المرأة البحرينية محظوظة

أسرتي هي أوكسجين حياتي وأبنائي هم ثروتي الحقيقية



أول امرأة تتولى منصب أمين عام مساعد بمجلس تشريعي في الوطن العربي

تعلمت من والدي رحمه الله الصبر وسعة الصدر والحلم وحب الناس

عندما أنجبت أبنائي أصبحت "بيتوتية" وهكذا اتخذت قرار إتمام الدراسات العليا

لا أنسى تشجيع زوجي ومساندته ومشاركته بتربية الأبناء وتعليمهم

كنت دائماً الزعيمة في الفصل الدراسي

مازلت أتذكر "حطية نسوان الفريج" ورحلات "عين عذاري" و"بوزيدان"





مريم بوجيري

من القيادات النسائية البارزة في البحرين، تولت منصب أمين عام مساعد لشؤون العلاقات العامة والإعلام والبحوث في السلطة التشريعية كأول امرأة تتولى هذا المنصب على مستوى الوطن العربي وأول سيدة تتولى منصب مستشار الرئيس لشؤون العلاقات والإعلام في مجلس تشريعي، ابنة "فريج الفاضل" الأولى دائماً في جميع المحافل، هي د. فوزية الجيب التي سردت لـ"الوطن" ذكريات الطفولة في الفريج وأيام الدراسة في القاهرة وذكريات العمل في وزارة الإعلام ونقطة التحول في حياتها لتصبح أمين عام مساعداً بمجلس الشورى ولمحات من حياتها العائلية والأسرية، فكانت لنا هذه المسيرة معها.

من هي فوزية الجيب؟

- د. فوزية يوسف عبدالله الجيب ولدت في قلب المنامة وتحديداً في فريج الفاضل الفريج المتميز بدواعيسه وبيوته المتلاصقة، البيت العود لكل سكانه، خرج أجيالاً منهم الوزراء والوكلاء والأطباء والمهندسون والضباط وأعضاء في مجلس الشورى كما خرجت منه شخصيات وطنية بارزة مازالت تسهم في بناء الوطن ونهضته، امرأة بحرينية طموحة، معطاءة، عاشقة للوطن وشغوفة بخدمته، ولاؤها لامحدود للوطن وقيادته الحكيمة لها مسيرة علمية وعملية وتطور وظيفي، جاء نتاج العمل المخلص والجاد خلال الخدمة الطويلة وشغل العديد من الوظائف في القطاعين الخاص والحكومي.

أبرز ذكريات الطفولة والمرحلة الدراسية؟

- أجمل طفولة وأيام العمر في فريج الفاضل، كنا نلعب الألعاب الشعبية في الفريج مثل السكينة، والتيله، والخشيشه، حتى كرة القدم اللي كانت معروفة بأنها لعبة الأولاد، وتقريباً كل أسبوع في الصيف يتم الترتيب بين "نسوان الفريج" يضعون "الحطية" ويؤجرون الباص إلى عين عذاري أو بوزيدان وكنا نقضي أجمل أوقاتنا هناك، أما مشوار التعليم، فكانت والدتي رحمها الله وأختي الكبيرة فاطمة حريصتين على تشجيعي للدراسة وأن أكون الأولى لا متفوقة وحسب، حيث تميزت ولله الحمد بتفوقي في جميع المراحل الدراسية، ودرست في مدرسة عائشة أم المؤمنين إلى المرحلة الإعدادية، وأذكر أنني كنت أذهب مع أخواتي وبنات الفريج مشياً إلى المدرسة وأذكر أنني كنت دائماً الزعيمة في الفصل، أحب الجلوس مقابل السبورة "أول وحده، بعدها انتقلت إلى مدرسة المنامة الثانويه للبنات، واخترت التخصص الأدبي لحبي للقراءة وكتابة القصص، وكلمات لعيد الأم أو المناسبات الوطنية وتلاوتها في طابور الصباح أو في احتفالات المدرسة وواصلت زعامة الصف، والجلوس على أول كرسي، ودخلت في المرشدات وأصبحت رئيسة فرقة.

من هي الأسرة في حياة د. فوزية الجيب؟

- أسرتي هي أوكسجين حياتي وجمالها وشركاء نجاحي، أبنائي هم ثروتي في الحياة، والدي رحمه الله يوسف عبدالله الجيب من مواليد مدينة الحد، توفي في ديسمبر 2019 كان رجلاً متعلماً وحافظاً للقرآن الكريم، بدأ حياته العملية كنوخذه في البحر بعدها التحق بشركة كري مكنزي مدة تزيد عن 20 سنة وفي آخر 16 سنة من حياته اشتغل في شركة بترول في الكويت حيث كان يتنقل بين جزيرة داس والإمارات والكويت، وتعلمت من الوالد الصبر وسعة الصدر والحلم وحب الناس، أما والدتي -رحمها الله- فدائماً أقول ربتنا امرأة لا تقرأ ولا تكتب، ولكنها بالفعل علمتنا ما لا تستطيع جامعات العالم تعليمه، كانت الأم والأب بحكم عمل الوالد في الخارج، كانت بسيطة ومحبوبة عند نساء الفريج، كانت مدرسة للأخلاق والتعامل مع الجيران، غرست فينا مفاهيم كثيرة منها الولاء للوطن بمفهومه البسيط وكانت دائماً تقول: " أهم شي ديرتكم، درسوا زين علشان تصيرون دكاتره، اشتغلوا في ديرتكم وخدموا فيها، شهادتكم أهم سلاح لكم"، وأسرتي كانت تتكون من 7 إخوة وولدين و5 بنات أنا أصغرهم.

