف تغيّرت الأجواء لأن كثيرين خرجوا لأنهم حصلوا على خدمات إسكانية.