ماذا عن الحياة العائلية الزوج والأبناء؟

- تزوجت في أبريل 1982 من أحمد محمد بوحجي من محافظة المحرق عمل بصفة مدير الخدمات المصرفية بالبنك المركزي حينها (متقاعد حالياً)، وهو ابن الطواش محمد بن يوسف بوحجي، والدة زوجي كانت أنموذجاً لي في تربية أبنائي، تحب الجميع دون تفريق، متعلمة، هادئة وحليمة ونعم المربية والأم الحاضنة لنا ولأحفادها. أنجبت 3 أولاد وبنت، وأعتبرها أحلى العطايا من رب العالمين، أفتخر وأعتز بهم، أذكر حينها كنت بيتوتية من "الشغل إلى البيت"، نسيت العالم وتعبت على تدريسهم وكان يشاركني زوجي في المهمة كلها من تربية وتعليم، أبنائي هم كل حياتي محمد، وسارة، ةحمد، ةيوسف كلهم ولله الحمد متميزون ومتفوقون دراسياً ويعملون الآن في القطاع الحكومي، وانضم لعائلتي 4 أبناء وأربع بنات، فزوج ابنتي هو الابن الرابع وزوجات أبنائي الثلاث هن بناتي، ولدي أحفاد هم حياتي وروحي يملؤون حياتنا بالفرح والسعادة، أرى فيهم صورة أبنائي وهم صغار.

حدثينا عن حقبة الدراسة الجامعية وأبرز ذكرياتك فيها؟

- بعد الثانوية العامة، حصلت على بعثة دراسية من وزارة التربية والتعليم للدراسة في جامعة القاهرة، كلية الآداب، وحصلت على ليسانس آداب (قسم التاريخ) عام 1979، أتذكر أننا في القاهرة كنا عدداً كبيراً من البحرينيين والبحرينيات، وكان هناك دفعات سبقونا للدراسة ونلتقي معهم في فرع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج إلى جانب طلبة الدول الأخرى من الكويت والإمارات وعمان، إلى أن تم فتح نادي طلبة البحرين في الخارج، في آخر عام دراسي لي والتحقت بالنادي كعضوة، وأتذكر عند افتتاح النادي أننا تشرفنا بزيارة الأمير الراحل المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة وكان يوم عيد بالنسبة لنا جميعاً، تشرفنا بالسلام عليه وأعطانا جرعات من التحفيز للدراسة والجد لنعود ونخدم الوطن، وبعد التخرج في القاهرة حصلت على بعثة إلى بريطانيا لمدة عام لدراسة اللغة الإنجليزية في الـLTC ودورة في إدارة الأعمال فيLondon school for foreign trade.

ما هي أبرز محطات الحياة المهنية؟

- بعد الدراسة في القاهرة ولندن عدت إلى البحرين، وبحكم أني مبتعثة من وزارة التربية والتعليم رجعت وأصبحت مدرسة لغة إنجليزية في مدرسة مدينة عيسى الثانوية للبنات بعدها تم الاتصال بي للمقابلة مع شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات حينها كانت شركة تحت الإنشاء، وبالفعل التحقت بالعمل معهم بصفة ضابط توظيف من عام 1980 إلى 1982، ثم عملت بصفة منسقة شؤون الموظفين في بنك البحرين والكويت في الفترة من 1982 إلى 1984 والتحقت بالبنك البحريني السعودي بصفة رئيس شؤون الموظفين والتدريب في الفترة 1984 إلى 1990، وأذكر أنني كنت ألتحق بالعديد من الدورات التدريبية وحصلت على دبلوم الدراسات المصرفية والتقيت حينها بزوجي في عدد من المواد في نفس الصف الذي كان يعمل في المجال المصرفي.

بعدها قررت الالتحاق بالعمل في وزارة الإعلام/ إدارة السياحة والآثار في عام 1990، وتدرجت في العمل وتقلدت الوظائف من اختصاصية تراخيص سياحية إلى مراقب تراخيص سياحية إلى رئيس قسم التراخيص السياحية إلى عام 2004 ثم رئيس قسم الجودة بمكتب وزير الإعلام لمدة أقل من عام.

حدثينا عن قصة اتخاذك قرار إكمالك الدراسات العليا؟

- لطموحي اللامحدود وتشجيع زوجي ومساندته وتعاونه ومساعدته بالمشاركة في تربية الأبناء وتعليمهم لا أنساه، تقدمت بطلب لوزير الإعلام السابق رحمه الله طارق المؤيد بطلب بعثة دراسية، لدراسة الدبلوم العالي والماجستير من جامعة القديس يوسف بالجمهورية اللبنانية في عام 1993م، وتمت موافقة الوزير على البعثة، وأنهيت الدبلوم العالي والماجستير في التاريخ، وبعدها بتشجيع من أختي شيخه وزوجي أحمد، حصلت على بعثة دراسية من قبل وزارة الإعلام لدراسة الدكتوراه، وتحققت أجمل أمنياتي بحصولي على درجة الدكتوراه في العلوم الإنسانية في عام 2002، وكنت أول خريجة دكتوراه خليجية في هذه الجامعة العريقة.

كيف انتقلتِ من وزارة الإعلام إلى مجلس الشورى؟

- انتقالي من وزارة الإعلام إلى مجلس الشورى، الفضل فيه بعد الله يرجع إلى إسماعيل البنمحمد، إذ كنا نعمل سنوات كأعضاء في اللجنة التنظيمية لمهرجان العيد الوطني برئاسة إبراهيم نور مدير العلاقات بوزارة الإعلام من عام 1992 إلى 2003، حينها اتصل في بوبسام إسماعيل مدير العلاقات والإعلام بمجلس الشورى، وطلب مني السيرة الذاتية ورتب لي للمقابلات وإنهاء التقديم لوظيفة رئيس قسم الإعلام بمجلس الشورى وبتاريخ 2005 تم نقلي من وزارة الإعلام إلى العمل بمجلس الشورى بصفة رئيس قسم الإعلام، والحمد لله تدرجت في السلم الوظيفي، وفي أكتوبر 2007 تمت ترقيتي إلى وظيفة مدير العلاقات البرلمانية والإعلام والمراسم، ثم تمت ترقيتي إلى وظيفة أمين عام مساعد لشؤون العلاقات والإعلام والبحوث في يناير 2014 حتى تاريخه وقد توليت خلال عملي في مجلس الشورى رئاسة اللجنة الاجتماعية وذلك منذ عام 2005 إلى عام 2012، ورئاسة لجنة تكافؤ الفرص منذ عام 2012 إلى اليوم.

أبرز المحطات التي تذكرينها لنا ضمن عملك بمجلس الشورى؟

- من حسن الطالع أن يتزامن الجزء الأكبر من سنوات العمل المديدة ما يقارب 16 عاماً بمجلس الشورى مع رئاسة علي بن صالح الصالح لهذا الصرح التشريعي العتيد، وقد سمحت لي طبيعة مهام عملي أن أكون على تواصل يومي ومباشر معه، حيث تسنى لي الاستفادة من هذه القامة الوطنية، كما أتاح لي عملي التواصل والاستفادة من الأمين العام للمجلس المستشار أسامة أحمد العصفور وتوجيهاته في مجال العمل الإداري الحديث.

في عام 2012 عملت ضمن الفريق الإعلامي الخاص باللجنة الوطنية لمتابعة توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي ترأسها رئيس مجلس الشورى علي الصالح، وبعدها كنت المرافق إلاعلامي للوفد البرلماني الممثل للبحرين في الزيارات إلى أوروبا وأمريكا في عام 2002 كما تم تعييني عضواً في الفريق الوطني المعني بإعداد التقرير الوطني الرابع للمملكة حول اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) في عام 2017م حتى تاريخه.

وعلى الصعيد العربي تم ترشيحي من قبل المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، لعضوية اللجنة التأسيسية للشبكة العربية للتواصل والعلاقات العامة التابعة (2017-2018).

كلمة أخيرة؟

- إن المرأة البحرينية محظوظة بقيادة الوطن وما تقدمه من مزايا واهتمام ودعم، أولها اهتمام جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه فهو الداعم الأول للمرأة البحرينية، وإنشاء المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظهما الله ورعاهما، ودور سموها المتميز في التعاطي مع قضايا المرأة والعمل على تمكينها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والسياسية، ساهم بشكل واضح في إحداث نقلة نوعية على صعيد مشاركة المرأة البحرينية في هذه المجالات، وفتح المجال لتشغل المرأة أعلى المواقع والمراكز كشريك أساسي في صنع نهضة الوطن وازدهاره، فأصبحت المملكة نموذجاً ناجحاً يحتذى لتمكين المرأة في المنطقة في مختلف الميادين، ولا شك أن المرأة البحرينية مقبلة على مزيد من الإنجازات والتقدم بفضل الرعاية التي يوليها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله لكل ما من شأنه الارتقاء بمكانة المرأة البحرينية.